المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي (الأصل) السودانيان يصلان إلى طريق مسدود حول المشاركة في الحكومة المقبلة

بعد مفاوضات ماراثونية بين الحزبين أفضت إلى خلافات في التفاصيل

TT

بعد مفاوضات ماراثونية جرت في الخرطوم بين المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) والحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) المعارض، برئاسة السيد محمد عثمان الميرغني، لم يتوصل الحزبان إلى اتفاق سياسي بشأن مشاركة الاتحادي في الحكومة المقبلة، إذ وصلت المفاوضات بينهما إلى طريق مسدود، بسبب عدم اتفاقهما حول التفاصيل، مما اضطر معه الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) المعارض إلى تقديم مذكرة للمؤتمر الوطني تبين موقف الحزب بعد اجتماع مطول للجنة الحوار بين الحزبين، برئاسة البروفسور إبراهيم أحمد عمر، مستشار الرئيس السوداني، والسيد طه علي البشير، عضو هيئة القيادة في الاتحادي الديمقراطي (الأصل). وحصلت «الشرق الأوسط» على نص المذكرة التي جاء فيها: «إن الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) حين لبى دعوة المؤتمر الوطني للحوار والتفاوض حول إدارة شؤون الوطن، قد فعل ذلك انطلاقا من إدراكه التام أن البلاد تمر بمرحلة معقدة وشائكة في تاريخ تطورها المعاصر، وأن حزبا في قامة وتاريخ حزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) لا يجوز له أن ينطوي على موقف سلبي إزاء هذه الظروف الوطنية الصعبة، وانطلاقا من هذا الفهم الراسخ والواضح، انخرط الحزب في مفاوضات جادة ومخلصة مع حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، تستهدف توحيد الصف الوطني لمواجهة ما يعيشه السودان والسودانيون من أزمات، وبناء على هذا قدم الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أطروحات ورؤى مدروسة عبر مذكرات، بشأن السلام والدستور والاقتصاد ودارفور والسلطتين التنفيذية والعدلية. ولقد أبدت لجنة المؤتمر الوطني تفهما كاملا لما طرحه الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) في المفاوضات، بيد أن حزبنا قد فوجئ بما احتوته مذكرة المؤتمر الوطني مما لا يتناسب مع الروح التي سادت المفاوضات في كل مراحلها، وقد طرحت مذكرة المؤتمر الوطني جانبا كل ما قدمه الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) من جهد مخلص وواضح وعادل لمواجهة القضايا الوطنية».

وأوضحت المذكرة «أن حزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) أكد مرارا وتكرارا أنه ليس من مقاصده التطلع إلى المشاركة الشكلية، ولكن التصدي لحل قضايا الوطن ومشكلاته، واستشعارا من الحزب لمسؤوليته التاريخية، أكد ويؤكد أن في مقدمة أهدافه أن يكون إيجابيا وموضوعيا في كل القضايا والمشكلات والأزمات التي تواجه بلادنا، والتزاما بهذه المقاصد والأهداف انتهى الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) إلى أن ما انطوت عليه مذكرة المؤتمر الوطني تعني بالنسبة للاتحادي الديمقراطي (الأصل) عدم رغبة المؤتمر الوطني في التجاوب مع الأطروحات والرؤى الداعمة التي قدمها حزبنا، وعلى الرغم من هذا وذاك، فإن الحزب الاتحادي الديمقراطي يود أن يؤكد أنه سيظل متمسكا بكل مواقفه الوطنية المشهودة والمعلومة للكل، بحسبانها تمثل ثوابت حزبنا منذ فجر الحركة الوطنية».

وأكدت مصادر مقربة من مفاوضات المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي (الأصل) أن مذكرة الاتحادي الديمقراطي (الأصل) عبرت عن استياء كبير من مفاوضي الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، من إصرار مفاوضي المؤتمر الوطني لتكون مشاركتهم مشاركة شكلية ورمزية، من خلال محاصصة الحقائب الوزارية، وهذا ما يرفضه الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، بينما يدعو الاتحادي الديمقراطي (الأصل) إلى ضرورة أن تكون مشاركته مشاركة فاعلة وحقيقية، يتحمل فيها مسؤولية المشاركة في الحكومة المقبلة.

وقال مصدر من الاتحادي الديمقراطي (الأصل) المعارض لـ«الشرق الأوسط»: «إن حزبهم قدم مذكرة مدروسة تبين استعدادهم للمشاركة في الحكومة المقبلة، وقد استصحب الحزب في مذكرته إمكانية مشاركة أحزاب وقوى سياسية أخرى، خاصة حزب الأمة القومي برئاسة السيد الصادق المهدي، فلذلك كان تركيز الحزب على البرنامج الوطني الذي يمكننا من مواجهة قضايا الوطن، والعمل على حلها. وكان من مقترحات حزبنا إلغاء وزراء الدولة، إلا إذا اقتضت الضرورة في بعض الوزارات، وتقليص عدد مستشاري رئيس الجمهورية في خمسة فقط، مراعاة للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وأن يكون واحد منهم من الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، وتقليص عدد الوزراء الاتحاديين».

وأضاف المصدر: «أبقينا على رئيس الجمهورية ونائبيه دون أي تعديل، ولكن طالبنا بزيادة مساعدي رئيس الجمهورية إلى خمسة، باعتبار أن هناك اثنين حاليا، ينضاف إليهم واحد من حزبنا، وآخران من قوى سياسية أخرى. واشترطنا أنه في حال مشاركة حزب الأمة القومي أن يكون نصيبنا في مجلس الوزراء الربع، وفي حال عدم اشتراك حزب الأمة القومي في الحكومة المقبلة، يكون الثلث، حتى لا تكون شراكتنا مع المؤتمر الوطني شكلية. فحرصنا على أن تكون شراكتنا شراكة حقيقية، نتحمل فيها مسؤولية الحكومة، مقابل منحنا سلطة وقوة، بينما عرض علينا المؤتمر الوطني ثلاثة وزراء اتحاديين فقط من 30 وزيرا اتحاديا. فهذه بأمانة مهزلة، ووضعت حزبنا في موقف حرج للغاية، مما دفعنا للاعتذار، إذا لم يأت المؤتمر الوطني بجديد في هذا الصدد».

وكانت اللجنة المشتركة بين المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي (الأصل) قد بذلت جهودا مقدرة في سبيل تقريب شقة الخلاف بين الحزبين حول المشاركة في الحكومة المقبلة. وشارك في الاجتماع الأخير لهذه اللجنة البروفسور إبراهيم أحمد عمر، عضو المكتب القيادي في المؤتمر الوطني، والدكتور أزهري التجاني، وزير الإرشاد والأوقاف وعضو المكتب القيادي، ومن الاتحادي الديمقراطي السيد طه علي البشير، عضو الهيئة العليا، والبروفسور بخاري عبد الله الجعلي، عضو الهيئة العليا.

على صعيد آخر، أكد حزب الأمة القومي رفضه المشاركة في الحكومة ذات القاعدة العريضة التي دعا إليها المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم)، مع تأكيده الاستمرار في الحوار مع المؤتمر الوطني حول الأجندة الوطنية الأخرى.