موسكو تمهل النظام السوري «الفرصة الأخيرة».. وتعلن استعدادها لاستضافة الحوار

مسؤول روسي: الفيتو ليس تبرئة للنظام ولا ضوءا أخضر وعليه أن يفهم ذلك بأسرع وقت

الناشطة والمحامية السورية رزان زيتونة (رويترز)
TT

على نحو اتسم بتغير نوعي جديد، استقبلت موسكو أمس وفد المعارضة الداخلية السورية تمهيدا لاستقبال وفد آخر من ممثلي المعارضة الخارجية في وقت لاحق من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وفي أعقاب لقائه وفد المعارضة الداخلية، أعلن ميخائيل مارغيلوف رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد، الذي يستضيف الوفد السوري بصفته رئيسا لاتحاد جمعيات الصداقة والتعاون مع الشعوب الأفروآسيوية وليس بصفته الرسمية، أن لجوء روسيا إلى استخدام حق «الفيتو» ضد قرار مجلس الأمن حول سوريا لا يمكن أن يكون وبأي شكل من الأشكال «كارت - بلانش»، أي ضوء أخضر للنظام السوري ليفعل ما يشاء، على حد قوله. وأضاف مارغيلوف أن الفيتو الروسي دعوة أخيرة إلى كل من النظام والمعارضة للجلوس إلى مائدة الحوار الوطني، مشيرا إلى أن بلاده على استعداد لتقديم كل ما بوسعها وتأثيرها السياسي من أجل تحقيق هذا الهدف. وقال إن «القيادة السورية مدعوة إلى أن تستغل فرصتها الأخيرة من أجل إنقاذ الأوضاع على الساحة السورية»، مؤكدا ضرورة البدء في الحوار «الذي يجب أن يضم ممثلي كل التيارات وليس فقط التيارات التي تروق للنظام ومن دون أي تدخل خارجي». وعاد مارغيلوف ليؤكد أن روسيا لم تستخدم حق الفيتو لخدمة مصلحة النظام أو أي حزب آخر، بل كانت تستهدف به مصلحة الدولة السورية. وكان ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية، كشف في تصريحات نشرتها «الشرق الأوسط» يوم السبت الماضي، عن أن موسكو كان يمكن أن تنضم إلى التصويت إلى جانب القرار الذي طرحته البلدان الغربية لو كان تضمن ما طلبته من ضمانات تستبعد احتمالات استخدام القوة العسكرية ضد سوريا على غرار ما حدث مع ليبيا لدى تطبيق القرار 1973. وأشار مارغيلوف أمس إلى أن استعمال موسكو لحق النقض إنذار أخير تكون روسيا بعده استنفدت كل الأدوات التي يمنحها لها القانون الدولي. وكان مارغيلوف صارح ضيوفه من ممثلي المعارضة السورية في لقاء الأمس بأن الفيتو الذي استخدمته روسيا ضد قرار مجلس الأمن حول سوريا «ليس تبرئة» للنظام السوري، وأنه «في حال لم يفهم النظام السوري هذه الإشارة، فعليه أن يحاول فهمها في أقرب وقت ممكن»، بينما دعا الرئيس السوري بشار الأسد إلى «عدم التأخير في تنفيذ الإصلاحات الحقيقية وليست الزائفة»، وبدء الحوار مع كل الأطراف المعنية وليس فقط مع الجهات التي يرتاح في الحديث إليها، على حد تعبيره، «نظرا لأن الأخبار الأخيرة تشير إلى أن الوضع أصبح أكثر توترا وأن عدد الضحايا في تزايد مطرد». وقال بضرورة الانتقال إلى إجراءات محددة لوقف النزاع وحل الأزمة السياسية الداخلية، مؤكدا أن الوضع لا يزال بأيدي السوريين وإن أشار إلى أن «وقت الكلام ينفد». وبينما اقترح وساطة بلاده واستعدادها لاستضافة الحوار بين الأطراف المعنية، قال إنه يضع تجربة روسيا وثقلها السياسي للمساعدة في بلوغ الاتفاق بين السلطة والمعارضة. ومن المقرر أن يلتقي الوفد السوري صباح اليوم ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسية والمبعوث الخاص للرئيس إلى سوريا، في لقاء يعتبر الأول من نوعه، حيث لم يسبق لأي من وفدى المعارضة السورية، اللذين قاما بزيارة موسكو في ما سبق، اللقاء مع أي من الممثلين الرسميين لموسكو. ويضم وفد المعارضة السورية الذي التقى أيضا بالأمس عددا من البرلمانيين من مجلس الاتحاد، كلا من قدري جميل عن اللجنة الوطنية لتوحيد الشيوعيين السوريين، وعلي حيدر رئيس الحزب القومي الاجتماعي السوري، وعادل نعيسة عن الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير، وتوني درة عن الكنيسة المارونية.

ونقلت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» عن مصادر في الوفد تفسيرها لغياب بعض المعارضين ومنهم ميشيل كيلو والمنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم والاقتصادي المعارض عارف دليلة، بينما عزت أسباب التخلف إلى ما وصفته برفضهم للموقف الروسي تجاه ما يحدث في سوريا.

وأضافت الوكالة أن «ضعف التنسيق بين تيارات المعارضة المختلفة، كان من بين أسباب غياب هذه الشخصيات عن لقاء موسكو». وفي سياق متصل، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة نشرت أمس، أن موسكو وبكين مستعدتان لاقتراح مشروع قرار في مجلس الأمن حول سوريا يكون «أكثر توازنا» من النسخة التي عرضها الغرب على التصويت، وتدين العنف من جهتي النظام والمعارضة.

وكانت روسيا والصين أثارتا الأسبوع الماضي استياء الغرب عبر استخدام حق النقض ضد مشروع قرار يدين نظام الأسد حتى بعد أن أسقطت منه كلمة «عقوبات»، في محاولة لتبديد معارضة روسيا.

وقال لافروف لمجلة «بروفايل» «نقترح اعتماد مشروع قرار متوازن يدين العنف من الجانبين». وأضاف «في الوقت نفسه، يجب أن نطلب من الأسد مواصلة الإصلاحات التي بدأها».

وتابع «إلى جانب ذلك، يجب أن نشجع المعارضة السورية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى اتفاق. نحن مستعدون مع شركائنا الصينيين لعرض مثل مشروع القرار هذا».

وعبر وزير الخارجية الروسي عن قلقه، لأن النص الذي عرضه الغرب يمكن أن يمهد الطريق أمام فرض حظر كامل على الأسلحة على سوريا حليفة روسيا التقليدية في الشرق الأوسط.

وأضاف «نذكر كيف أن حظرا فرض بالنسبة لليبيا، كما نحن مدركون لقدرة شركائنا على تسليح أحد الطرفين في النزاع على الرغم من الحظر».