بعد يوم من تهديدات المعلم.. الاتحاد الأوروبي يرحب بالمجلس الوطني ويجدد المطالبة بتنحي الأسد

أدان «القمع الوحشي» والانتهاكات.. واتهم النظام بالتحريض السوري على النزاع العرقي والديني.. ودعا مصر إلى حماية الأقليات

كاثرين اشتون
TT

أدان الاتحاد الأوروبي من جديد، أمس، وبأشد العبارات، ما وصفه بالقمع الوحشي الذي يقوده النظام السوري ضد سكان البلاد، والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان من قتل واعتقالات جماعية وتعذيب للمدنيين من المحتجين وأقاربهم «وهي أعمال ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية»، حسبما جاء في بيان أقره أمس رؤساء الدبلوماسية الأوروبية في لوكسمبورغ. وبينما جدد الاتحاد الدعوة للرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي عن السلطة، يتوقع أن يوسع الاتحاد الأوروبي من دائرة العقوبات على دمشق.

وأدان الاتحاد الأوروبي إجراءات النظام السوري التي وصفها بأنها «تحرض على النزاع العرقي والديني»، فضلا عن استهداف السلطات السورية لشخصيات سياسية مثل مشعل تمو السياسي الكردي الذي اغتيل يوم الجمعة الماضي.

وأشار البيان إلى ما ذكرته الأمم المتحدة من سقوط أكثر من 2900 قتيل بينهم أطفال، منذ بداية الاضطرابات في سوريا، وأعرب الاتحاد الأوروبي عن استيائه من هذا العدد الكبير من الوفيات، وفي نفس الوقت قدم التعازي لأسر الضحايا.

وطالب الاتحاد الأوروبي من النظام السوري وضع حد فوري لأعمال العنف والحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء، وأضاف: «يجب تقديم المسؤولين عنها أو المرتبطين بهم للعدالة الدولية»، وأكد البيان الأوروبي أنه لا يمكن أن يكون هناك عملية سياسية ذات مصداقية دون وضع حد لعمليات القتل، والتوقف عن الاعتقالات التعسفية، وضرورة إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإعطاء الحق لزعماء المعارضة والناشطين الآخرين في التعبير السلمي.

وقال البيان «يتعين على الرئيس الأسد التنحي للسماح بالتحول السياسي في سوريا»، وطالب البيان السلطات السورية «وعلى الفور تخفيف معاناة السكان في مناطق الأزمات، والسماح بوصول الوكالات الإنسانية وبعثات تقصي الحقائق والسماح لوسائل الإعلام المستقلة والدولية للعمل دون قيود، وأن تلتزم سوريا بالتزاماتها الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية».

كما رحب الاتحاد الأوروبي بتأسيس المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية حركات المعارضة للأسد، وجاء في البيان أن الاتحاد «يشيد بجهود الشعب السوري لوضع برنامج (للمعارضة) موحد ويدعو المجموعة الدولية إلى القيام بالمثل»، واعتبر «أن تأسيس المجلس الوطني السوري يشكل خطوة إيجابية». ويرحب الأوروبيون خصوصا بالتزام المجلس الوطني السوري بالدعوة إلى اللاعنف والدفاع عن «القيم الديمقراطية».

ويأتي الترحيب الأوروبي غداة تحذير أطلقه وزير الخارجية السوري وليد المعلم من أن دمشق ستتخذ «إجراءات مشددة» ضد الدول التي ستعترف بالمجلس الوطني السوري، مؤكدة أن العمل جار على استكمال «الإصلاح السياسي» و«إنهاء المظاهر المسلحة» في البلاد.

ومن جانبه، قال دبلوماسي أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الأمر ليس اعترافا كما اعترفنا بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي». وأضاف: «في الوقت عينه، كان يجب القيام ببادرة تجاه المجلس الوطني السوري لأننا لا نريد دعم محاولات السلطة إنشاء حركات معارضة وهمية».

وأدان الاتحاد الأوروبي الاعتداءات على الموظفين الدبلوماسيين في سوريا، ودعا النظام إلى الالتزام بالتعهدات الدولية في هذا الصدد. وأكد الاتحاد الاستمرار في سياسته الحالية، بما فيها فرض عقوبات ضد النظام والجهات الداعمة له، حتى يتحقق وقف العنف وإحراز تقدم واضح نحو الديمقراطية وانتقال سلمي واستجابة لمطالب الشعب السوري. وقال البيان إن الاتحاد الأوروبي سيقوم بمراجعة قوائم العقوبات، ويدعو كل من يريد تفادي التعرض للعقوبة، أن ينأى بنفسه عن النظام وما يفعله.

إلى ذلك، عبر البيان الأوروبي عن خيبة أمله بسبب عدم اعتماد مجلس الأمن الدولي قرارا بشأن التطورات الجارية في سوريا، حتى بعد مرور أشهر على ما وصفه البيان الأوروبي بـ«الاعتداءات الوحشية» لنظام الرئيس الأسد، وأضاف: «سيظل الاتحاد الأوروبي يواصل الضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية من الأمم المتحدة، وسيواصل جهوده مع الشركاء الإقليميين لمعالجة الوضع في سوريا». وتعهد الاتحاد الأوروبي بأنه بمجرد حدوث انتقال ديمقراطي حقيقي في البلاد، سيقوم الاتحاد بتطوير علاقاته وشراكته مع سوريا في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي لتوسيع عقوباته على دمشق، نقلت وكالة الأسوشييتد برس عن كاثرين أشتون مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد أن جولة ثالثة من الإجراءات ستكون ضرورية ضد سوريا، خصوصا بعد خطاب الأسد «المخيب للآمال» في عطلة نهاية الأسبوع والذي انتقد من خلاله التدخل الخارجي في العالم العربي. وفي نهاية الأسبوع، من المتوقع دخول سلسلة عقوبات جديدة من الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ تطال هذه المرة المصرف التجاري السوري الذي سبق أن أدرجته الولايات المتحدة على قائمة الكيانات والأشخاص الخاضعين لعقوبات، بحسب مصادر دبلوماسية.

إلا أن وزير خارجية السويد كارل بيلت أكد أن سوريا «تملك احتياطيا كبيرا من العملات، لهذا فإن الأمر سيستغرق وقتا قبل أن يكون لها أثر».

وأبعد من العقوبات، يقول دبلوماسي أوروبي إن التهديد بضرب دمشق كما حصل مع نظام معمر القذافي في ليبيا «مستحيل نظرا إلى المعطى في الأمم المتحدة».

وعلى صعيد آخر، أبدى وزراء الاتحاد الأوروبي قلقهم أمس إزاء مقتل نحو 24 شخصا في اشتباكات بين الشرطة العسكرية ومسيحيين في مصر وقالوا: إن من واجب السلطات حماية الأقليات الدينية.