وزير الداخلية اللبناني يعلن عن مشروع قانون انتخاب يعتمد النسبية مع لوائح مفتوحة ومكتملة

خبراء انتخابيون لـ «الشرق الأوسط»: اقتراح شربل يلغي «المحادل».. وملاحظات على تقسيم الدوائر

مناصرون لبنانيون من مؤسسة «العدالة والرحمة » في مسيرة امام البرلمان اللبناني ضد حكم الاعدام في الذكرى التاسعة لليوم العالمي ضد عقوبة الاعدام (إ.ب.أ)
TT

أعلن وزير الداخلية اللبناني مروان شربل أمس عن مشروع قانون للانتخابات النيابية المقبلة في عام 2013، يقوم على «نظام التمثيل النسبي، مع اعتماد اللوائح المفتوحة المكتملة مع صوتين تفضيليين، على أن يتم تقسيم لبنان إلى دوائر انتخابية متوسطة (بين 10 و14 دائرة)».

واقترح شربل، في مشروع القانون الذي وضعته لجنة برئاسته وضمت أصحاب الاختصاص الذين خبروا الانتخابات على مستوى صياغة القوانين أو إجرائها في عام 2009، إضافة إلى حقوقيين وموظفين في الوزارة، تشكيل «هيئة إدارية للإشراف على الانتخابات النيابية، ذات صفة قضائية باعتبار أن قراراتها تقبل الطعن عن طريق الاستئناف أمام مجلس شورى الدولة». كما لحظ المشروع «آلية تفصيلية لاقتراع اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، واعتماد كوتة بنسبة 30% في الترشيح من الجنس الآخر».

وسلم شربل نسخا من مشروع القانون إلى كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، مؤكدا أن مشروعه «لا يشبه أي قانون سواء في الشكل أو في المضمون، وأن هناك إضافات كثيرة اقتبسها من خلال تجربته في العمليات الانتخابية».

وشدد شربل على أن «النسبية هي الأنجح للمجتمع اللبناني، ولا خلاص له إلا باعتمادها»، متوقفا عند أهمية «الانتقال من النظام الأكثري الذي يقوم على فوز القوى السياسية بكل المقاعد بمجرد حصولها على أكثرية الأصوات، إلى نظام انتخابي يمكن الأقليات، سياسية كانت أم طائفية، من أن تتمثل في البرلمان لتأمين الشراكة في الحكم بين مختلف القوى، عبر اعتماد (النظام النسبي مع اللوائح المفتوحة المكتملة)»، كما ينص عليها مشروع القانون المقترح.

وأوضح وزير الداخلية أن مشروع القانون المقترح انطلق من معايير انتخابية عامة تقوم على المساواة بين الناخبين في وزن الصوت، وتقسيم جغرافي للدوائر متجانس ومترابط للحفاظ على النسيج الاجتماعي المتنوع القائم في لبنان.

في الأسباب الموجبة لوضع هذا المشروع، رأى شربل أنه «يتناسب وتطلعات اللبنانيين إلى تحقيق تمثيل سياسي صحيح وعادل»، ولفت إلى أن «النظام النسبي يمثل أفضل قوانين الانتخاب ضمانا للتمثيل الشعبي العام، فيحرر الأقليات من تأثير المحادل السياسية والمذهبية والمناطقية والمالية من جهة ويحد من نسبة الأصوات الضائعة أو المهدورة مما يشجع مشاركة أكبر من الناخبين من جهة أخرى». وشدد على أن «هذا النظام هو الأكثر تمثيلا لرغبة الشعب، إذ يعبر عن الديمقراطية الصحيحة لأي مجتمع كان عبر تحفيز قيام قوى وأحزاب وتكتلات سياسية من مرشحين من تطلعات واحدة بما يسهم في إيضاح التوجهات والبرامج السياسية في المجتمع الواحد».

ويأتي مشروع قانون الوزير شربل في ظل وجود صيغ عدة لمشاريع قوانين مقدمة تعتمد النظام النسبي. وفي هذا السياق أشار الخبير الانتخابي ربيع الهبر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مشروع القانون هذا لا يعبر عن تطلعات السياسيين اللبنانيين ومصالحهم بل عن تطلعات الشعب اللبناني ومصالحه، إذ أنه بإلغائه المحادل والبوسطات الانتخابية من خلال اعتماد النسبية لا يفيد السياسيين على الإطلاق».

ووصف مشروع القانون بأنه «عادل أكثر مما هو عادي، إذ يضمن تمثيل كافة الأطياف السياسية بشكل أكثر عدالة عن النظام القائم حاليا»، لافتا في الوقت عينه إلى أنه «لم يضمن التمثيل الفعلي للمسيحيين وإن كان تمثيلهم من خلاله أفضل من النظام الأكثري».

وأشار الهبر إلى أن مشروع القانون «هو نسخة منقحة عن الصيغ الأخرى المطروحة سابقا، وهو ليس بعيدا عن مشروع القانون الذي قدمه وزير الداخلية الأسبق زياد بارود إلا لناحية تفاصيل على غرار اعتماد الصوتين التفضيليين، كما أنه يعطي المجموعات التي تحصل على نسبة تصويت أقل مقاعد في المجلس النيابي».

وتسجل الحملة المدنية للإصلاح الانتخابي في لبنان، وهي تجمع جمعيات ومؤسسات تعنى بالحكم الصالح وتعزيز الشفافية ومراقبة الانتخابات، عددا من الملاحظات على اقتراح الوزير شربل، مرحبة في الوقت عينه بما تضمنه من إصلاحات انتخابية. وفي هذا الإطار، رحبت المديرة التنفيذية للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات يارا نصار لـ«الشرق الأوسط» باعتماد مشروع القانون على النسبية، موضحة: «إننا كنا نفضل اعتماد دوائر أكبر أي بمعدل 5 دوائر بدلا عن دوائر تتراوح بين 10 و14 دائرة لضمان أن تعطي النسبية مفعولها في التمثيل».

ورأت أنه كان من الأجدى أن يلحظ مشروع القانون «قيام هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات عوض هيئة إشراف تابعة لوزارة الداخلية، لأن المطلوب أن تدير هيئة مستقلة العملية الانتخابية من دون تدخل وزارة الداخلية أو الوزير».

ونوهت نصار «باعتماد الكوتة النسائية بنسبة 30% على لوائح الترشيح بما يضمن مشاركة المرأة في الحياة السياسية»، مشيرة في الوقت عينه إلى أنه كان «بالإمكان تنظيم اقتراع المغتربين في عام 2013 لأن عدم تحقيق ذلك يعد مخالفة لقانون الانتخابات الحالي».

وترفض قوى سياسية في لبنان، في مقدمها النائب وليد جنبلاط، اعتماد النسبية، فيما لا يزال موقف قوى سياسية أخرى غير معلن صراحة منها. وتتخوف القوى السياسية الكبرى من تطبيق هذا النظام لأن من شأنه أن يضمن تمثيل كل فريق وفق حجم قاعدته الشعبية ونفوذه السياسي، بما يلغي المحادل الكبرى التي تهيمن على كل المقاعد في كل دائرة انتخابية.