الحكومة السورية تتراجع عن قرار تعليق الاستيراد بعد أن وصفته بأنه «وطني»

سوريون يعتبرون التراجع دليل تخبط وآخرون يرونه تآمرا على المواطن

مظاهرة نسائية في حي القابون في دمشق أمس
TT

بعد جدل طويل، تراجعت الحكومة السورية عن قرار أصدرته قبل نحو أسبوعين وقضى بتعليق استيراد السلع والبضائع التي يزيد رسمها الجمركي عن 5%. وأعلن يوم أمس عن إلغاء القرار الذي لاقى انتقادات محلية واسعة من قبل رجال الأعمال والتجار والصناعيين، وأيضا من الدول التي ترتبط مع سوريا باتفاقيات تجارة حرة، وخصوصا تركيا التي هددت قبل أيام بالمعاملة بالمثل، وبوقف دخول الصادرات السورية.

ويشار إلى أن قرار تعليق الاستيراد الذي وصفه وزير الاقتصاد والتجارة لدى إصداره بأنه «قرار سيادي لا رجعة عنه»، ألحق أضرارا بالغة بالأسواق، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد والسلع بشكل كبير. كما هدد بزيادة عدد العاطلين عن العمل، هذا فضلا عن حالة الجمود التي ضربت الأسواق في وقت تمر فيه بظروف حرجة اقتصاديا. وكان الهدف من القرار الحفاظ على احتياطي البلاد من القطع الأجنبي، حيث كان من المتوقع أن يوفر نحو 6 مليارات دولار، في حين وحسب معلومات رسمية أن الاحتياطي الموجود والمقدر بـ17 مليار دولار يكفي لـ16 شهرا قادمة. وكان يؤمل أن يسهم القرار في مد تلك الفترة، إلا أن تأثير القرار على السوق أنذر بمشكلات أخرى كثيرة وأكبر. وظهر وزير الاقتصاد والتجارة أمس على شاشة التلفزيون السوري ليقول إن «إلغاء تعليق الاستيراد جاء استجابة لرغبة المواطنين والتجار ونتيجة تقييم آثاره واستجابة لرغبة المواطنين والتجار».

وكان اتحاد غرف التجارة السوري، وخلال اجتماع عاجل، عبر عن رفضه قرار تعليق الاستيراد للمواد التي تزيد رسومها الجمركية عن 5%. وبعد صدور القرار بأربعة أيام، استثنت وزارة الاقتصاد والتجارة قائمة من 51 منتجا تتراوح رسومها الجمركية ما بين 7 إلى 20% من قرار تعليق استيراد بعض المواد التي يزيد رسمها الجمركي على 5%، لتعود وزارة الاقتصاد وتلغي القرار.

وقد لاقى التراجع عن هذا القرار ردود فعل متباينة في الشارع السوري، ففي حين أبدى التجار ورجال الأعمال ارتياحا لهذه الخطوة، اعتبر ناشطون أن اتخاذ القرار ومن ثم التراجع عنه دليل «تخبط» ورأوا فيه «مؤشرا على اقتراب سقوط النظام». وعلق أحد الناشطين، قال إنه يدعى خالد، على قرار تعليق الاستيراد، وقال إنه لو بقي ساريا كان «سيؤدي حتما إلى انقلاب رجال المال والأعمال على النظام» لأن هؤلاء بحسب وجهة نظره «لا يتحملون خسارة المال» وأن «مصالحهم ما تزال مرتبطة مع النظام وتعليق الاستيراد لو استمر كان كفيلا بفك هذا الارتباط». من جهتها، سخرت ميرنا، وهي صيدلانية، من تخبط الحكومة، وقالت «عندما أصدروا القرار قالوا إنه كان وطنيا بامتياز، حسب تعبير وزير الاقتصاد، الآن ماذا يمكن اعتبار إلغائه هل هو قرار لا وطني». وطالبت ميرنا وزير الاقتصاد بالإجابة عن هذا السؤال.

ومع أن «التراجع عن الخطأ فضيلة»، يقول بسام وهو سائق تاكسي، ولكن «أخطاء حكومتنا لا فضيلة في التراجع عنها، وكأنما ابتليت بسوء التقدير على الدوام». وأضاف أن «إصدار القرار تسبب بأضرار برفع الأسعار، والتراجع لن يخفض الأسعار حتى بات المواطن على قناعة بأن الحكومة تتآمر على المواطن، فقد سبق وأن رفعت أسعار المحروقات فارتفعت الأسعار خمسة أضعاف، وعندما تم اخفض سعر المحروقات بقيت الأسعار مرتفعة، وهذا يتكرر مع قرار تعليق الاستيراد». وأكد بسام قناعته بأن الحكومة «لا تتخبط وإنما تعمل وفق ما تمليه مصالح المافيات التي ما تزال تجني الأرباح حتى في هذه الظروف الصعبة».