العقيد المنشق الأسعد يعلن لجوءه إلى تركيا ويؤكد تواصله مع المجلس الوطني لتنسيق الجهود

أردوغان يتحضر لإعلان خطة تركيا لفرض عقوبات على نظام الأسد.. والجيش التركي يجري مناورات على الحدود

صورة مأخوذة من موقع «أوغاريت نيوز» المعارض لمظاهرة طلابية في دير الزور
TT

أعلن العقيد السوري المنشق رياض الأسعد، وهو من أرفع الضباط الذين انشقوا عن الجيش السوري، لجوءه إلى تركيا نافيا مزاعم بأنه اعتقل، بحسب ما ذكرت وكالة «الأناضول» التركية للأنباء. وقال الأسعد في مقابلة أجريت معه في هاتاي بجنوب تركيا «نعيش في مكان آمن في تركيا. أنا ممتن لحكومة تركيا وشعبها. المسؤولون الأتراك اهتموا بأمرنا». وقال الأسعد، وهو ينتمي للطائفة السنية، والذي ظهر كقائد لـ«جيش سوريا الحر»: «كل احتياجاتي لبّاها المسؤولون الأتراك.. لا بد أن توحد قوات المعارضة الصف وتقوي موقفها حتى يتم القضاء على النظام». وكشف في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء الألمانية أمس عبر الهاتف، تواصله مع بعض أعضاء المجلس الوطني للمعارضة السورية الذي أعلن تشكيله قبل يومين في إسطنبول للعمل على تنسيق الجهود بما يضمن سرعة تحقيق أهداف الثورة السورية، وفي مقدمتها إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

وسيزيد وجود الأسعد في تركيا من توتر العلاقات بين أنقرة ودمشق، خصوصا أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أكد أمس أنه سيعلن خطة بلاده لفرض عقوبات على سوريا بعد أن يزور مخيم لاجئين سوريا قرب الحدود في الأيام المقبلة في تصعيد للضغوط على الرئيس بشار الأسد. وقال أردوغان للصحافيين: «فيما يتعلق بالعقوبات سنجري تقييما ونعلن خارطة طريق خاصة بنا بعد زيارة هاتاي تحدد الخطوات»، مضيفا أنه يتوقع زيارة المنطقة في نهاية الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل.

وقال أردوغان خلال زيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا «لا يسعنا أن نقف متفرجين حيال ما يحصل في سوريا. يقتلون أبرياء وعزلا. لا يمكننا أن نقول: لنترك الأمور تسير على ما هي عليه».

وترافق ذلك مع إعلان الجيش التركي أنه سيجري مناورات في إقليم هاتاي بجنوب البلاد حيث لجأ أكثر من 7 آلاف سوري فرارا من الحملة التي تشنها القوات السورية ضد المحتجين. وقال الجيش في موقعه على الإنترنت أمس إن المناورات التي أطلق عليها اسم «التعبئة» وتجري بين 5 و13 أكتوبر (تشرين الأول) ربما تتزامن مع زيارة أردوغان إلى مخيمات اللاجئين في هاتاي بعد عودته من جنوب أفريقيا هذا الأسبوع. وأضاف بيان الجيش أن لواء المشاة الميكانيكي التاسع والثلاثين و730 من جنود الاحتياط سيشاركون في المناورات. وربما تحيي المناورات العسكرية في هاتاي تكهنات نفاها المسؤولون الأتراك بأن تركيا تخطط لإقامة منطقة عازلة في سوريا لحماية المدنيين ومنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها.

وبالعودة إلى العقيد الأسعد الموجود في منطقة على الحدود بين سوريا وتركيا، حسب قوله، فقد نفى وجود كتائب وتشكيلات عسكرية متعددة للجنود والضباط المنشقين عن الجيش السوري «تعمل كل منها بلا ضوابط أو أهداف محددة»، لكنه أوضح أن «أغلب الكتائب العسكرية للمنشقين تقع تحت قيادتي».

وكان الأسعد ومجموعة من الضباط قد أعلنوا نهاية يوليو (تموز) الماضي انشقاقهم عن الجيش السوري لرفضهم إطلاق النار على المتظاهرين السلميين، كما أعلنوا تأسيس ما أطلقوا عليه اسم «الجيش السوري الحر» الذي يهدف لحماية الثورة وإسقاط نظام الأسد. وقال: «لا توجد تشكيلات متعددة للمنشقين وما يقوله الأخ محمد رحال وتشكيله لكتائب صلاح الدين الأيوبي وتدخل الأخيرة لحماية الثورة والمتظاهرين هو أمر ليس له وجود على الأرض.. نحن الجيش السوري الحر فقط الموجودون على الأرض السورية وكل الكتائب العسكرية تابعة لنا ولذا فالقيادة موحدة ولا يوجد هناك أي خلاف».

وكان محمد رحال، رئيس ما يعرف بمجلس تنسيقيات الثورة السورية، قد أعلن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قبل بضعة أيام، تشكيل مجلس انتقالي للثورة وكذلك تشكيل ما يعرف باسم جيش صلاح الدين الأيوبي لحماية المتظاهرين، وكان دعا سابقا لتسليح الثورة. ولكن الأسعد رفض الدعوة لعسكرة الثورة وتسليح الأهالي، وقال: «أنا ضد ذلك الأمر ونحن في الجيش السوري الحر جبهة منظمة نقوم بالدفاع عن الأهالي ونسعى لإسقاط النظام بقدرات قتالية منظمة، وبالتالي أتمنى عدم إقحام المدنيين في تلك المهمة لأنها قد تؤدي لفوضى كبيرة بالبلاد كما ستزيد من عدد ضحايا المدنيين لأن النظام سيتخذ من وجود السلاح ذريعة لتصعيد هجومه».

