إرهابيون يهود يحرقون مسجدا في قرية عربية في إسرائيل

الشرطة: لم تصلنا أي معلومات استخبارية أو تحذيرات عن نية عناصر من اليمين القيام بمثل هذه الأعمال

الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس وكبيرا حاخامات إسرائيل والشيخ محمد كيوان رئيس نقابة الأئمة لدى تفقدهم المسجد الذي تعرض للحريق أمس (أ.ف.ب)
TT

اندلعت مواجهات عنيفة بين مواطنين عرب غاضبين وقوات الشرطة الإسرائيلية في أعقاب قيام إرهابيين يهود بإحراق مسجد كبير في قرية «طوبا الزنجرية» في الجليل، فجر أمس. وأعلنت هذه القوات حالة الطوارئ على أثر هذه الصدامات وقمعت بقوة شديدة مظاهرة الأهالي، بحجة تعطيلهم حركة السير في شارع 90، الذي يربط بين الحدود مع لبنان وخليج العقبة على البحر الأحمر. وفي الوقت نفسه فرضت السلطات الإسرائيلية التعتيم على التحقيق في الجريمة، فيما استنكر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الحادث وأمر رئيس المخابرات بالتحقيق السريع وإلقاء القبض على المجرمين في أسرع وقت.

وكان المصلون في قرية طوبا الزنجرية، الواقعة في أعالي الجليل الشرقي قرب بحيرة الحولة، قد فوجئوا فجر أمس، بألسنة النيران تأتي على واحد من مسجدين في القرية، الأمر الذي أسفر عن أضرار جسيمة جدا في مبنى المسجد وممتلكاته، حيث احترقت عشرات النسخ من القرآن الكريم، وكتب التعليم الإسلامية. وترك الفاعلون وراءهم، علامات تدل على هويتهم، إذ كتبوا باللغة العربية الشعار «تاغ محير» (تسعيرة)، وهو نفس الشعار الذي يستخدمه الإرهابيون من المستوطنين الذين أحرقوا المساجد في الضفة الغربية.

وقال مصدر في الشرطة إن الشبهات تدور حول يهود متطرفين من مدينة صفد، حيث يحاول رجل الدين الرئيسي فيها طرد العرب منها، ويشن باستمرار حملات عنصرية. ولكن المصدر لم يستبعد أيضا اتجاهات أخرى رفض الإفصاح عنها. وقالت مصادر إعلامية إن الشرطة تمكنت من اعتقال عدد من المشبوهين، لكنها استصدرت أمرا من المحكمة يمنع نشر أي تفاصيل عن الموضوع. وكما كان متوقعا، فإن الاعتداء الإجرامي على المسجد، هز أهل القرية وفجر عاصفة من الغضب لديهم. وراح إمام المسجد، الشيخ فؤاد شحادة، يروي ما حصل والدموع تترقرق في عينيه. وقال: «الأوضاع في القرية متوترة جدا، ويوجد الأهالي الآن أمام المسجد، حيث أعلنوا عن مظاهرة داخل البلد بعد صلاة الظهر إضافة إلى تعطيل المدارس».

وأعلن الأهالي أيضا الإضراب في القرية، وأخذ المئات منهم بالتوافد إلى المسجد، ومن ثم توجهوا بمسيرة احتجاجية باتجاه الشارع الرئيسي. وقام بعض الشباب الغاضب بإشعال النيران في الإطارات، واندلعت مواجهات مع أفراد الشرطة الذين تواجدوا بالمكان، فأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه الحشود لتفريقهم، واستعان الشرطة بمروحية لرصد التحركات ومتابعة تطورات الأحداث.

وأفادت الشرطة في بيانها لوسائل الإعلام، أنها أعلنت حالة تأهب قصوى في الشمال والجليل إثر هذا الحادث. وقالت إن قيادة الشرطة توافدت إلى المنطقة وعلى رأسها قائد اللواء الشمالي بالشرطة، الضابط روني عطية، من أجل التحقيق فيه. وأكدت في بياناتها لوسائل الإعلام، أنه لم تصلها أي معلومات استخبارية أو تحذيرات عن نية عناصر من اليمين القيام بمثل هذه الأعمال أو المساس بالمواطنين العرب. واستنكر وزير الأمن الداخلي، يتسحاق اهرونوفيتش، هذا العمل، وقال إنه ينظر ببالغ الخطورة لعملية إحراق المسجد، و تحدث إلى قيادة الشرطة وطالبها باتخاذ كافة التدابير للوصول إلى الجناة بأسرع وقت ممكن وتقديمهم للمحاكمة، مؤكدا أن ذلك لن يمر مرور الكرام على الأجندة اليومية.

وأصدر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بيانا حادا ضد الجريمة قال فيه إنه اتصل برئيس جهاز الأمن العام، وأوعز إليه بإلقاء القبض على المسؤولين عن جريمة إحراق المسجد في قرية طوبا الزنجرية في الجليل الأعلى في أسرع وقت. وقال «إن هذه الجريمة أثارت غضبه الشديد لأنها تخالف القيم التي تعتنقها إسرائيل وعلى رأسها حريتا العبادة والديانة، وتسيء لليهودية والصهيونية ولا محل لها في دولة إسرائيل». ورد حسين الهيب، رئيس المجلس المحلي في طوبا، قائلا: «أتهم الحكومة اليمينية المتطرفة بهذه الأعمال الهمجية، والتي تقوم بها جماعات يهودية متطرفة تستورد هذه الفتن من المستوطنين في الضفة الغربية، وتجلبها إلى داخل الخط الأخضر. على رئيس الحكومة، نتنياهو، أن يترك كل أعماله وأشغاله ويأتي فورا إلى طوبا ليعتذر لأهلها عمّا حدث. فهذا الحدث لن يمر مرورّ الكرام إذا لم تقم الشرطة بإلقاء القبض على المجرمين». وهرع إلى القرية القادة السياسيون العرب ورجال دين عديدون، مسلمون ومسيحيون، وساد الإجماع بأن التصعيد في أجواء التطرف اليميني في إسرائيل، والتي تتحمل مسؤوليتها حكومة نتنياهو، بسلسلة القوانين العنصرية التي بادرت إليها وبتصريحات وزرائها، وفرت تربة خصبة لتأجيج العداء للمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) وتحويله إلى جرائم عنصرية.

الجدير ذكره أن حرق مسجد طوبا، أمس، ليس هو الأول من نوعه داخل إسرائيل. فقد سبق وأن حرق مسجد إبطن قبل سنوات، ووضعت قنبلة في مسجد الحاج عبد الله في حي الحليصة في حيفا، وجرت محاولة حرق مسجد حسن بيك في يافا وإلقاء رأس خنزير عليه، وحرق مسجد البحر في مدينة طبريا. ولم يحاسب أحد عن هذه الجرائم.