وزير الثقافة لـ «الشرق الأوسط»: التحرير يعني السيطرة على جميع المنافذ البحرية والجوية.. وسرت ساقطة عسكريا

اجتماع للحكومة الليبية يتوصل لفتوى عن معنى «التحرير» يستثني إخضاع «بني وليد»

ثوار ليبيون يطلقون صاروخا نحو مواقع موالين للقذافي عند خط الجبهة في سرت(إ.ب.أ)
TT

بينما كثفت قوات الثوار هجومها على مدينة سرت بعد سيطرتها على قرية أبو هادي مسقط رأس العقيد معمر القذافي القريبة من المدينة، اتفق المجلس التنفيذي الذي يعتبر بمثابة حكومة لتسيير الأعمال في ليبيا، أمس، على وضع تفسير لمعنى «تحرير ليبيا» الذي يعقبه تشكيل حكومة مؤقتة، يكون على عاتقها وضع دستور جديد وتهيئة البلاد للانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وقال وزير الثقافة الليبي عطية الأوجلي لـ«الشرق الأوسط»، عقب انتهاء الاجتماع، إن معنى «تحرير ليبيا» الذي تمت الموافقة عليه، سيطرة قوات المجلس الانتقالي على جميع المنافذ البحرية والجوية للدولة.

وأضاف الوزير الذي سقط اسمه سهوا، هو ووزير آخر، من لائحة التعديل الوزاري الذي أعلنه رئيس المجلس الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، أول من أمس: «وبالتالي يكون إعلان التحرير بسيطرة قوات الثوار على مدينة سرت التي يوجد بها ميناء جوي وآخر بحري»، مشيرا إلى أن هذا لا ينطبق على مدينة بني وليد التي ما زالت هي الأخرى تحت سيطرة القوات الموالية للقذافي.

وقبل ترؤسه الاجتماع الذي صدرت عنه «فتوى» أمس بخصوص «التحرير»، كان محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي (حكومة تسيير الأعمال)، قال إن المجلس سيجري عملية انتخابات ديمقراطية بمجرد السيطرة على سرت من دون انتظار السيطرة على كامل التراب الليبي. وتناول الاجتماع الذي رأسه جبريل، التشكيلة الوزارية الجديدة بعد تعديلها وإضافة وزارة لشؤون الشهداء والجرحى، وتفسير معنى «تحرير الوطن» وربطه بـ«تحرير سرت»، حيث انتهى الاجتماع إلى فتوى تقول إن «تحرر الوطن يعني السيطرة على المنافذ البحرية والجوية.. وبما أن سرت فيها ميناء ومطار فمعناه أنه حين تسقط يكون جميع المطارات والموانئ تحت سيطرة المجلس الانتقالي».

ووفقا لفتوى المجلس التنفيذي، فإن «بني وليد ليس فيها ميناء جوي أو بحري، واستمرار سيطرة قوات القذافي عليها لا يمنع من الإعلان عن تحرير كامل التراب الليبي بعد سقوط سرت».

وأعلنت تشكيلة الحكومة بعد تعديل محدود عليها يوم أول من أمس، وخلت من اسمي عطية الأوجلي، وزير الثقافة والمجتمع، وفرج السايح وزير بناء القدرات. وتم تدارك الأمر في وقت لاحق أمس، حيث أفاد الأوجلي قائلا: «نعم خلت القائمة المعدلة من اسمي واسم السايح، وحين اتصلنا بهم (في المجلس الانتقالي) اعتذروا، وقالوا إن الاسمين سقطا سهوا». وقال أيضا، إنه علق على سقوط اسمي هاتين الوزارتين المعنيتين بالبناء للمستقبل، بقوله للمسؤولين في المجلس الانتقالي مازحا: «عسى ألا يسقط المستقبل سهوا».

وكثف الثوار من هجومهم على سرت أمس، بعد يوم من السيطرة على القرية القريبة منها، والتي يعتقد أن القذافي ولد بها. وقال الأوجلي إن سرت تعتبر في حكم المدينة التي سقطت بالفعل في أيدي الثوار.. «أتوقع أن ينتهي موضوع سرت خلال أسبوع، لأن المشكلة ليست عسكرية بل تكمن المشكلة في المدنيين»، مضيفا أن المعاناة التي يمر بها المدنيون في سرت صعبة للغاية، لكن بالنسبة للموقف العسكري الخاص بالمدينة فإن «سرت تعتبر سقطت في أيدي الثوار بالفعل».

