قيادي في حزب الدعوة: خلافات داخل التحالف الوطني لشعور مكوناته بالتهميش من قبل المالكي

سليم الحسني لـ «الشرق الأوسط»: دولة القانون ساهمت في شق الصف الشيعي وخالفت رأي المرجعية

سليم الحسني («الشرق الأوسط»)
TT

كشف سليم الحسني، القيادي ومؤرخ حزب الدعوة الإسلامية، عن «وجود خلافات عميقة داخل التحالف الوطني»، واصفا هذا التحالف بـ«الضعيف» كونه «نشأ على أرض رخوة، وفي أجواء مرتبكة عاجلة، من أجل تشكيل الحكومة، وهذه قضية معروفة في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية، وعليه فقد حمل هذا التشكيل الخلافات القديمة معه، ثم تزايدت هذه الخلافات بعد تشكيل الحكومة، حيث أدركت مكونات التحالف بأنها وجودات هامشية لا أثر ولا قرار لها في القضايا الحكومية الكبرى، فراحت الأصوات تتصاعد من التيار الصدري والمجلس الأعلى بفردية دولة القانون، وتحديدا المالكي، بالقرار السياسي»، مشيرا إلى أن «هذه الاعتراضات التي تأخذ شكل الشكوى والتظلم، هي إدانة للتيار الصدري والمجلس الأعلى والمكونات الأخرى في التحالف، لأنها وافقت أن تكرر التجربة مع المالكي الذي خبرته وعرفته في ولايته، فكيف تكرر التجربة معه ثانية؟ صحيح أنها خضعت لضغوط سياسية، لكن عليها أن تحترم ضعفها، فهذا قدر الضعيف عندما يستجيب للضغوط، مع ملاحظة أن هذه الشكاوى والتظلمات لا ترقى حتى الآن إلى مستوى الفعل المؤثر، إنما تراوح مكانها كظاهرة صوتية حزينة يسمعها المواطن كل يوم، ولا يترتب عليها موقف حاسم».

وعلق الحسني الذي كان قد انتمى لحزب الدعوة الإسلامية عام 1973 ويعد المؤرخ الأهم وكاتب وثائق الحزب، قائلا لـ«الشرق الأوسط» في لندن أمس على خلفية محاولة الجعفري رئيس التحالف الوطني لتوحيد أصوات أعضاء مكونات التحالف في البرلمان «لا توجد رئاسة للتحالف الوطني بالمعنى الإداري الدقيق، فكل طرف من أطراف التحالف يقرر ويتصرف وفق مصلحته ورؤيته الخاصة، أما رئاسة التحالف فهي وجود شكلي صرف، لا تتجاوز دور المصلح الساعي إلى تقريب وجهات نظر بين مكونات التحالف المتقاطعة بشدة، دون أن تتمتع بصفة الإلزام والتأثير. ولذلك لاحظنا أن الاجتماع الأخير لم يسفر عن نتيجة مقبولة، فقد بقيت الخلافات هي السائدة داخله، وفي قضايا مفصلية مثل الموقف من قانون هيئة النزاهة الوطنية، حيث كانت دولة القانون لوحدها في مواجهة بقية المكونات، كما كانت هناك تجربة أخرى مهمة، وهي الموقف من المفوضية العليا للانتخابات فقد تكرر نفس المشهد، مما يشير إلى أن التحالف الوطني هو اسم فارغ من المحتوى، وإطار يضم كتلا متخاصمة تتبادل الشكوك والاتهامات، ولاحظنا أن التصريحات تصل إلى مستويات حادة بين نواب كتله، وهو أمر لا يشير إلى وحدة بنائية متماسكة، أو كتلة برلمانية بالمعنى المتعارف عليه»، منبها إلى أنه «يكفي مثلا أن نستشهد بخبرين الأول أن المالكي رفض اللقاء بالسيد عمار الحكيم مشترطا أن يتخلى عن نقده للحكومة، والثاني رفض السيد مقتدى الصدر لقاء قادة دولة القانون ما لم تف الحكومة بالتزاماتها للمواطنين، وهذا يكشف حجم الخلافات الداخلية».

وأفاد الحسني بأن «هناك إحساسا عميقا لدى مكونات التحالف الوطني والمرجعيات الدينية وشرائح مثقفة واجتماعية أن دولة القانون ساهمت في شق الصف الشيعي، وأحدثت شرخا كبيرا فيه، وذلك عندما أصرت على أن تخوض الانتخابات البرلمانية في قائمتها الخاصة بعيدا عن الائتلاف الوطني، وكان لهذا الموقف تداعياته على الوسط الشيعي، كما أن آثاره ستبقى عميقة ضاربة في وحدة الصف الشيعي، كمكون اجتماعي، هذا ما تنظر له النخب السياسية والدينية والشعبية الشيعية»، مستطردا «ثم ذهبت دولة القانون إلى أكثر من ذلك حين خرجت على إرادة المرجعية وفرضت خضير الخزاعي نائبا لرئيس الجمهورية، رغم تصريح المرجعية بتقليص عدد نواب الرئيس، وهذه هي المرة الأولى في تاريخ الأحزاب الإسلامية التي يهمل فيها رأي المرجعية بهذه الصورة، علما بأن متبنيات حزب الدعوة الفكرية هو الالتزام بتوجيهات ورأي المرجعية، باعتباره يمثل رؤية شرعية يجب التمسك بها».

وأكد القيادي في حزب الدعوة الإسلامية أن «الخلافات لا تنحصر بين مكونات التحالف الوطني، بل إنها تمتد إلى داخل دولة القانون، وتحديدا إلى داخل حزب المالكي، مع تأكيدي المتواصل أن هذا الحزب الذي يقوده المالكي هو ليس حزب الدعوة الإسلامية، وإنما هو حزب المالكي أو حزب دولة القانون، أو أي تسمية أخرى يرغبون بها، فالخلافات داخل هذا الحزب بدأت تتحرك في مستويات مختلفة، خصوصا أن القيادة فقدت وجودها الحقيقي، وتم اختصارها بشخصين أو 3 يلتصقون بالمالكي، وينفذون حرفيا ما يريد، أو يبادرون إلى تحقيق ما يرغب فيه، أما الشخصيات الأخرى في القيادة فهي إما مهمشة أو قانعة بما حصلت عليه من مكاسب، أو أنها ضعيفة من الأساس بحكم فقرها الفكري والتنظيمي»، كاشفا عن أن «النقطة المهمة في هذا الاتجاه، أن أصوات الدعاة بدأت تتحرك عن مصير هذا الحزب الذي يمتلك تاريخا مشرقا عميقا، وكيف يمكن لمثل هذا التراث النضالي أن يصادر من قبل شخص أو مجموعة أشخاص منتفعين، بحيث تكون النتيجة إساءة إلى الإسلام والحركة الإسلامية، وهذا ما جعل مجاميع من الدعاة تبدي امتعاضها مما يجري وتدعو إلى نهوض جديد للحزب والعمل على إعادة بنائه».