رئيس مجلس النواب العراقي: العراق دولة بالوكالة.. والبرلمان اليوم أكثر قوة وفاعلية مما كان عليه

النجيفي في حديث لـ «الشرق الأوسط»: نحن مع مطالب الشعب السوري.. وسوريا ماضية إلى التغيير

أسامة النجيفي («الشرق الأوسط»)
TT

يشيد قادة الكتل السياسية وغالبية من البرلمانيين العراقيين، مثل أبناء الشعب العراقي، بنجاح أسامة النجيفي في رئاسته لمجلس النواب (البرلمان) العراقي، فعلى الرغم من كونه زعيم كتلة «عراقيون» المنضوية ضمن القائمة العراقية التي يترأسها الدكتور إياد علاوي، رئيس وزراء العراق السابق، فإنه يصر بتصرفاته «على خدمة كل العراقيين باختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية وتوجهاتهم السياسية»، مؤكدا: «أنا رئيس مجلس النواب العراقي، وكوني من قائمة سياسية معينة فهذا يمنحني زخما لتحقيق البرنامج الوطني لهذه القائمة، التي لا تؤمن بالمحاصصة الطائفية».

وفي أول نشاط له في لندن، التي وصلها على رأس وفد برلماني عراقي، أول من أمس، بدعوة من مجلس العموم البريطاني، استضاف «الشرق الأوسط» ليتحدث وضمن حوار مطول عن تعقيدات المشهد السياسي العراقي، مشخصا بصراحته المعهودة نقاط الخلل والمحاولات الجارية لإصلاح ما يمكن إصلاحه، ونافيا بشدة «خلافي مع الدكتور علاوي الذي تربطنا ببعضنا علاقات احترام وتقدير، وهو زعيم القائمة العراقية، الذي يحرص على القيام بإجراء إصلاحات حقيقية». وفيما يلي نص الحوار:

* في الأنظمة الديمقراطية عادة ما يكون البرلمان هو السلطة الأقوى، لأنه يضم ممثلين عن الشعب، لكن في التجربة العراقية يبدو أن رئيس مجلس الوزراء، نوري المالكي، هو الأقوى وليست حتى الحكومة، ألا تجدون هذا غريبا؟

- ربما هذا كان صحيحا في الفترة الماضية، ولكن البرلمان العراقي اليوم ينتقل من مرحلة التهميش والاحتواء إلى برلمان قوي والمسألة تحتاج إلى وقت وإرادة، وتحتاج إلى قناعة أغلبية أعضاء مجلس النواب، وهذه الأغلبية غير متوفرة الآن، ومع هذا، هناك طفرات نوعية باتجاه تميز السلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، والتعامل معها يتم من منطلق التكامل والتعاون، وليس من منطلق التبعية، وما حصل من تشريعات مؤخرا الكثير منها يخالف وجهة نظر الحكومة، لكنها تتفق مع قناعة نواب الشعب العراقي، وآخرها قبل أسبوع قانونا هيئة الرقابة وهيئة النزاهة اللذان شرعا باستقلالية تامة تخالف حتى كتلة الأغلبية داخل مجلس النواب، بسبب تحالف كتل معينة لصالح التشريعات وحتى نواب من كتلة التحالف الوطني صوتوا مع الكتل الأخرى لقناعتهم بأن هذا هو ما يحقق مصلحة البلد، وهو إخراج هيئتي النزاهة والرقابة من الحكومة وربطها بالبرلمان ويكون ترشيح رئاساتها وأعضائها من مجلس النواب. وفي كثير من الاحتكاك الذي حصل في الفترة الماضية بين رئيس الحكومة والكتل السياسية برهن البرلمان على أنه قوي وفاعل ومؤثر ويحسب له ألف حساب، وليس كالسابق، حيث كانت توجه له الأوامر وهو (البرلمان) ينفذ. أعتقد أننا ما زلنا بحاجة إلى الوقت وإلى قناعة الحكومة بأن دور البرلمان إيجابي وأن الذي يبني ويحقق الاستقرار إنما يعمل من أجل مصلحة الجميع، وأن احتواء مجلس النواب مضر، وليس مفيدا حتى للحكومة ورئيسها.

* لكن غالبية من أعضاء مجلس النواب، الذين التقيناهم، يشكون من أن مجلس النواب إنما هو برلمان كتل ورؤساء كتل سياسية وهي التي تقرر.

- لا، أنا ضربت لكم مثلا على تشريعي هيئتي النزاهة والرقابة، فرأي رئيس مجلس الوزراء كان أن يتم تعيين رئيسي هاتين الهيئتين من قبل الحكومة، لكن الرأي الغالب صار أن يتم ترشيحهما من قبل مجلس النواب، وقسم من أعضاء كتلة التحالف الوطني صوتوا مع كتلة العراقية وكتلة التحالف الكردستاني على الرغم من أنه كانت هناك أوامر وتوجيهات لأن يصوتوا باتجاه ما تريده كتلتهم، لكن ما حصل هو العكس؛ حيث خرج قسم منهم من الجلسة كي لا يحرجوا ويصوتوا ضد أو مع، وحتى يتم التخلص من الإحراج ورفع الأيدي تم قبل أيام إقرار التصويت الإلكتروني، وسيتم ذلك بعد العطلة التشريعية، وبعد استكمال المسائل التقنية.

