الأسعد: حيدنا الجيش النظامي لكننا سنضربه الآن بكل قوة.. والعرب خذلونا وكل ما نطلبه حظر جوي وبحري

«الشرق الأوسط» في مقر قيادة «الجيش السوري الحر»

تظاهرة نسائية في حمص أمس
TT

في جنوب تركيا، على بعد «رمية حجر» من الحدود السورية، يقيم نحو 65 عسكريا وضابطا سوريا في معسكر تحميه القوات التركية، يشكلون ما يشبه «مجلس القيادة» لما يعرف بـ«الجيش السوري الحر» الذي يقوده العقيد رياض الأسعد أكبر قادة الجيش السوري المنشقين رتبة حتى الآن.

يتجمع الضباط بقيادة الأسعد، في المكان الذي يتحفظون عن الإشارة إلى موقعه بالتحديد، والذي دخلته «الشرق الأوسط» لترصد حركة نشطة يقوم بها الضباط والجنود للتنسيق مع زملائهم في الأراضي السوري الذين يؤكد العقيد الأسعد أنهم «أكثر من 10 آلاف منشق بالتأكيد» يوجدون في كل أنحاء سوريا.

أنشأ «الجيش السوري الحر» في مقر قيادته مكتبا إعلاميا، يقول أحد المسؤولين فيه، النقيب عمار الواوي إن مهمته التواصل مع القنوات التلفزيونية والصحف وبقية وسائل الإعلام، مشيرا إلى تزويد المقر بأدوات الاتصال الحديثة لمواكبة هذه المهمة. النقيب الواوي الذي كان يرتدي زيا رسميا مع ربطة عنق زرقاء، تتناقض مع المحيط العسكري القائم على أرضية رملية وخيام بيضاء اللون. كان سعيدا بخبر ولادة ابنته الجديدة التي سماها كفاح، على أمل أن يطلق على من يليها اسم نصر بعد النصر الذي يتمناه مع بقية زملائه.

العقيد الأسعد الذي يتولى قيادة «الجيش» الجديد، يبدو هادئا ومتواضعا، ببزته الرياضية الزرقاء. صوته هادئ وخافت، لكن عندما يحين وقت «الكلام الجدي» يرفع نبرته ويتكلم بلهجة الواثق بانتصار يتوقعه، و«مصير مخز» يتنبأ به للرئيس السوري بشار الأسد وزملائه، «الذي لن يكون إلا مصيرا مشابها لمصير حليفه العقيد معمر القذافي الذي سمى نفسه (ملك الملوك)، فيما هو الآن هارب مع الجرذان التي شبه شعبه الثائر بها».

يؤكد العميد الأسعد لـ«الشرق الأوسط» أن عدد الجنود تجاوز بالتأكيد العشرة آلاف، انشقوا عن النظام ويوجدون داخل الأراضي السورية، كاشفا أن من معه في تركيا لا يتجاوزون 36 ضابطا، أما الجنود، فهم بمثل عددهم أو أقل. ويشير إلى أن مكان الجنود في ساحة المعركة. يقول: «لقد شكلنا جيشا متكاملا، ووزعنا الكتائب والسرايا وفقا للتراتبية المعمول بها في قيادة الجيش النظامي السوري». يبرر ذلك بأن «هناك حاجة لإيجاد نواة جيش تكون قادرة على الإمساك بزمام الأمور وتتحول إلى جيش رسمي مع سقوط النظام»، ويضيف: «في البداية، تحركنا في إطار فردي، لكن مع ازدياد عدد المنشقين، وجدنا أنه لا بد من تنظيم وتأطير لهذه الحركة حتى نستطيع التحول إلى قوة مؤثرة»، مؤكدا أن الجيش الجديد «سيكون بعيدا عن السياسة والحزبية والطائفية».

