اليمن: قتلى وجرحى في تعز وأرحب وانقسام اجتماعي في البلاد

عالم اجتماع لـ «الشرق الأوسط»: هناك ترويج مؤسف لثقافة الكراهية والعنف في اليمن

جندي من القوات المنشقة عن النظام في اليمن يرافق مسيرة مناوئة للنظام في صنعاء أمس (رويترز)
TT

تواصلت التطورات الأمنية على الساحة اليمنية بالتزامن مع تراشق كلامي بين الأطراف المتنازعة بشأن التصعيد، ففي تعز سقط عدد من الجرحى برصاص قوات الأمن الموالية للرئيس علي عبد الله صالح في قمع مظاهرة مناوئة للنظام، في حين ظلت الأوضاع على طبيعتها في صنعاء، رغم تخفيف حدة النقاط الأمنية.

وقال شهود عيان في تعز لـ«الشرق الأوسط»: «إن ما لا يقل عن 10 أشخاص سقطوا جرحى برصاص قوات الحرس الجمهوري التي أطلقت النار على مسيرة تطالب بمحاسبة الرئيس علي عبد الله صالح وأركان نظامه»، في وقت اتهم محافظ المحافظة، حمود الصوفي، قيادة الفرقة الأولى مدرع بصنعاء باختطاف نجله، عضو مجلس النواب (البرلمان) صهيب الصوفي إبان اعتقاله من «شارع الستين» بغربي صنعاء الذي تسيطر عليه قوات الفرقة.

من جانبها، اتهمت السلطات اليمنية أحزاب اللقاء المشترك المعارضة بالقيام بمسيرة «مسلحة بمدينة تعز»، وبالقيام بـ«إطلاق النار على المواطنين مما أدى إلى إصابة عدد منهم». وأضاف مصدر رسمي أن «العناصر المسلحة التابعة لميليشيات حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) التي كانت في أوساط المتظاهرين أطلقت النار على العضو القيادي في المؤتمر الشعبي العام بجاش علي بجاش الذي كان يستقل سيارته مع أولاده الذين أصيب ثلاثة منهم في ذلك الاعتداء الإجرامي لتلك العناصر».

وفي صنعاء، بدت النقاط الأمنية أقل مما كانت عليه بقليل، في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن اتفاق على رفع المظاهر العسكرية من شوارع العاصمة التي ما زالت تعاني من وضع أمني صعب، لكن الشواهد الميدانية تشير إلى استمرار الانتشار العسكري والسيطرة الأمنية لكافة الأطراف على المناطق التي يسيطر عليها كل طرف، سواء القوات الموالية للرئيس علي عبد الله صالح المتمثلة في الحرس الجمهوري أو الشرطة العسكرية أو شرطة النجدة والأمن المركزي أو غيرها، إضافة إلى القوات المناوئة للنظام متمثلة في قوات الفرقة الأولى مدرع بقيادة اللواء علي محسن الأحمر، أو المسلحين القبليين التابعين لزعيم قبيلة حاشد، الشيخ صادق الأحمر وأشقائه.

ودارت، فجر أمس، مواجهات عنيفة في حي الحصبة وعدة مناطق تماس بين القوات الموالية والمعارضة، وذكرت المصادر أن قتلى وجرحى سقطوا في تلك المواجهات التي تخللها قصف مدفعي لمناطق يعتقد أنها معاقل لأسرة آل الأحمر، غير أن معلومات أكيدة عن الضحايا لم تتوفر.

وفي أرحب، قتلت امرأة وجرح عدد من المواطنين في استئناف قوات الحرس الجمهوري لقصف القرى السكنية التي تقول السلطات إن مسلحين من المؤيدين للثورة يختبئون فيها.

وتتبادل الأطراف اليمنية الاتهامات بشأن استمرار المظاهر المسلحة، حيث شكك «المجلس الوطني للقوى الثورية» في صحة التصريحات الحكومية بشأن رفع تلك المظاهر، وقال المجلس، في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «هذه القوات تدعي كذبا وزيفا التزامها بالهدنة والتي تستخدمها فقط لإعادة انتشارها وتموضعها وتمركزها في مواقع جديدة لمحاصرة ساحات الحرية والتغيير والتضييق على حركة المواطنين الطبيعية».

إلى ذلك، تصاعد الانقسام الاجتماعي في اليمن مما جعل الكثير من علماء الاجتماع يحذرون من تصاعد الاحتقان في المجتمع ودخوله إلى مرحلة المواجهة المسلحة بدلا من المواجهة الفكرية سواء الذين يؤيدون الثورة اليمنية أو ممن يؤيدون نظام علي عبد الله صالح.. وتزداد هذه المخاوف يوما بعد يوم خاصة إذا ما عرفنا طبيعة مكونات المجتمع اليمني الذي يتكون في معظمه من شرائح قبلية ودينية ومدنية وعسكرية تشكل في مجملها تحالفات مكنت أي حاكم من تطويعها وتقويه حكمه من خلالها كما فعل الرئيس علي عبد الله صالح طوال 33 سنة من حكمه.

وبحسب عالم الاجتماع اليمني الدكتور حمود العودي: فإن «وسائل الإعلام للأسف الشديد والأدوات التي تروج وتكرس ثقافة الكراهية والإلغاء والعنف سواء من الأطراف الرسمية أو غيرها استطاعت أن تخترق جزءا من الكيان الاجتماعي المتماسك وتخلق حالة من الصراع الشكلي على الأقل».

ويقول الدكتور العودي لـ«الشرق الوسط»: «إن الظروف التي يعيشها اليمن أفرزت الكثير من المظاهر الاجتماعية المتعلقة بالظروف المحيطة، ومع ذلك فقد ارتبطت هذه الظروف بوجود نوع من حالة التوازن النفسي والانضباط الذي لم يكن أحد يتوقعه بالنسبة للمجتمع اليمني». ويتابع: «اليمن حاليا يعيش أوضاعا سياسية شبه منهارة وأوضاعا أمنية وإدارية شبه مغيبة، وظروفا معيشية معطلة إلى حد كبير، فضلا عن واقع المجتمع المسلح. وقد خابت كثير من توقعات المراقبين في الداخل والخارج بأن يتحول الوضع من ثورة سلمية شبابية ديمقراطية، إلى مواجهة من العنف والثأر».