اليمن: بن عمر يغادر دون التوصل لتسوية واستعدادات عسكرية ميدانية

خلافات حول إعادة هيكلة الجيش أعاقت الوصول إلى اتفاق

محتجون يمنيون لونوا وجوههم بألوان العلمين اليمني والسوري أثناء مسيرة للمطالبة برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

غادر المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، أمس، اليمن عائدا إلى نيويورك، بعد فشل في الجولة الجديدة من المساعي الدولية للتوصل إلى تسوية للوضع في اليمن، وتزامنت مغادرة بن عمر مع أنباء عن توجه دولي لنقل ملف الأزمة اليمنية إلى مجلس الأمن ليتخذ بشأنها قرارا، هذا في وقت تواصلت فيه التطورات الأمنية على الميدان، حيث توسع نطاق الاستعدادات العسكرية من مختلف الأطراف في صنعاء للمواجهة العسكرية.

وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء أن مغادرة مستشار ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، جمال بن عمر لصنعاء، جاءت في أعقاب فشل مساعيه التي قام بها لأكثر من أسبوعين، ولقاءاته التي أجراها مع كل الأطراف اليمنية من أجل إقناع الأطراف المتناحرة بالتوقيع على المبادرة المطورة، التي تقدمت بها المنظمة الدولية، وفي الوقت الذي لم يحمل المسؤول الأممي طرفا بعينه مسؤولية فشل مساعيه، فإن الأطراف في السلطة والمعارضة تتبادل الاتهامات بشأن عدم التوقيع على الآلية الخاصة بتطبيق المبادرة الخليجية، التي يرفض الرئيس علي عبد الله صالح التوقيع عليها منذ عدة أشهر.

ومن أبرز النقاط الخلافية التي تسربت في إطار مساعي المبعوث الأممي، رفض الرئيس صالح مقترحا بإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، قبيل إجراء انتخابات مبكرة، ويصر على إعادة الهيكلة بعيد إجراء الانتخابات المبكرة التي وضعت كإحدى المقترحات للتسوية السياسية في اليمن، غير أن المعارضة تطالب بإعادة الهيكلة أولا، كي لا يتم تزوير الانتخابات، حسب قولها.

وأدلى بن عمر بتصريحات صحافية قبيل مغادرته، قال فيها إنه متأثر كثيرا بـ«قدرة التحمل التي تبديها كل شرائح الشعب اليمني وهي تحاول التكيف مع العنف والنقص في الإمدادات، والقيود على الحركة، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبلهم»، لكنه أشار إلى أن لـ«صبر اليمنيين حدود، وتقع على عاتق جميع القادة اليمنيين مسؤولية كسر هذا الجمود. على صعيد آخر، نفى مصدر في رئاسة الجمهورية اليمنية، الأنباء الصحافية المنسوبة لمصدر في مكتب نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، التي تعاملت معها وسائل الإعلام، ومفادها أن الولايات المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، وكذا دول مجلس التعاون الخليجي، سوف تتقدم بملف الأزمة اليمنية إلى مجلس الأمن لمناقشتها والخروج بقرار بشأن وضع اليمن تحت «البند السابع»، أي تطبيق المبادرة تحت وصاية أممية، وذلك إذا لم يتراجع الرئيس صالح عن مواقفه ويوقع على المبادرة الخليجية التي تنص على تنحيه عن الحكم، وأكد المصدر الرئاسي أن «هذا التصريح لا أساس له من الصحة، وأنه ليس هناك أي شخص مخول بالتصريح باسم نائب رئيس الجمهورية».

من جهة أخرى، قال نائب الرئيس، عبد ربه منصور هادي، إن قرار تفويضه من الرئيس بالحوار مع المعارضة ما زال ساري المفعول، وأكد هادي، في اتصال هاتفي تلقاه من ألن روبن سيربي، مستشار رئيس الوزراء البريطاني لشؤون مكافحة الإرهاب، أن الحوار الجاري مع أحزاب المعارضة «قد قطع شوطا متقدما، ومن المتوقع الاتفاق النهائي على ما تبقى من قضايا في الأيام القليلة المقبلة».

وفي الميدان، تجري تطورات أمنية كثيرة تتعارض مع ما يتم إعلانه، حيث قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الحكومية قامت بإخلاء عدد من المباني الحكومية في شارع المطار، بالقرب من حي الحصبة، من الموظفين الذين صرفوا إلى منازلهم، وقامت تلك القوات بالسيطرة على المباني، ومنها مبنى البريد العام ومبنيا وزارتي الاتصالات والبريد، إضافة إلى السيطرة على عدد من المدارس وإيقاف الدراسة فيها.

وأكدت مصادر متطابقة أن المتاريس والحواجز الأمنية والاستعدادات العسكرية ازدادت، أمس، بشكل كبير من قبل كل الأطراف، حيث قطعت المزيد من الطرقات الرئيسية والفرعية من قبل القوات الموالية لصالح، وأخرى من قبل القوات المؤيدة للثورة، ويعتقد المراقبون أن هذه الخطوات تمثل مقدمات لاندلاع مواجهات عسكرية مسلحة بين القوات الموالية والقوات التابعة لمناوئيه.

في هذه الأثناء، تواصلت المظاهرات والمسيرات في أكثر من محافظة يمنية، وتمكن عشرات الآلاف من المتظاهرين، أمس، من الاقتراب من إحدى المناطق التي تسيطر عليها قوات صالح العسكرية والمدنية، حيث انطلق المتظاهرون من «ساحة التغيير» بحماية من قوات الفرقة الأولى مدرع، التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، وتمكنوا من الوصول بالقرب من منطقة شعوب، قبل أن تمنع من قبل القوات الحكومية من مواصلة التقدم، وفي صنعاء، أيضا، لقيت طفلة مصرعها وجرح آخرون في قصف استهدف شارع الرياض (هائل سابقا)، الذي تسيطر عليه قوات الفرقة. وفي تعز تجددت، أمس، الاشتباكات بين قوات الحرس الجمهوري، من جهة، والمسلحين المؤيدين للثورة الذين هم خليط من العسكريين المنشقين ورجال القبائل، كما شهدت تعز، أيضا، مظاهرات حاشدة في إطار «الحسم الثوري»، ومضت في طريقها على الرغم من التشديد الأمني وانتشار القناصة.