كرزاي في الهند وسط صراع على النفوذ في جنوب آسيا

اتفاق ثنائي يتضمن تدريب الشرطة الأفغانية وقد يثير حفيظة باكستان

سينغ وكرزاي يتصافحان بعد توقيعهما اتفاقا في نيودلهي أمس (أ.ب)
TT

بدأ الرئيس الأفغاني، حميد كرزاي، أمس، زيارة إلى الهند تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية، ويمكن أن تؤدي إلى اتفاق تقوم الهند بموجبه بتدريب الشرطة الأفغانية، كما يرجح أن تثير هذه الزيارة، التي تدوم يومين، حفيظة باكستان وسط توترات إقليمية متنامية. وتعد الهند من أكبر الدول المانحة لأفغانستان، وتعهدت منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2001 بنحو ملياري دولار لمشاريع كثيرة، من شق الطرق السريعة إلى بناء البرلمان الأفغاني.

وصرح وزير الخارجية الهندي، إس إم كريشنا، أمس، بأنه سيتم توقيع اتفاق للشراكة الاستراتيجية، وقد يثير إضفاء طابع رسمي على تعزيز الروابط قلق باكستان من أن الهند تنافسها على النفوذ في أفغانستان. وهذا الاتفاق واحد من بين عدة اتفاقات تتفاوض كابل بشأنها، من بينها اتفاق مع الولايات المتحدة في إطار مسعى أفغانستان لتعزيز الأمن، مع الاستعداد لانسحاب القوات التي يقودها حلف شمال الأطلسي في أفغانستان.

وتريد الهند أن تضمن أن لا يؤدي انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول عام 2014 إلى حرب أهلية على غرار ما حدث في التسعينات، مما تسبب في انتشار التشدد الديني عبر الحدود، لكن نيودلهي تدرك أن خصمها التقليدي (باكستان) لديه نفوذ أكبر بكثير في أفغانستان.

وزيارة كرزاي للهند مقررة منذ أشهر، وسيجتمع خلالها مع رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ، لكنها جاءت في الوقت الذي تشعر فيه أفغانستان بخيبة أمل شديدة في باكستان، إذ يتهم عدد كبير من كبار المسؤولين الأفغان المخابرات الباكستانية بتدبير اغتيال الرئيس الأفغاني الأسبق، برهان الدين رباني، الذي كان مكلفا بالتفاوض من أجل السلام مع المتمردين الشهر الماضي. ويعتقد المحققون الذين عينهم الرئيس كرزاي، أن القاتل كان باكستانيا، وأنه جرى التخطيط للتفجير الانتحاري في مدينة كويتا الباكستانية. ويعتبر المحللون أن مشاعر الغضب التي عمت كابل بعد قتل رباني، تدفع أفغانستان إلى التقرب أكثر من الهند. وقال كرزاي، مساء أول من أمس، قبل أن يغادر إلى نيودلهي، معلقا على دور باكستان في بلاده إنه «بعد كل الدمار والبؤس، ما زالت مستمرة اللعبة المزدوجة حيال أفغانستان واستخدام الإرهاب ذريعة». وقال المحلل السياسي الهندي، سوبهاش أغراوال، رئيس مكتب الدراسات الخاص «إنديا فوكوس»، إن الزيارة «تحمل دلالة كبرى على ضوء اتهام أفغانستان لباكستان بالضلوع في قتل رباني». وأضاف أن «هذه الزيارة تفتح نافذة طبيعية للهند للعب دور مستدام في أفغانستان ما بعد 2014».

ويرى مراقبون أن كرزاي بدأ ينفد صبره حيال باكستان التي يتهمها بتمويل وإيواء مجموعات مقاتلة، كما لا يمكنه الاعتماد، من جهة أخرى، على الولايات المتحدة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سعيد نقوي، من مجموعة أوبزرفر ريسيرتش فاونديشن للدراسات، أن «زيارة كرزاي تأتي في وقت حاسم لدعم دور الهند في أفغانستان». وقال: «إن كرزاي يأتي إلى الهند لمنحها صفة (الحليف الموثوق). الهند ستحصل على الحق في لعب دور أكبر (في أفغانستان) بعد زيارة كرزاي». ويقول المسؤولون الهنود دوما وهم يضعون نصب أعينهم القلق الذي تمثله باكستان، إنهم يريدون التركيز على ما يصفونه «بالقوة الناعمة» في علاقتهم بأفغانستان، مثل المساعدات الاقتصادية والتجارة، لكن الهند يمكنها أيضا تدريب قوات الأمن الأفغانية، وهذا شيء من المؤكد أن يثير استياء باكستان، ودربت الهند بالفعل عددا محدودا من ضباط الجيش الوطني الأفغاني.

وتتحرك الهند بحذر شديد وهي تشتبه في تورط باكستاني في عدد من الهجمات الكبرى في أفغانستان، ومن بينها هجومان على سفارتها في العاصمة الأفغانية كابل، عامي 2008 و2009، اعتبرا تحذيرا من إسلام آباد لنيودلهي حتى تبتعد عن «فنائها الخلفي» التقليدي أفغانستان. وتعرف الهند التي لا تربطها أي حدود برية مع أفغانستان أن نفوذها محدود، وتعتمد على باكستان في أي تجارة برية مع كابل، وقد يكون الرئيس الأفغاني أيضا حريصا على عدم إغضاب باكستان التي تلعب دورا محوريا في أي اتفاق سلام بين كابل وطالبان.