الشاباك تخشى من انفضاض الجنود البدو بعد إحراق المسجد

السلطات الإسرائيلية لم تعتقل أي متهم في خمس عمليات إحراق مساجد وكنيسة

TT

شهدت القرى العربية البدوية في الجليل، أمس، إضرابا شاملا عن العمل والتعليم، احتجاجا على إحراق مسجد قرية طوبا الزنغرية، وأعرب المواطنون عن خشيتهم من أن يصيبهم ما أصاب أهالي مدن يافا وحيفا وطبريا وإبطن والمجيدل، التي تم إحراق أربعة مساجد وكنيسة فيها، وحتى الآن لم يعتقل أي متهم بالجريمة وقيدت هذه القضايا ضد مجهول. وتخشى المخابرات الإسرائيلية «الشاباك» من انفضاض الشباب البدوي عن الخدمة في صفوف الجيش في أعقاب هذا الحادث.

وتقاطرت وفود التضامن مع أهالي القرية من جميع البلدات العربية، وبرزت بينها وفود من كبار رجال الدين المسيحيين والدروز واليهود ومن الحركات الإسلامية ومن البلدات اليهودية المجاورة. يذكر أن 330 شابا من سكان قرية طوبا الزنغرية، يخدمون حاليا في الجيش الإسرائيلي بشكل تطوعي، ومثلهم يخدم في هذا الجيش مئات الشبان الآخرين من قرى بدوية، وفق تقليد قديم بدأ حتى قبل قيام إسرائيل، حينما خدم بعضهم في قوات «بلماح» و«هجناة» التابعة للحركة الصهيونية، وأعرب الكثير منهم عن رغبة في ترك الجيش الإسرائيلي، وراح يتساءل، أمس: «هل هذا ما نستحقه من المجتمع الإسرائيلي، أن يحرقوا مساجدنا؟». وكان المسؤولون الإسرائيليون قد خرجوا باستنكار شامل لإحراق المسجد، فجر أول من أمس، في طوبا الزنغرية. وحضر الرئيس شيمعون بيريس، إلى القرية على رأس وفد ضم الحاخامين الأكبرين، دان تسيجر وشلومو عمار، وعددا آخر من المسؤولين، وقال أمام حشد كبير من أهالي القرية: «أنا أخجل من هذا العمل». واستنكره رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بكلمات حادة، وقال نائبه، وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، إن هذا عمل إرهابي يضرب في الصميم الحصانة القومية الإسرائيلية ويجب معالجته بكل حزم. وقررت الشرطة الإسرائيلية فحص إمكانية وضع حراسة بوليسية أمام كل مسجد وكنيسة في البلدات العربية، لحمايتها من اعتداءات شبيهة، ولمح المفتش العام للشرطة إلى أن منفذي الجريمة ليسوا مجرد متعصبين يمينيين، بل أناس منظمون ويعملون وفق خطط منظمة، مما يستدعي جهودا كبيرة لضبطهم وضرب تنظيماتهم، وأوضح أن استمرار مثل هذه الأعمال «سيكون بمثابة أداة بأيدي قوى متطرفة في الوسط العربي، مثل الحركة الإسلامية، لاختراق القرى البدوية في الشمال، مثلما فعلت في الجنوب (منطقة النقب)». وأشار في هذا الصدد إلى قيام مجموعة من الملثمين بالرد على إحراق المسجد، بسلسلة عمليات حرق استهدفت عيادة صندوق المرضى الوحيدة، التي تقدم الخدمات الطبية للمواطنين، ومبنى المجلس المحلي، وفرع أحد البنوك، ونادي الشباب. ولمح قائد الشرطة إلى أن هذه العمليات لا تقل خطورة عن إحراق المسجد، وأن منفذيها هم من المقربين من الحركات الأصولية الإسلامية، «التي قصدت إثارة الفوضى وحرمان أهالي قريتهم من الخدمات الحيوية باعتبارها رموزا للسلطة»، ووعد بـ«اعتقال المجرمين الذين نفذوا كل هذه العمليات».

وعبرت القيادات السياسية العربية من الأحزاب الوطنية عن استنكارها الشديد لجريمة إحراق المسجد، مؤكدة أن «الاستنكار الشديد والرفض الصارم في الحكومة لهذه الجريمة، يجب أن لا يعمينا عن رؤية الحقيقة بأن السياسة الحكومية العدوانية، التي تتسم بالتمييز العنصري ضد العرب والتحريض الدموي عليهم، وسن القوانين الخاصة لتقويض مكانتهم في البلاد، كلها أرضية خصبة لنمو تنظيمات إرهابية يهودية، تمارس الاعتداءات الدامية على مواطنينا ومقدساتنا»، كما قال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. وتجدر الإشارة إلى أن إحراق المساجد بات ظاهرة في البلدات العربية الفلسطينية في إسرائيل، فقبل مسجد طوبا الزنغرية، أحرق مسجد إبطن قبل سنوات، ووضعت قنبلة في مسجد الحاج عبد الله في حي الحليصة في حيفا، وجرت محاولة حرق مسجد حسن بيك في يافا وإلقاء رأس خنزير عليه، وأحرق مسجد البحر في مدينة طبريا والكنيسة في قرية المجيدل المهدومة قرب الناصرة، ولم يحاسب أحد عن هذه الجرائم، ولم توجه الشرطة حتى لائحة اتهام.