هيئة التنسيق الوطنية المعارضة في الداخل: لا حوار مع السلطة

ألاعيب إعلامية لزيادة الهوة بين المعارضة التقليدية والشباب الثائرين

متظاهرون في حماه يرفعون لافتة كتب عليها «لسنا دعاة إرهاب نحن دعاة السلمية»
TT

أكد المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المعارضة في سوريا، حسن عبد العظيم، رفض الهيئة للحوار مع السلطة، وأوضح عبد العظيم أن الهيئة «لم تتحدث عن إصلاح النظام السوري بل دعت إلى تغييره والانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تداولي»، وذلك بعد عاصفة انتقادات من الناشطين الشباب، لمواقف عبد العظيم وهيئة التنسيق الوطنية لعدم انضمامها ودعمها للمجلس الوطني السوري الذي أعلن عن تشكيله في إسطنبول.

وواجهت هيئة التنسيق اتهامات بالمراوغة على هدف «الثورة السورية» الذي هو «إسقاط النظام» ورفض التدخل الخارجي، في الوقت الذي يحتاج فيه السوريون إلى حماية دولية، واستخدام عبارات فضفاضة تدعو «لإسقاط النظام الأمني الاستبدادي» الذي بعث برسائل خاطئة للشارع عن إمكانية التفاوض مع النظام على بقاء الأسد مع تغيير رموز الاستبداد الأمني، أي ما يعني إصلاح النظام.

وساهم في تأجيج الانتقادات احتفاء وسائل الإعلام السوري برفض هيئة التنسيق الانضمام للمجلس الوطني، وبدا الأمر كما لو أن هيئة التنسيق تدعو للحوار مع النظام، وكان هذا واضحا في ألاعيب إعلامية مارستها قناة «الإخبارية» ونجحت في توسيع الهوة بين المعارضة الداخلية والناشطين الشباب.

وقال عبد العظيم في مؤتمر صحافي عقد في بلدة حلبون في ريف دمشق، حضره أعضاء مجلس هيئة التنسيق أمس، إن «البعض حاول التشكيك في ما ورد بالبيان الختامي للمؤتمر الذي عقدته الهيئة، إننا وفي الوقت الذي نرفض فيه هذا التفسير غير البريء يهمنا أن نؤكد أن الهيئة لم تتحدث يوما ومنذ تأسيسها عن إصلاح النظام بل تحدثت في كل وثائقها عن التغيير الوطني الديمقراطي وعن الانتقال إلى نظام ديمقراطي برلماني تداولي».

ومنعت هيئة التنسيق وسائل الإعلام السورية الرسمية من حضور المؤتمر الذي عقد في بلدة حلبون بريف دمشق، ما اعتبره البعض سلوكا إقصائيا وغير ديمقراطي، مما حدا بأعضاء من المؤتمر إلى المغادرة. إلا أن قناة «الإخبارية السورية» وهي قناة شبه رسمية تابعة لوزارة الإعلام السورية، نقلت وقائع المؤتمر الصحافي «من دون مونتاج » وكانت تنشر على الشاشة عبارات تحت بند «هام» ضمن شريط أزرق بارز، وبما يوحي أنها مقتبسة من كلام المجتمعين، وتلخص ما جاء في المؤتمر، حيث تؤكد تلك العبارات على أن السوريين يتطلعون لمساهمة حقيقية من قوى المعارضة الوطنية للمساهمة في الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس الأسد، وأن هذا الحوار هو الطريق للإصلاح السياسي الشامل. ومن يقرأ تلك العبارات ويستمع للكلام سيلاحظ التناقض الكبير في الموقف، ولكن من لا يسمع سيظن أن هيئة التنسيق تدعو إلى الحوار مع النظام، في عمل أقرب إلى عملية حرق أوراق المعارضة في الداخل وعزلها عن الشارع المنتفض.

وقال عبد العظيم «لقد فات منذ وقت طويل بالنسبة لنا ولشعبنا زمان الحديث عن إصلاح النظام بسبب إصراره منذ اندلاع انتفاضة الشعب على العنف والحلول الأمنية والعسكرية وبسبب غزارة دماء الشهداء والجراح العميقة التي تسببت بها هذه الحلول إضافة لأعمال التعذيب الوحشي والاعتقالات الواسعة وهو ما جعل قوى الثورة الشعبية تحول شعاراتها من إصلاح النظام إلى إسقاطه ثم إلى شعارات أخرى أكثر حدة وغضبا».

وتابع المعارض السوري الثمانيني: «إن قوى الثورة من الشباب بوعيه العميق لا يمكن أن تقبل بسلطة حزب واحد يحتكر السلطة والثروة ويمارس القمع والتشريد في مواجهة انتفاضة شعبية سلمية وشعب أعزل للإبقاء على الاستبداد والفساد وإبقاء السلطة». وأكد أنه «لا يمكن أن نقبل بإصلاحات جزئية وشكلية للنظام ولا بد من تغييره بنيويا بشكل عميق بهذه المرحلة التاريخية التي أزهر فيها الربيع العربي في المنطقة».

وحول الحوار مع السلطة، قال عبد العظيم إن موقف الهيئة واضح، حيث أكدت أنه «لا يوجد مناخ حقيقي ولا بيئة مناسبة لأي حوار وطني يهدف إلى توفير آليات انتقال السلطة». وقال إن «ما طرحته السلطة لم يكن سوى محاولات لكسب الوقت وتغطية للحلول الأمنية والعسكرية وتوجيه رسائل للقوى الدولية بأن السلطة تحاور المعارضة».

وأوضح أن أي حوار وطني «لا بد أن يبدأ بالاعتراف بقوى المعارضة الوطنية وبدورها الأساسي في حل الأزمة، وأن يعترف بالأزمة بدلا من التعامل معها كمؤامرة وعصابات سلفية مسلحة، ومن دون الاستجابة لمطالب الشعب لا معنى للحديث ولا التفكير في حوار في ظل القتل وتجاهل الشعب والمعارضة وكل الحقوق المشروعة».

وانتقد عبد العظيم مطالب الحماية الدولية باعتبارها رد فعل خاطئا على عنف السلطة، وقال إن «إصرار السلطة على العنف والاعتقال والتعذيب يدفع بعض قوى الانتفاضة وبعض الشخصيات السياسية إلى ردود فعل خاطئة باتجاه طلب الحماية الدولية من جهة وباتجاه اللجوء إلى التسلح الفردي حينا وإلى لجوء بعض المجموعات إلى التسلح حينا آخر كرد فعل اضطراري على العنف والقهر المتواصل التي تتحمل السلطة مسؤوليتها». وقال إن «الحماية الدولية عنوان عريض يبدأ من التنديد والعقوبات الاقتصادية وقرار من مجلس الأمن ويمتد إلى إرسال مراقبين وممثلين للمنظمات الحقوقية ويتجاوز ذلك إلى إقامة مناطق عازلة وحظر جوي ويصل إلى ضربات جوية محددة ليصل إلى التدخل العسكري المباشر».

وأوضح عبد العظيم رؤيته حول طلب الحماية الدولية بالقول: «يستسهل البعض طلب الحماية الدولية، لكنه أمر لا يمكن السيطرة على تطوراته اللاحقة».