عمال النقل العام المضربون في مصر يطالبون بالعدالة الاجتماعية

سائق: مرتبي ضعيف ولا يكفي.. ووضعنا الوظيفي بائس ومجهول

TT

بعد ما يزيد على 15 يوما من الإضراب عاد مكرم جرجس، 37 عاما، سائق أتوبيس نقل عام للعمل مرة أخرى في العاصمة المصرية القاهرة، وأمضى مكرم أيامه الأخيرة معتصما مع زملائه من عمال النقل العام المضربين عن العمل للمطالبة بتحسين وضعهم الوظيفي الذي قال عنه إنه بائس ومجهول. وعاد مكرم، أمس، مرة أخرى لقيادة حافلته البيضاء المتهالكة في شوارع القاهرة بعد أن فض جميع العاملين بجراجات هيئة النقل العام إضرابهم باستثناء جراجي الجيزة وإمبابة، وذلك بعد إضراب عن العمل استمر أكثر من 15 يوما.

مكرم، الذي يقود حافلة للنقل العام منذ أكثر من 12 عاما، يعاني ضعف مرتبه وعدم توفير زي موحد خاص بالسائقين وإهمال هيئة النقل العام مطالبه عبر سنين، وبينما تمر حافلته عبر أحد جسور القاهرة المطلة على النيل، قال مكرم بصوت مفعم بالغضب والإحباط لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يعاملوننا ككائنات دونية، إنهم لا يعيرون اهتماما لطلباتنا؛ لذا كان علينا أن نضرب عن العمل». وأضاف بنظرة شاردة: «الأسعار في ارتفاع، وتذاكر الحافلات تضاعفت مرتين، ومرتباتنا ثابتة». ثم أضاف: «كل ما نتمناه أن نعامل معاملة آدمية».

ويطالب عمال النقل العام في مصر بصرف حافز الإثابة 200% والانضمام لوزارة النقل بدلا من تبعيتهم لمحافظة القاهرة، وصرف الزي الرسمي للعاملين، وتقديم رعاية صحية جيدة، وسرعة تسوية التأمينات الاجتماعية، وصرف 100 شهر مكافأة نهاية خدمة وتحديث أسطول سيارات الهيئة، لكن الحكومة المصرية، ممثلة في وزير القوى العاملة والهجرة أحمد البرعي، أعلنت رفضها التفاوض مع العمال المضربين قبل فض اعتصامهم، وهو ما أطال أمد الإضراب وجعل قطاعا من العمال يعتصمون أمام مقر رئاسة الوزراء.

وعبر 15 يوما من الإضراب، اختفت حافلات النقل العام من شوارع القاهرة كلية، مسببة أزمة مرورية كبيرة أثارت سخط المصريين بسبب تكدسهم في الشوارع بحثا عن وسائل المواصلات، وهو ما قال عنه مكرم: «نقدر الأزمة التي خلفها الإضراب، لكن ذلك ليس مبررا لتجاهل احتياجاتنا».

وأوضح مكرم، الذي يعول 3 أبناء، أن مرتبه لا يكفيه وأنه يستدين شهريا وبشكل دائم لتلبيه طلبات أسرته المتزايدة، وهو ما قال إنه يضعه تحت ضغط نفسي وعصبي كل شهر. وتابع مكرم: «نحن لا نطلب سوى حقوقنا، لا يعقل أن أتقاضى أقل من ألف جنيه شهريا بينما هناك من يتقاضى في الهيئة عدة آلاف.. أين العدالة الاجتماعية؟».

ويعاني مكرم، مع غيره من السائقين، تحملهم جزءا كبيرا من المخالفات المرورية، وهو ما يشكل عبئا ماديا عليه وعلى زملائه، لكنه قال: «بصراحة، مؤخرا الهيئة تقتسم معنا المخالفات»، لكنه كثيرا ما يضطر لقيادة حافلته وهي غير جاهزة ميكانيكيا للانطلاق بسبب أعطال تحتاج لقطع غيار لا توفرها الهيئة، وهو ما يحوِّل يومه إلى جحيم، لكنه قال إن ذلك أفضل كثيرا من تحرير محضر امتناع عن العمل له وهو ما يكلفه خصومات كثيرة.

من جانبها، أصدرت منى مصطفى، رئيسة هيئة النقل العام، منشورا يتضمن موافقة وزارة المالية على صرف مبلغ 60 مليون جنيه للعمال على أن يتم توزيعه شهريا بواقع 200 جنيه للسائق والمحصل و175 لعامل الهندسة و150 للأعمال الأخرى. وأكد المنشور أن هيئة النقل العام تتبع محافظة القاهرة تبعية كاملة، وأنه جارٍ اتخاذ اللازم لإنشاء وحدة تأمينات تابعة لوزارة التأمينات الاجتماعية داخل الإدارة العامة للهيئة واحتساب أيام الإضراب أيام عمل فعلية، بالإضافة إلى إجراء مناقصة على توريد الزي للعاملين بالهيئة، وهو ما قال مكرم إنه لا يلبي طلباته.

واعتبر صابر أبو سريع، رئيس لجنة الاتصال النقابي بالنقابة العامة المستقلة للعاملين بهيئة النقل العام، أن الحكومة المصرية لم تلبِّ طلبات العمال، وأنها خدعتهم لإنهاء الاعتصام والإضراب. وتابع أبو سريع: «حافز الإثابة الذي يطالب به العمال هو وعد من رئيس الوزراء لتعويض العمال عن تدني مرتباتهم وكبديل لتنفيذ الحد الأدنى للأجور».