بوتين يطرح إعادة بناء الاتحاد السوفياتي

تحت اسم «الاتحاد الأوروآسيوي»

TT

بعد الإعلان عن ترشحه لفترة ولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية المرتقبة في مارس (آذار) المقبل، كشف فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الروسية عن طموحاته نحو استعادة توحيد الجزء الأكبر من الفضاء السوفياتي السابق في إطار ما وصفه الكثيرون في الدوائر الغربية بأنه محاولة لاستعادة الاتحاد السوفياتي. ورغم أن بوتين وفي مقاله الذي نشرته أمس صحيفة «ازفيستيا»، وصف مثل هذه التقديرات بالسذاجة فإن ما أودعه هذا المقال من أفكار يوحي بمثل هذه التوجهات انطلاقا مما أفصح عنه من نوايا تجاه إنشاء كيان اقتصادي يتمتع مواطنوه بحرية التنقل والعمل والإقامة وبما يتجاوز ما كان يتمتع به مواطنو الاتحاد السوفياتي السابق الذين طالما عانوا من قيود الحركة واختيار مقر العمل والإقامة.

وثمة شواهد تشير إلى أن الاتحاد «الأوروآسيوي» Eurasian Union الذي يطرح بوتين تشكيله يستند إلى الكيان الاقتصادي الموحد الذي يجمع كلا من روسيا وروسيا البيضاء وقزقستان تحت اسم «الاتحاد الجمركي»، والذي يعتبره بوتين نقطة الانطلاق نحو فضاء أكثر رحابة مفتوح أمام انضمام بلدان أخرى تبدو أوكرانيا بما تتمتع به من كثافة سكانية عالية ومساحة جغرافية متميزة بموقعها وما يحويه باطن أراضيها من ثروات طبيعية، في صدارة البلدان المرشحة لدعم فكرته. وفي الوقت الذي أكدت فيه أوكرانيا تحفظها على الانضمام إلى الكيان الجديد بسبب تطلعها أكثر إلى الاتحاد الأوروبي تشير الشواهد إلى احتمالات انضمام قيرغيزستان وطاجيكستان إلى هذه الاتحاد.

ومن المقرر أن يرى الاتحاد الأوروآسيوي الذي يطرح بوتين فكرته النور اعتبارا من مطلع العام المقبل بالنسبة لمواطني روسيا وروسيا البيضاء وقزقستان في الوقت الذي تظل أبوابه مفتوحة أمام انضمام من يريد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق. وتعليقا على «عدم رغبة بعض بلدان الجوار في الانضمام»، قال بوتين إن الاتحاد لا يضع نفسه في مواجهة أحد، مؤكدا أن الاتحاد المزمع إعلانه سيكون جزءا من أوروبا الكبرى.

وقال بوتين إن الاتحاد الجمركي الذي يشمل بمزاياه اليوم 167 مليون نسمة يعتبر علامة فارقة ليس فقط في تاريخ البلدان الثلاثة بل وبالنسبة لبقية بلدان الفضاء السوفياتي السابق التي سبق ودعاها إلى الانضمام إلى هذا الاتحاد. وأشار إلى أهم المزايا التي يمكن أن تعود على مواطني مثل هذا الكيان المتعدد القوميات ومنها نقل رؤوس الأموال وضمان حرية التنقل بعد إزالة الحدود وحق اختيار موقع العمل أو الدراسة والإقامة والتي قال إن مواطني البلدان الثلاثة سوف يتمتعون بها اعتبارا من مطلع عام 2012 دون أي قيود على العمل والإقامة.

وإذ أشار بوتين إلى بعض الملامح التي تجمع بين الكيان الجديد ومنظومة الكومنولث التي تضم تسعة من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق قال إن ما تراكم من تجارب مرت بها هذه البلدان بحلوها ومرها إلى جانب تجربة الدولة الاتحادية التي تضم روسيا وروسيا البيضاء وكذلك منظمة بلدان معاهدة الأمن الجماعي وبلدان التحالف الجمركي ساعد كثيرا في تجاوز تبعات الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في عام 2008 من خلال تعزيز إجراءات التكامل الاقتصادي وتبادل الاستفادة من القدرات الاقتصادية لتطوير التجارة وعلاقات الإنتاج. وقال إن ما يطرحه من أفكار يتجاوز تجربة الاتحاد السوفياتي السابق الذي كان يفرض قيود الإقامة والعمل على مواطنيه بما لم يكن يسمح بمثل ما يطرحه من حريات تقترب من تلك التي يتمتع بها مواطنو بلدان الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقيات شينغين.

ومن اللافت أن بوتين حاول في مقاله تبديد مخاوف البعض من احتمالات إعادة تشكيل الاتحاد السوفياتي السابق مشيرا إلى أنه من السذاجة بمكان أن يقوم بترميم أو استنساخ التجربة السابقة التي قال إنها صارت جزءا من الماضي. وكان سبق وقال إن من لم تساوره مشاعر الأسى تجاه انهيار الاتحاد السوفياتي السابق فهو إنسان بلا قلب، أما من تراوده الرغبة في إعادته فهو إنسان بلا عقل!!.