شقيق المقدم هرموش ينضم إلى قائمة المخطوفين من الأراضي التركية وكبير العائلة يضرب عن الطعام حتى لقاء أردوغان

مخيمات اللاجئين السوريين تشهد تحسنا في التقديمات.. ومدرسة بمنهاج سوري لا تدرس «مبادئ البعث»

TT

تشهد مخيمات اللاجئين السوريين في جنوب تركيا حركة ناشطة، مع الزيارة المتوقعة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إليها يوم الأحد المقبل، تدشينا للعقوبات التي سوف تفرضها تركيا على النظام السوري.

ويعترف النازحون السوريون بوجود «تحسن كبير» في التقديمات التي توفرها السلطات التركية للاجئين، أو «الضيوف» حسب التسمية التركية، فقد خففت الإجراءات الأمنية إلى حد كبير، وبدأ السماح للاجئين بالخروج من المخيمات بمفردهم بعد تدوين الأسماء في مركز الحرس. كما يتم تنظيم بعض الجولات الترفيهية، ومنها رحلات لصيد الأسماك إلى نهر العاصي القريب، أو إلى البحر البعيد بعض الشيء. لكن الرعاية الصحية لا تزال نقطة الشكوى الأبرز من قبل اللاجئين. وهي نقطة يعترف بها المنظمون الأتراك، «لأن الهلال الأحمر التركي لا يزال يفتقد الخبرة في التعامل مع الأزمات الطويلة الأمد»، أما النقطة الثانية فهي التعليم الذي لا يزال مقتصرا على المنهاج التركي، رغم أن بعض أبناء الجالية السورية في تركيا قد تجاوزوه بإنشاء مدرسة خاصة تعتمد المنهاج السوري ناقصا «مبادئ حزب البعث»، كما يقول أحدهم ضاحكا.

وقد استقبلت المخيمات التركية أول من أمس لاجئين جددا، هم جزء من عائلة الملازم المنشق حسين هرموش. هذه العائلة التي لا تزال تعاني من «القتل والتشريد والإذلال»، كما يقول كبيرها الموجود في مخيم اللاجئين محمود هرموش. فهذا الرجل الستيني مصاب بطلقة رصاص في رجله خلال عملية مداهمة بعد انشاق أخيه. أما أخوه الآخر حسن فقد أوقف منذ ثلاثة أشهر وفقد أثره، بينما كان جديد المفقودين الشقيق الأصغر وليد البالغ من العمر 28 عاما الذي أوقفته السلطات السورية إثر محاولة تهريب ناجحة قام بها لعائلة شقيقه الأكبر محمود. ويقول شقيقه الآخر إبراهيم (أبو مصطفى) لـ«الشرق الأوسط» إن وليد كان يقوم بتهريب عائلة شقيقه محمود إلى تركيا سباحة عبر نهر العاصي عندما لحقت وحدة من الأمن السوري، مشيرا إلى أن اثنين منهم عبرا النهر وضربا وليد فكسرا رجله، ثم سحباه إلى الأراضي السورية، بينما كان الآخرون ينادون عليهما بضرورة جلب بقية أفراد العائلة من النساء والأطفال الذين بدأوا بالصراخ، فأنجدهم مزارع تركي باستدعاء الدرك التركي، فلاذ المهاجمون بالفرار ومعهم غنيمتهم.

الأخ الأكبر أبلغ «الشرق الأوسط» أنه بدأ إضرابا عن الطعام والشراب حتى يلتقيه رئيس الوزراء التركي. وقال: «أخواي الاثنان خُطفا من الأراضي التركية، ونريد أن نعرف مصيرهما وأن نعرف هل نحن في أمان هنا أم نذهب إلى مكان آخر».

ويتدخل أبو مصطفى ليؤكد أن «من حق تركيا أن تطالب السلطات بمعرفة مصير المفقودين لأنهما خطفا على أرضها، أو على الأقل ضمان حياتهما لأننا ندرك أننا نتعامل مع نظام متوحش يتهدد حياتهما بالخطر الشديد».

وعلى مقربة من الرجلين يجلس براء، الابن الأصغر للملازم حسين هرموش، منصتا ومشاركا في الحديث. براء موجود في تركيا مع عمومته، بينما بقية أفراد عائلته المكونة من خمسة أفراد موزعة في سوريا (شقيقان، أحدهما معتقل وعمره 30 سنة) وفي بلجيكا (شخصان). أما أشقاء الملازم فيقبع اثنان منهم في المخيم، واثنان في السجن.

خطف وليد يعيد إلى العائلة ملابسات فقدان الملازم هرموش الذي تقول السلطات التركية وأفراد من المعارضة السورية إنه «كان مشاكسا ومتعبا لهم من الناحية الأمنية لجهة عدم قبوله بالبقاء في المخيم ومغامراته على الحدود التي عاد إثر واحدة منها مكبلا بالأصفاد إلى المخيم حفاظا على سلامته».

رواية خطف هرموش كما يقولها شقيقه الأكبر أبو مصطفى توحي بوجود كمين محكم نصب له. يقول: «لقد سجل أخي اسمه للمرة الأولى نظاميا عند مغادرته المخيم يوم وقفة العيد. لقد اتصل به شخص وتحدث معه طالبا لقاءه. وهذا الشخص هو عنصر الاستخبارات التركية، نعرفه جميعا لأنه حقق معنا لدى وصولنا إلى المخيم. وقد أتى صاحب الاتصال فقابله بسيارته أمام المخيم، ثم ذهبا معا، تاركا ابن أخيه الصغير البالغ من العمر 6 سنوات على جانب الطريق». قلقت عائلة هرموش وبدأت الاتصالات، كان خط الملازم مقفلا حتى الحادية عشرة ليلا، حيث فتح، لكنّ أحدا لم يُجِب على الاتصالات إلى أن أقفل مجددا نحو الثالثة ليلا. اتصلت عائلة هرموش برقم الشخص الذي يفترض أنه من أقله، على الرقم الذي اتصل بالملازم، فأجاب صوت سائليه بأنه تحدث معه قليلا ثم تركه ورحل، ليعود الخط فيقفل. وتزداد الأمور غرابة عندما يأتي عنصر الاستخبارات التركي إلى المخيم، لينكر أن يكون هو من اتصل به أو من أجاب على الهاتف، مشيرا إلى أنه كان في إجازة العيد، والرقم هو للاستخبارات ولم يكن يستعمله في إجازته. عائلة هرموش تأمل من خلال الإضراب الذي بدأه كبيرها عن الطعام أن تلقى أجوبة من السلطات التركية حول نتائج التحقيق في الحادثتين، الأولى والثانية. كما تأمل أن تحصل على ضمانات بحفظ حياة ابنيها بعد الكارثة التي أصابتها وفرقتها، حيث لا تزال فتيات العائلة في سوريا مع أزواجهن، وكذلك زوجتا الموقوفين حسن ووليد وأولادهما.