وأكد الأسعد أن حجم القوات التي تعمل تحت إمرته تتزايد يوما بعد الآخر، وأوضح: «حجم القوات الموجودة سيتزايد ويكتمل في قدرته النظامية بزيادة عملياتنا على الأرض، وهو الأمر الذي قد يغري المزيد بالتطوع بصفوفنا خاصة من العساكر الذين تلقوا تدريبات وتم تسريحهم خلال فترات سابقة».

وكان الأسعد قد ذكر في تصريحات سابقة له أن هناك أكثر من عشرة آلاف جندي انشقوا عن الجيش السوري، وأنهم يهاجمون بنمط حرب العصابات قوات الأمن وعناصر المخابرات بالجيش السوري ممن يستهدفون الجنود والضباط الذين يعلنون انشقاقهم عن الأخير.

وفي رده على سؤال حول حجم السلاح الموجود معه ومصدره، أجاب الأسعد: «كل عنصر ممن انضم إلينا أخذ سلاحه معه وقت انشقاقه عن الجيش السوري فضلا عن بعض الأسلحة التي نكسبها خلال اشتباكنا وتصدينا لقوات الأمن وعناصر الشبيحة».

وناشد الأسعد الأمم المتحدة توفير الدعم للثورة السورية في المحافل السياسية الدولية والمساعدة في تقديم الأسد وأركان نظامه للمحكمة الجنائية الدولية لما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب الثوري، مطالبا إياها أيضا بإمداد المنشقين عن الجيش بالسلاح «حتى يتمكن السوريون بأنفسهم من التصدي لقوات هذا النظام الإجرامي»، رافضا بشكل قطعي فكرة التدخل العسكري الخارجي.

وبرر الأسعد طلبه بتوفير الحظر الجوي والبحري من قبل حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو أي دولة كتركيا أو غيرها، بلجوء نظام الأسد إلى كل من سلاح الطيران والبحرية في قصفه للمدن الثائرة ضده، وقال: «الجيش السوري صار به بعض الضعف كنتيجة للانهيار النفسي في صفوف القوات الأمنية ولذا فقد بدأ النظام في الاعتماد على سلاح الطيران واستخدمه في قصف مناطق كثيرة، كانت الرستن آخرها فضلا عن قصفه لمدينة اللاذقية عبر قواته البحرية بشكل متواصل لما يقرب من أسبوعين».

وشدد الأسعد على أن الجيش السوري سيكون هو العامل الحاسم في إسقاط النظام، موضحا أن «من يستمد بقاءه في السلطة بالقوة لا تتم إزالته إلا بالقوة». وتابع: «رغم أن الجيش السوري بني على الطائفية ونسبة كبيرة من القيادات هي علوية فإن الأفراد والجنود من السنة.. والانشقاقات تقع يوميا في صفوف الجيش وبدرجات كبيرة وبالتالي سيأتي يوم ينهار فيه الجيش حتى دون قتال أي سقوط تآكلي تدريجي لأهم مؤسسات النظام».

واستبعد الأسعد ما يطرح من احتمالية وقوع سوريا في دوامة الفوضى والحرب الطائفية خاصة مع وجود مؤشرات على وقوع حوادث طائفية استهدفت العلويين بمحافظة حمص، وقال: «هذه لعبة من ألاعيب النظام وهو الذي يجيش طائفته واستخدم ومنذ أمد بعيد إعلامه لهذا الغرض».

وتابع: «وللأسف نجح في إغراء عدد من الشخصيات الضعيفة منهم عبر إيهامهم بأنه سوف تتم تصفيتهم إذا ما سقط النظام، بل وقتل بالفعل بعض الشخصيات العلوية كما قتل العالم النووي أوس عبد الكريم للتدليل على صحة روايته بأن هناك حربا طائفية وفوضى عارمة يستهدف فيها العلماء، ما دفع بعض العلويين إلى أن يناصبوا المتظاهرين العداء ونصب الأكمنة لهم وضربهم».

وكان أعلن في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بمحافظة حمص مقتل المهندس النووي العلوي أوس عبد الكريم خليل على يد مجهولين. وفي مقابل اتهام المعارضة للنظام بتصفيته تحدثت آراء عن احتمال تورط بعض أطراف المعارضة في قتله. وأردف: «نحن متفهمون للوقائع والواقع والمجتمع السوري ونؤكد أن الأخير يرفض الطائفية ولا توجد صحة لوقوع حوادث طائفية لا بحمص ولا غيرها إلا ما افتعله النظام».

ونفى الأسعد تبعيته ومن معه من قوات أو انتماءهم لأي تيار ديني أو سياسي لا في الوقت الراهن ولا بالمستقبل. وشدد على أنه على الرغم من استمرار وجود قوات كبيرة العدد في حوزة الجيش النظامي ورغم استهداف الأخير للمنشقين عنه بالتصفية والاعتقال على نطاق واسع جدا، فإن قوات الجيش السوري الحر توجد بالشوارع بكل المدن السورية دون خوف وتقاتل وتوجه الضربات لقوات الأمن وتتصدى لعناصر الشبيحة وتنصب لهم الأكمنة عند انسحابهم من المدن، واستطاعت بالفعل توجيه ضربات موجعة لهم بحمص وحماة وإدلب وغيرها.