تغطية مختلفة في الصحف القومية المصرية بذكرى أكتوبر

خبراء: الإعلام المصري لعب دورا دعائيا موجها تحت ضغوط نظام مبارك

TT

احتفت الصحف المصرية الصادرة أمس بذكرى انتصار البلاد على إسرائيل في حرب أكتوبر عام 1973، لكن المعالجة الصحافية لانتصارات أكتوبر هذا العام اختلفت شكلا وموضوعا عما درج المصريون عليه عبر الثلاثين عاما الماضية، لتصبح أكثر موضوعية، بحسب خبراء. واللافت أن كل ما يتعلق بحرب أكتوبر طرأ عليه تغيير في أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، فالأضواء انحسرت عن وجوه لتسلط على وجوه أخرى لم يألفها المصريون، كما برزت مساهمات قادة أكتوبر المنسيين للمرة الأولى عبر سنين.

ومن خلال ملحق خاص لجريدة «الأخبار» اليومية القومية، تعرّف المصريون ربما للمرة الأولى على المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم في مصر)، أثناء الحرب.. وذلك من خلال صورة قديمة له جرى استخدام سهم أحمر فيها للإشارة إليه. كما تمت الإشارة إلى معركة «المزرعة الصينية»، والتي قادها المشير طنطاوي أثناء الحرب، وهي المعركة التي يعرف كثير من المصريين تفاصيلها للمرة الأولى.

وعبر ثلاثين عاما كان الفضل الأكبر في انتصار أكتوبر ينسب إلى القوات الجوية، التي قادها الرئيس السابق مبارك أثناء الحرب، حيث كانت مساحات كبيرة تفرد للضربة الجوية والتي وصفت دوما بأنها مفتاح النصر. لكن نفس الملحق وضعها في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية بعد قوات الدفاع الجوي والقوات البحرية في قائمة لأهم قادة حرب أكتوبر، وهو الترتيب الطبيعي للأسلحة المقاتلة في القوات المسلحة المصرية.

وفيما كانت طائرات سلاح الجو المصري تحلق في سماء القاهرة خلال احتفالات القوات المسلحة بالذكرى الثامنة والثلاثين للنصر، كانت الموضوعات المتعلقة بالقوات الجوية تتراجع للصفحات الأخيرة بمساحات متوسطة، تاركة مساحات أكبر لمساهمات الأسلحة الأخرى، حيث أفردت مساحات واسعة لسلاح الدفاع الجوي وسلاح المدفعية والقوات البحرية.

وبينما كان الإعلام المصري والصحف القومية تتجاهل من قبل تسليط الضوء على بعض قادة أبطال أكتوبر، أفردت الصحف المصرية هذا العام صفحات للاحتفاء باللواء سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان الجيش المصري أثناء الحرب، بعد أعوام طويلة من التجاهل بسبب خلافه الشهير مع الرئيس الراحل السادات ومن بعده مبارك. وتصدرت صور الشاذلي وتحليلات خطته العسكرية خلال الحرب موضوعات عدة، بعدما كانت نفس الجرائد تتجاهل حتى مجرد الإشارة إليه.

ووجد الجنود المصريون مكانا لهم على صفحات صحف خاصة، وهو ما برز من خلال ملحق نشرته أمس صحيفة «التحرير»، التي خصصت معظم موضوعاتها على بطولات جنود مصريين أثناء سير المعارك. وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا على أن الموضوعية التي اتسمت بها الصحف القومية لا تزال تدور في فلك القيادات العسكرية التي تقود البلاد في هذه المرحلة الانتقالية.

وفي المقابل يعتقد سليمان قناوي، رئيس تحرير البوابة الإلكترونية لـ«أخبار اليوم»، أن المعالجة الصحافية هذا العام كانت موضوعية وأعطت كل ذي حق حقه. وقال قناوي لـ«الشرق الأوسط»: «كانت هناك ضغوط كبيرة على الإعلام المصري لتصدير القوات الجوية والضربة الجوية لمبارك»، ثم أضاف «كان ذكر اسم مبارك في أي موضوع كفيلا بنشره دون النظر إلى جودته»، و«كان هناك نفاق مقدم من الصحف القومية لمبارك، دون أن يطلب أحد مجاملة مبارك من الأساس».

وكانت الصحف القومية قد احتفت بالثورة صبيحة سقوط نظام مبارك في الحادي عشر من فبراير (شباط) الماضي، رغم أنها كانت في صف النظام لسنوات.. وهو ما عده المراقبون حينها مواصلة لنزيف مصداقيتها. لكن قناوي يعتقد أن الصحف القومية عالجت الحرب هذا العام دون أي ضغوط وبمهنية كبيرة، حيث ألقت الضوء على قادة وأسلحة أخرى بخلاف القوات الجوية.

وقال الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: «إن الإعلام دوما ما يعكس حدود النظام السياسي بطريقة دعائية. ومع سقوط النظام، فإن الإعلام القومي كان لا بد أن يتغير من خلال أبعاد جديدة في معالجته لنفس القضايا التي دأب على معالجتها لصالح النظام»، وأوضح العالم لـ«الشرق الأوسط» أن «موضوعية الصحف القومية هذا العام ترجع لكون الإعلام دائما ما يصاحب الموجة السائدة، وهي في غير صالح مبارك والقوات الجوية في كل الأحوال».

وفيما تخلو الصحف المصرية هذا العام من ذكر أثر الضربة الجوية للمرة الأولى منذ عهود، يتندر المصريون بخفة دمهم المعروفة عمن ستسلط عليه الأضواء كصاحب الدور الرئيسي العام المقبل، بعدما تختار مصر رئيسا جديدا.