قتل العولقي.. ولكن ما زال هناك الكثيرون غيره

عشرات المسلحين قتلوا جراء الضربات الجوية في أبين.. ومحافظات نائية تخرج عن سيطرة الحكومة تماما

أنور العولقي إبان وجوده في أميركا (واشنطن بوست)
TT

على الرغم من وفاة أنور العولقي، رجل الدين اليمني الأميركي الذي كان بمثابة الداعية للمجاهدين الطموحين في جميع أنحاء العالم، فإن معركة اليمن ضد تنظيم القاعدة لم تنته بعد، حيث خاضت قوات الأمن في مطلع الأسبوع حربا ضد المسلحين الإسلاميين الذين يسيطرون على مساحات كبيرة من الأراضي في جنوب البلاد المضطرب.

وقال مسؤولون أمنيون محليون إنه في زنجبار، وهي المدينة التي استولى عليها في شهر مايو (أيار) الماضي مسلحون إسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة، قتل نحو 25 مسلحا و20 جنديا في المعارك التي دارك خلال اليومين الماضيين.

وقال المسؤولون إن عشرات من المسلحين الآخرين قتلوا من جراء الضربات الجوية في أماكن أخرى من محافظة أبين، حيث ضربت إحدى تلك الغارات مدرسة في مدينة جعار التي استخدمها المسلحون كقاعدة لهم.

كما أعلنت الحكومة يوم الأحد الماضي أن إبراهيم حسن عسيري، وهو صانع القنابل السعودي وردت أنباء عن أنه ربما يكون قد قتل في الغارة الجوية التي شنت ضد العولقي يوم الجمعة، لم يكن بين القتلى. كما حدد مسؤول يمني هوية اثنين آخرين قتلا في الغارة الجوية الأميركية وهما محمد سالم الناج وعبد الرحمن بن عرفج، واللذان يعتقد في كونهما عضوين في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، التابع لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وبينما تتنافس فصائل مختلفة من أجل السيطرة على الحكومة في صنعاء، تمثل القوة المتزايدة لتنظيم القاعدة تحديا لأي حكومة في المستقبل، كما تمثل مصدر قلق كبيرا للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، واللتان تعتبران هدفين دوليين رئيسيين للتنظيم.

وقد واجه الرئيس علي عبد الله صالح، الذي يحكم البلاد منذ 33 عاما، خلال الأشهر الأخيرة احتجاجات ضخمة في الشوارع، وتحديات لسلطته من قبيلة منافسة ولواء جيش منشق، وضغوط دولية تطالبه بالتنحي.

وفي الوقت نفسه، خرجت بعض المحافظات النائية عن سيطرة الحكومة تماما، بينما لا يزال القتال مستمرا في بعض المحافظات الأخرى بين الحكومة وخصومها. وقد خلقت هذه الفوضى فراغا أمنيا نجح تنظيم القاعدة في استغلاله.

ففي محافظة شبوة، التي جاءت منها أسرة العولقي، يقول السكان إن بعض رجال القبائل المرتبطين بتنظيم القاعدة يسيطرون على مساحات واسعة من الأراضي ويقيمون نقاط تفتيش كما لو كانوا هم السلطة الحاكمة في جميع أنحاء المحافظة.

وفي محافظة أبين، المتاخمة لمحافظة شبوة من الجنوب الغربي، استولى المسلحون الإسلاميون في البداية على مدينة جعار في أواخر مارس (آذار)، حيث داهموا البنوك واستولوا على المباني الحكومية، ثم انتقلوا من جعار إلى الجنوب ليستولوا على عاصمة المحافظة الساحلية، مدينة زنجبار، في مايو (أيار) الماضي. ووفقا للسكان المحليين في جعار وزنجبار فقد فرت قوات الأمن من المدينتين وسمحوا للمسلحين بالدخول ليعيثوا فسادا في كلتا المدينتين. وقد أدى القتال في أبين إلى تشريد الآلاف من المدنيين الذين فروا إلى مدينة عدن الساحلية القريبة.

وقد بدا أن الحكومة، حتى شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث كانت مشغولة بالاضطرابات في العاصمة ومناطق أخرى، لا تولي اهتماما يذكر بمحافظة أبين، حيث اشتبك لواء واحد فقط، لم يكن واضحا لمن يدين بالولاء، مع المتشددين هناك. وقد ظل هذا اللواء، الذي يقوده اللواء محمد الصومالي، محاصرا لعدة أشهر، من قبل مسلحين، في ملعب رياضي خارج مدينة زنجبار، حيث تلقى خلال تلك الفترة إنزالا جويا واحدا على الأقل من المؤن الغذائية والمستلزمات الضرورية من الحكومة الأميركية. وقد بدأت الحكومة في منتصف شهر يوليو، في شن الغارات الجوية ضد المسلحين، وأرسلت تعزيزات في الشهر الماضي من مدينة عدن لفك الحصار المضروب حول لواء الصومالي واستعادة مدينة زنجبار. وعلى الرغم من أن الحكومة قد بشرت بنجاحها قبل ثلاثة أسابيع، مدعية أن قواتها قد استعادت زنجبار وأجبرت المسلحين على الفرار، فإن الاشتباكات مستمرة داخل المدينة، كما يظهر من القتال العنيف الذي استمر على مدى عطلة نهاية الأسبوع.

وقد أصدر تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ليلة السبت بيانا أعلن فيه مسؤوليته عن قتال قوات الأمن في زنجبار، وكذلك عن سلسلة من الهجمات بالقنابل على مبان حكومية في عدن في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.

وذكر البيان أن «المجاهدين تمكنوا من نصب كمين لقوات الأمن السياسي في المنطقة المحيطة بمبنى الأمن السياسي في زنجبار، حيث تم قتل مائة وثلاثين من قوات الأمن السياسي، بينما أصيب عدد آخر غير محدد منهم».

وفي الجنوب، حيث ما زال جزء كبير من السكان ساخطا على الحكومة المركزية، فإنه من الصعب التفرقة دائما بين من هو عضو في تنظيم القاعدة ومن هو مجرد شاب يحمل مسدسا. ومع ذلك، توحي التقارير المحلية ومقاطع الفيديو القادمة من زنجبار بوجود بعض عناصر «القاعدة» على الأقل بين صفوف المسلحين الذين يقاتلون الحكومة هناك، وبعضهم من الأجانب، بينما يبدو أن بعض المسلحين الآخرين قد جاءوا من المحافظات الأخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»