عبد الناصر جابي لـ «الشرق الأوسط» : المنطقة التي ينتمي إليها رئيس الجمهورية الجزائرية تهيمن على تعيين الوزراء

كتاب يغوص في أصول المسؤولين وطريقة وصولهم للحكم يثير جدلا

عبد الناصر جابي
TT

«الوزير الجزائري.. أصول ومسارات»، كتاب ألفه الباحث الجزائري عبد الناصر جابي المعروف المتخصص في علم الاجتماع، يتناول لأول مرة طريقة وصول الوزير إلى السلطة في الجزائر، وجذور المسؤول الحكومي. ويقول جابي لـ«الشرق الأوسط»، إن الدراسة أجراها على 150 وزيرا حاليا وسابقا «حاولت من خلالها الغوص في جوانب خفية في السلطة الجزائرية».

وكان الكتاب من أكثر الكتب استقطابا للزوار في «المعرض الدولي للكتاب» الذي عقد بالجزائر العاصمة بين 26 سبتمبر (أيلول) الماضي و1 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، فهو أول دراسة تتناول بالتحليل أصول الوزراء الذين تعاقبوا على السلطة منذ الاستقلال، وجذورهم السوسيولوجية، وتغوص في قضايا شخصية مثل أوصاف زوجاتهم. وأثار الكتاب جدلا في الأوساط الوزارية، بسبب تناوله جوانب خفية في حياة الوزراء. وأكثر من تعاملوا معه بحساسية، هم الوزراء الذين ما زالوا يمارسون الوظيفة، بسبب ردود الفعل السلبية التي وصلت إليهم من مقربين منهم بعد قراءة الكتاب. ويقول جابي عن كتابه لـ«الشرق الأوسط»، إن الدراسة استغرقت 10 سنوات كاملة «فهي باكورة عمل مضن، وهو ليس استفتاء لرأي الجزائريين في مسؤوليهم كما فهمه البعض، وإنما بحث يسلط الأضواء على الوزير كشخص، ودراسة تناولت أربعة أجيال من الوزراء أبحرت عميقا في أصولهم». وشملت الدارسة 150 وزيرا؛ 18 منهم امرأة (20 امرأة تولت الوزارة منذ الاستقلال عام 1962)، حاول جابي من خلالها أن يعرف «من هو هذا الوزير.. هل صحيح أنه شعبي (ينحدر من الأوساط الشعبية)، أم هو من الفئات الميسورة الحال؟ ما هو نصيب أبناء شرق البلاد وأبناء غربها في الحكم؟ هل هم معربون أم مفرنسون؟».

ومعروف في الجزائر أن السلطة يتعاقب عليها «دوريا»، مسؤولون من الشرق ومن الغرب. وشملت دراسة جابي هذا الجانب بإسهاب؛ إذ يقول: «يمكنني القول إن هناك توليفة جهوية (نسبة إلى الانتماء للمنطقة) كانت حاضرة بقوة في كل مراحل الحكم. فقد وجدتها في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين (1965 - 1978) وفي عهد الرئيس الشاذلي بن جديد (1979 - 1992)، فالرجلان يتحدران من شرق البلاد، وكان كل الوزراء والمسؤولين الكبار من شرق البلاد. واليوم تتغلب الجهة التي يتحدر منها الرئيس على طريقة تعيين الوزراء»، يقصد أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ينتمي لمنطقة الغرب، وتحديدا تلمسان القريبة من الحدود الغربية. وأضاف جابي: «أبناء الشرق في الحكم هم أكثر تنوعا، بمعنى أن مناطق كثيرة بشرق الجزائر كانت ممثلة في الحكم، أما الآن فأبناء تلمسان احتكروا تمثيل الغرب في السلطة».

وورد في كتاب جابي أن 30 وزيرا وصلوا إلى الوزارة بفضل الزوايا القرآنية، التي تملك نفوذا قويا في المجتمع وفي دواليب السلطة أيضا. ويسميها الباحث «مؤسسات اجتماعية»، حيث درس فيها الكثير من الوزراء وحفظوا القرآن. ويقول جابي إن بعض الوزراء ينتمون لعائلات ثرية، وآخرون من أسر فقيرة. ويوجد ضمن العينة وزراء مقربون من دوائر في السلطة منذ الوجود العثماني بالجزائر، بفضل أجدادهم.

وحاول جابي، خلال إجراء الدراسة، الاتصال بالرئيس بوتفليقة للاستعانة به في التعرف على جوانب من شخصية الوزراء، «ولكنه لم يكن متعاونا معي، كما لم أجد استعدادا للتعاون من كثير من المسؤولين». وأضاف الباحث: «بعد الانتهاء من عملي، أصبح الكثير من الوزراء أصدقائي خاصة الذين وافقوا على أن أغوص في حياتهم الخاصة، مثل الظروف التي تعرفوا فيها على زوجاتهم والطقوس التي اتبعوها في الزواج، هل هي تقليدية أم عصرية؟ وغيرها من التفاصيل».