ويستعد مقاتلو المجلس الانتقالي لشن هجوم نهائي على المدينة بدعم من طائرات الناتو، لكن لم يتحدد موعده بعد. وقال شهود عيان، إن الاشتباكات استمرت على محاور عدة في المدينة، في إطار إحكام السيطرة عليها، مع السماح بخروج أكبر عدد من المواطنين. وبالإضافة إلى تحليق طائرات لحلف الناتو على ارتفاع منخفض، أفاد شهود بأن قتالا يدور من شارع إلى شارع داخل مناطق قريبة من مستشفى ابن سينا الرئيسي، في محاولة للقبض على عدد من القيادات التي تأتمر كتائب القذافي بإمرتها، وعلى رأسهم المعتصم بالله نجل القذافي.

وأفادت مصادر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول سرت، أن عدد النازحين من سرت ربما يقترب من عشرة آلاف شخص، بينهم نحو ألف في المحيط القريب من سرت، ونحو ستة آلاف على بعد يصل إلى ستة كيلومترات من المدينة. وقالت ديبة فخر، المتحدثة باسم الصليب الأحمر، بعد أن وصلت إلى العاصمة طرابلس أمس، إن الوضع الصحي صعب في عموم ليبيا، وإن عدة آلاف من النازحين من سرت يقيمون في الصحراء.

وأضافت «نحاول أن نعود إلى سرت مجددا بسبب صعوبة الوضع (الصحي) هناك». وتابعت «ليبيا تعاني من الأوضاع الصحية الصعبة، حتى في بنغازي.. المستشفيات تعاني من النقص في الأدوية والمعدات، خاصة أن ليبيا تعتمد على الاستيراد، وحالت العقوبات التي تم فرضها على البلاد مع بداية الأزمة دون دخول المعدات الطبية والأدوية. ونحن من جانبنا نحضر ما نستطيع من الخارج. وأن الأحوال العامة للمدنيين متردية في ظل نقص المؤن الغذائية والطبية».

ونقل صحافيون من «رويترز» في شرق سرت وغربها أنباء عن أن المدنيين الذين كانوا يغادرون البلدة أمس «بدوا في حالة أسوأ من تلك التي بدت على من غادرها خلال الأيام الماضية».

وفيما يتعلق بالموقف من مدينة بني وليد صعبة التضاريس، والتي لم يتمكن الثوار من دخولها طيلة أكثر من شهر، فإن قوات الثوار ترابط على بعد نحو 10 كيلومترات من وسط المدينة، مع أنباء عن قدرة أنصار للقذافي على التسلل وجلب المؤمن من مناطق مجاورة من الغرب والجنوب.

وأوضح وزير الثقافة الليبي في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس، أن بني وليد ما زالت صعبة.. «ونعتقد أنها ستأخذ وقتا قبل تحريرها». وأضاف الأوجلي: «يوجد اتجاه لمحاصرة بني وليد، مثلما حدث في طرابلس.. حين ينفد الوقود والماء والكهرباء ستضطر القوات للاستسلام». ويعزز تصريحات الوزير الليبي بشأن بني وليد وتفكير مجلس الوزراء بشأنها، ما سبق وأعلنه محمود جبريل أول من أمس، حين قال إنه «سيتم التعامل مع بني وليد على أنها منطقة مارقة».

على صعيد متصل ذكرت صحيفة «قورينا الجديدة» في طرابلس، أن مجموعة كبيرة من ثوار مدينة بنغازي الموجودين بالعاصمة طرابلس رجعوا أمس، إلى بنغازي على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الليبية، بعد أن سلموا أسلحتهم لثوار العاصمة.

وفي وسط ليبيا من ناحية الشرق، قال العقيد فوزي بوغيضان آمر كتيبة شهداء مدينة الكفرة إنه تم الكشف عن وجود مقبرة جماعية جديدة في منطقة «أبويمة» التي تبعد نحو 7 كيلومترات من المدينة، تضم رفات 60 شخصا من ثوار 17 فبراير، ممن تم تسجيلهم على أنهم من المفقودين. وكان ستيفن أندرسون المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي قال إنه تم خلال الأسابيع الماضية الكشف عن 13 مقبرة جماعية في ليبيا.