نتنياهو يتلقى ضربة داخلية أخرى تقرب احتمال سقوط حكومته

بعد أسبوعين.. إضراب عام يشل الاقتصاد الإسرائيلي ضمن حملة الاحتجاج

TT

تلقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضربة داخلية جديدة بينت مدى عجزه عن تمرير قرارات في حكومته، مما جعل المراقبين يجمعون على أن عمر هذه الحكومة بدأ وأنها ستسقط قريبا.

فبعد أن كان نتنياهو قد أعلن أنه سيطرح للبحث في جلسة الحكومة الاستثنائية، الليلة قبل الماضية، حتى يطلق مشروع التعديلات في سياسته الاقتصادية اجتماعية وفق توصيات لجنة طرختنبيرغ، رفض غالبية وزرائه المشروع. فسحبه ولم يعرضه للتصويت. وتبين أن ثلاثة أحزاب في الائتلاف رفضت المشروع، بدعوى أنه «لا يكفي للتجاوب مع مطالب حملة الاحتجاج الشعبي للشباب الإسرائيلي»، حسب حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أو أن «المشروع لا يحقق شيئا للطبقات الفقيرة»، كما يرى حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين برئاسة وزير الداخلية، إيلي يشاي، أو أن «التقليص الكبير في الميزانية العسكرية غير واضح بعد ويحتاج إلى دراسة معمقة»، وفق ما يراه حزب «الاستقلال» بقيادة وزير الدفاع، إيهود باراك.

وأعلن عدد من وزراء حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو، أنهم سيصوتون ضد المشروع في حالة طرحه. فقال سلفان شالوم، نائب رئيس الحكومة ووزير تطوير الجليل والنقب، إن «الوقت المخصص لبحث مشروع كهذا لا يكفي». وقال وزير الدولة يوسي بيلد إنه لا يستطيع التصويت إلى جانب مشروع كهذا، في الوقت الذي يرفضه الشارع.

وكانت لجنة طرختنبيرغ قد عملت طيلة ستة أسابيع في بحث مطالب حملة الاحتجاج، وقدمت الكثير من التوصيات الإيجابية، خصوصا تخفيض الميزانية العسكرية. ولكنها لم تتجاوب مع أهم مطالب المحتجين. وحرصت على التقيد بالميزانية الحالية. فرفضها قادة حملة الاحتجاج ومنحوا نتنياهو فرصة شهر كامل لإقرار مشروع بديل أفضل. ولكن نتنياهو من جهته أصر على تمرير التوصيات في الحكومة وإطلاقها إلى الشارع، «لكي يظهر قائدا حازما» و«لكي يحاصر حملة الاحتجاج ويحدث شرخا في صفوفها». وقال: «لا يكفي أن نتجاوب مع حملة الاحتجاج، فنحن حكومة مسؤولة. وفي وضع الأزمة الاقتصادية العالمية، يجب أن نتواضع في قراراتنا ولا نحدث تغييرا جذريا يمس بمكانة إسرائيل في الاقتصاد العالمي». بيد أن نتنياهو جوبه بسد منيع داخل حكومته، حيث وقف 16 وزيرا (من مجموع 30) ضد موقفه. وحاول التأثير على وزرائه بعدة جلسات ثنائية. ثم اتصل مع وزير خارجيته، ليبرمان، الذي يزور أوكرانيا، طالبا تمرير المشروع وواعدا بأن يتجاوب مع كل طلباته لاحقا، ولكنه فشل في ذلك. وقالت رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني، إن نتنياهو «رئيس حكومة صوري لا يستطيع تمرير أبسط القرارات». وأضافت رئيسة حزب العمل، شيلي يحيموفتش، إن «مقترحات طرختنبيرغ فاشلة وهزيلة لدرجة لم يستطع نتنياهو تمريرها على الوزراء الأعضاء في حزبه». وأجمع المراقبون على أن هذه دلالة أخرى على أن عمر الحكومة قصير. فقد تناولت الصحف الإسرائيلية المركزية، «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» و«معاريف»، ما أجمعت على تسميته بهزيمة نتنياهو، و«تحقيره في حكومته» وتحدثت عن إمكانية تقديم موعد الانتخابات القادمة، خاصة في ظل ما ينتظر نتنياهو في الدورة الشتوية للكنيست (البرلمان).

وفي صحيفة «هآرتس»، كتب محرر الشؤون الحزبية، يوسي فيرتر، يقول إنه كان بإمكان الحكومة تجنب ما حصل، بشأن عدم وجود أغلبية لتمرير توصيات طرختنبيرغ، لو كان مكتب رئيس الحكومة قام بعد الأصابع حول طاولة الحكومة، مشيرا إلى أن كل مساعد برلماني مبتدئ كان بإمكانه التوصل إلى هذه النتيجة.

يذكر أن نتنياهو كان قد أعلن أول من أمس أن مناقشة تقرير طرختنبيرغ لن تنتهي بالتصويت، وصباح أول من أمس قال إنه سيتم التصويت على التقرير، وحتى عندما أعلن 16 وزيرا عن معارضتهم، أصر على إجراء التصويت، وفي المساء اعترف بهزيمته، وقرر تأجيل المناقشات. وكتب فيرتر يقول: «في مكتب نتنياهو يوجد فقط استراتيجيون، ولا يوجد جنود. وفي المالية فشلوا في مهمتهم الحسابية المركبة في حساب أغلبية وأقلية بين 29 وزيرا، والنتيجة كانت إهانة سياسية وتحقيرا لنتنياهو ووزير ماليته». وأضاف أن فشل نتنياهو (أول من) أمس لم يكن تقنيا فحسب، وإنما كان جوهريا أيضا. وهذا الجانب الجوهري يجب أن يشعل الضوء الأحمر في مكتب رئاسة الحكومة عشية بدء الدورة الشتوية للكنيست، حيث تبين أن نتنياهو غير وارد في الحسبان عند شركائه في الائتلاف، فلا يحترمون مكانته وقيادته والتزاماته تجاه الجمهور. كما يشير إلى أنه حتى باراك، الذي يصفه بأنه «لا وجود له اليوم وغدا من دون نتنياهو» رفض تقديم أربعة أصوات وزراء حزبه إلى جانب المؤيدين. ويتوقع نتنياهو ضربة أخرى لحكومته في يوم الأحد المقبل، حيث سيعلن اتحاد النقابات عن نزاع عمل، ما يعني أنه بعد أسبوعين يستطيع الاتحاد إعلان إضراب مفتوح في أروقة العمل وشل الاقتصاد الإسرائيلي.