ويشير الأسعد إلى أن «الجيش الحر» يعمل على الأرض، ويقوم يوميا بعمليات ضد النظام، مطمئنا الشعب السوري الذي ينتفض على الظلم بأن «هذا الجيش قريب منهم وسيعمل لحمايتهم في كل نقطة على الأراضي السورية». وأوضح الأسعد أن عمليات «الجيش الحر» اقتصرت في البداية على الشبيحة وقوات الأمن والاستخبارات الجوية التي تعمل على ضبط عمليات الانشقاق في الجيش، لكنه كشف أن هذا الجيش سيبدأ باستهداف الجيش النظامي، قائلا: «لقد كنا نستثنيه (الجيش السوري) في البداية، لكننا اضطررنا الآن إلى استهدافه، ونحن سنضربه بكل قوة. فلا مجال للمناورة، لأن أهلنا يذبحون بواسطة هذا الجيش، وهناك اليوم (أمس) قصف بالطيران الحربي يستهدف المدنيين، وهذا الطيران هو من القوة الجوية التابعة للجيش النظامي لا للشبيحة وقوات الأمن».

الجانب التسليحي لـ«الجيش» لا يزال ضعيفا، لكن الأسعد يؤكد أن الجيش «يقوم بتكوين نفسه، ويجمع السلاح شيئا فشيئا»، مشيرا إلى أن مصدر هذا السلاح «بعض الجهات السورية التي نتعامل معها، فنحن لا نتعامل مع جهات خارجية ولا يوجد لدينا أي دعم خارجي».

لكن الأسعد يشير إلى «أن التنسيق الوحيد الآن هو مع الأتراك»، آملا منهم اتخاذ موقف، متوقعا «قرارا قريبا جدا على قدر كبير من الأهمية من جانبهم». ويقول: «الأتراك هم الوحيدون الذين يقفون إلى جانبنا الآن، فقد خذلنا العرب، ولذلك لم يعد أمامنا سواهم»، مشيرا إلى أن «لا تنسيق عسكريا بعد مع تركيا»، لكنه لم يخف أمله في حدوث هذا. ويشير ردا على سؤال عن دلالة المناورات التركية، بأنه يأمل «أن تكشف الأيام المقبلة الكثير».

عندما يحين وقت الحديث عن السياسية، يكشف العميد الأسعد عن اتجاه للتعاون مع المجلس الوطني الذي سيتحول إلى الواجهة السياسية للمعارضة. ويقول الأسعد: «نحن نتمنى من المجلس الوطني أن ينسق معنا ويكون الواجهة السياسية لعملية إسقاط النظام، وبعدها تبدأ عملية بناء دولة وطنية تكون بالتأكيد مدنية». وردا على سؤال عن حجم التنسيق مع المجلس، يقول الأسعد: «حتى الآن هناك اتصالات مع بعض الشخصيات. هم يشكلون الهيئات الخاصة بهم. لقد شكلوا لجنة الشؤون الخارجية، وعندما يحين موعد لجنة الدفاع لا بد من أن ينسقوا معنا. فلا بد من أن نكون نحن هذه اللجنة»، مشيرا إلى أن قيادة الجيش حاولت الاتصال بكل أطراف المعارضة السورية، و«حاولت جمع هذه الأكراف». ويشكر الأسعد الله على أنه تم الاتفاق على تشكيل هذا المجلس «بعد تنازلات قدمها البعض».

يطلب الأسعد، ورفاقه في المنفى، من الشعب السوري «الصمود والبقاء أقوياء»، ويعدهم بأن «إسقاط النظام قريب، بل وقريب جدا، ومصير قائده سيكون مثل مصير القذافي الذي يهرب من مكان إلى آخر»، آملا من العالم أن يتخذ «مواقف أكثر حزما حيال النظام السوري» معتبرا أن هذا النظام هو «عصابة حاكمة». مشيرا إلى أن «الجيش الحر» يرفض أي تدخل عسكري أجنبي، وكل ما يريده هو «حظر جوي وبحري».

ورغم تشديده على استمرار الناس في ثورتهم السلمية، فإن الأسعد يرى أن النظام لن يسقط إلا بالقوة فـ«(الرئيس السوري حافظ) الأسد تسلم الحكم بالقوة، ولا يمكن إنزال هذا النظام إلا بالقوة».