ثوار ليبيا يضيقون الخناق على فلول القذافي في سرت ويفتحون جبهة من البحر

أبو كريعيات القيادي في منبر «17 فبراير» لـ «الشرق الأوسط» : تحريرها يعني استسلام بني وليد

TT

قال قياديون في ثورة «17 فبراير» الليبية: إن القوات المتقدمة على جبهة سرت تمكنت من تحقيق تقدم إلى داخل المدينة في مواجهات مع قوات العقيد الهارب معمر القذافي من شارع إلى شارع، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الثوار تم نقلهم إلى مستشفيات مصراتة. وقال هاني أبو كريعيات، القيادي في منبر «17 فبراير» الحر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»: إن الثوار تمكنوا من تحقيق نتائج إيجابية، أمس، بعد أن تقدموا عبر شوارع عدة في المدينة التي تعد مسقط رأس القذافي، مشيرا إلى أن تحرير سرت سيعطي دفعة قوية للثوار للسيطرة على مدينة بني وليد ذات التضاريس الوعرة، التي يتحصن فيها موالون للقذافي بقيادة نجله سيف الإسلام، في وقت تحدثت أنباء من سبها في جنوب البلاد، عن اشتباكات محدودة بين الثوار وفلول من الطوارق. وشهدت محاور الجبهات الغربية والشرقية والجنوبية من سرت، التي تحاصرها قوات المجلس الانتقالي، عمليات نوعية في محاولة من الثوار لكسب أرض جديدة داخل المدينة التي يسيطر على القلب منها قناصة محترفون، وفقا للمصادر التي أشارت أيضا إلى أن الثوار خاضوا قتالا على جبهة الشمال القريبة من البحر، التي يقع فيها الميناء، وأن القناصة الموالين للقذافي ردوا سريعا على زحف الثوار المدججين بالقاذفات والصواريخ والأسلحة الخفيفة، وأن دقة تصويب القناصة أدت إلى إعاقة تقدم الثوار، و«استشهاد» ما لا يقل عن ثلاثة وإصابة أكثر من خمسة آخرين في هذا المحور.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن القومندان طارق دريسا، من قوات المجلس الانتقالي قوله إن قواته أصبحت على مسافة أقل من 1.5 كيلومتر من الساحة المركزية لمدينة سرت الواقعة على بعد 360 كيلومترا شرق طرابلس. ويقول المقاتلون الموالون للقذافي في المدينة، إنهم مصممون على الدفاع عن سرت حتى الموت. وقالت مصادر من أنصار القذافي إن أحد أبرز المروجين الإعلاميين التابع لهم في المدينة قُتل خلال يومي المعارك الماضيين، وسط حديث عن كوارث إنسانية بسبب نقص في المؤن والمواد الغذائية والطبية وانقطاع الكهرباء والمياه. وقال يونس العبدلي، أحد القادة الميدانيين التابعين لقوات المجلس الانتقالي في سرت، لـ«أسوشييتد برس»، إن لديه معلومات تفيد بأن أحد أبناء القذافي وعددا من المسؤولين الليبيين السابقين الكبار يوجدون في فيلات في سرت. ويعتقد أن عددا آخر من هؤلاء المسؤولين يوجد في بني وليد أيضا، حسب الوكالة. وقال الطبيب إبراهيم اللازمي، على مشارف سرت من الشرق، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، بعد أن وصل من بنغازي: إن المستشفيات الميدانية على مشارف سرت تستقبل عشرات الفارين من المدينة كل ساعة أو ساعتين، وإن الهاربين يروون فظائع عن المدينة التي أصبحت تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وإن القصف المتبادل بين الثوار وقوات القذافي خلف جدران مهدمة وسيارات محترقة وجثثا ملقاة في الشوارع ومصابين لا يجدون الإسعاف. وقال أبو كريعيات، الذي تحدث أمس لـ«الشرق الأوسط» من طرابلس: نرى أن هناك تقدما كبيرا إن شاء الله في سرت، وخلال يومين سيتم تحريرها بالكامل، وذلك بعد يوم من تحقيق قوات الثوار تقدما ملحوظا عبر سيطرتها على معتقلين رئيسيين للموالين للقذافي، وهما: منطقة مركز واغادوغو في جنوب سرت ومبنى الجامعة، وكذا على قصر القذافي، وعلى مستشفى ابن سيناء الرئيسي، إلى الغرب من المدينة. وأشار أبو كريعيات إلى أن عدد «الشهداء» في معارك سرت أمس وصل إلى نحو 15، إضافة إلى نحو 150 جريحا، تم نقلهم إلى مستشفيات مصراتة. كانت الأنباء قد ذكرت، نقلا عن موظفي مستشفى ميداني في غرب سرت، أن عدد قتلى الثوار أول من أمس الأحد وصل إلى 13، وإصابة نحو 90 آخرين. لكن أبو كريعيات قال: إن تحرير سرت سيكلل عملية التحرير التي يتوق إليها غالبية الليبيين، وسيعطي دفعة كبيرة للثوار من أجل تحرير مدينة بني وليد، في مقابل بث روح الهزيمة في أوساط مقاتلي القذافي المتحصنين في بني وليد، الواقعة على بعد نحو 170 كيلومترا جنوب غربي طرابلس.

ومعظم المعارك التي تقع على جبهة بني وليد طيلة نحو 3 أسابيع أصبحت تتسم بالكر والفر على مشارف المدينة، إضافة إلى الاعتماد على نصب الأكمنة، بسبب تضاريس المدينة ذات الطرقات والمساكن المتدرجة على منطقة جبلية، من أعلى إلى أسفل، والعكس. وسقط أول من أمس نحو 17 قتيلا حين كان الثوار يحاولون التمسك بموقع المطار على مشارف المدينة، التي يفيد شهود عيان بأن نجل القذافي، سيف الإسلام، يقود فيها المقاتلين الموالين لوالده «في ظل حالة نفسية متدهورة».

وقال أبو كريعيات: إنه من المتوقع أن يلجأ المتحصنون في بني وليد للاستسلام فور تحرير سرت «لن يكون لديهم أي دافع لمواصلة القتال، ببساطة تحرير سرت يعني استسلام بني وليد».

وصرح عضو اللجنة الإعلامية التابعة للمجلس المحلي لمدينة بني وليد لصحيفة «قورينا» الليبية، قائلا: إن رتلا يقدر بنحو 100 سيارة عسكرية تابعة لكتائب القذافي شوهد على الخط الفاصل بين مدينتي ترهونة وبني وليد على طريق النهر بالقرب من وادي التمالسة، مضيفا أن «من بين الرتل سيارة مصفحة يعتقد أن سيف الإسلام بها»، مشيرا إلى أن معظم الرتل من المرتزقة الأفارقة وبعض الطوارق.

وفي سبها، في أقصى الجنوب الليبي الذي يسيطر عليه الثوار بشكل هش بسبب الصحراء الشاسعة، أفادت مصادر من ائتلاف شباب «17 فبراير» في إقليم فزان، تم الاتصال بها أمس، عبر الإنترنت، بأن الثوار زادوا من انتشارهم في مواقع عدة قرب الحدود مع الجزائر والنيجر، للتصدي لأي محاولة للتسلل من الجنوب إلى داخل الجنوب الليبي لتهديد المدنيين، خاصة في مدينة سبها التي بدأت فيها فرق من الثوار أمس بإلقاء القبض على كل من كان متطوعا في كتائب القذافي.