* هناك أيضا شكوى من النواب من أن اللجان البرلمانية غير مفعلة، خاصة لجنة الأمن والدفاع أو النزاهة وكذلك لجنة السياسة الخارجية.

- هذا صحيح، فيما يتعلق بالملف الأمني فإن الحكومة تتمسك بهذا الملف بقوة ولا تطلع مجلس النواب على أي تفاصيل تتعلق بهذا الملف، وهذا خرق دستوري كبير، مع أن عددا من أعضاء مجلس النواب وجهوا أسئلة إلى رئيس الحكومة لإطلاع المجلس على تفاصيل القوات الأمنية وقدرتها في حفظ الأمن في ظل الانسحاب الأميركي، ورؤية الحكومة لتوجيه القوات الأمنية، وضمنها الجيش، الذين يفوق عددهم المليون شخص، وفيما إذا هناك توجه لتقليص هذه القوات؟ لكن رئيس مجلس الوزراء، للأسف، لم يجب عن أي من هذه الأسئلة، وقبل أيام أنا أرسلت تأكيدا لرئيس الحكومة، وقلت له لا بد من أن تجيب عن هذه الأسئلة.

* باعتباركم رئيس مجلس النواب، هل أنتم مطلعون على واقع القوات الأمنية في العراق؟

- أنا شخصيا غير مطلع على أي تفاصيل أمنية، مع أني طلبتها عدة مرات، وهذا خرق دستوري واضح، وهو عدم إطلاع الشعب على مجريات الأوضاع الأمنية، ورئيس الحكومة يعتبر هذه الأمور بالغة السرية حتى على المخولين دستوريا بالاطلاع على هذا الملف، وهذه مسألة مؤسفة. بالنسبة للعلاقات الخارجية فاللجنة البرلمانية مكلفة بمتابعة وزارة الخارجية وتحديد سياستها وتحقيق التوازن في معهد الخدمة الخارجية والسفارات، وهناك مناكفة بين وزير الخارجية هوشيار زيباري، واللجنة البرلمانية لوجود اختلاف في وجهات النظر، وتمت استضافة زيباري للبرلمان لأكثر من مرة، وتم توجيهه بضرورة التعاون مع اللجنة وحل جميع الأمور العالقة، وقبل أيام حصل تحسن في الأمور وإعادة التوازن لمعهد الخدمة الخارجية حسب حصص المحافظات، وهذا أمر دستوري تماما، وهو ترشيح عدد معين من كل محافظة، وحسب نسب سكانها للقبول في معهد الخدمة الخارجية ليخدموا فيما بعد بالسلك الدبلوماسي. حل المسائل العالقة مع الحكومة يحتاج إلى وقت، ونحن مشخصون نقاط الخلل.

* وماذا عن النزاهة، كثير من الملفات تم كشفها ولم تتم متابعة المسؤولين المتورطين في قضايا الفساد فيها؟

- لجنة النزاهة التابعة للبرلمان تفعل وبنشاط، لكن الخلل في هيئة النزاهة هو أنه لا يوجد قانون ينظم عملها، ولا تزال تعمل وفق القانون الذي وضعه بول بريمر، الحاكم الأميركي المدني على العراق بعد 2003، الذي شرع في بداية الاحتلال ولا يزال هذا القانون النافذ، وقبل عشرة أيام شرعنا قانونا جديدا سوف ينشر في الجريدة الرسمية ويتم تطبيقه، والقانون يعطي هيكلية للهيئة وصلاحياتها ويضمن استقلاليتها. الاستقلالية لم تكن متوفرة في عمل الهيئة، لأن رئيسها كان يعين من قبل الحكومة، والحكومة تتدخل في عمله وهو لا يعترض، بل يتجنب إثارة بعض الملفات الخطيرة، ويتمسكون بالقضايا الصغيرة التي يتورط بها موظفون صغار وما شابه ذلك، وأعتقد أنه سيكون هناك تطور نوعي في عمل الهيئة، أما لجنة النزاهة البرلمانية، فهي ليست جهة قضائية، وإنما دورها هو الكشف عن ملفات الفساد، وتعلم مجلس النواب وتحيلها إلى هيئة النزاهة وتتابع تنفيذ الإجراءات. في كل اللجان البرلمانية هناك أعضاء من كتل مختلفة، وهناك كتل تدافع عن وزرائها وموظفيها، الذين يتهمون بقضايا فساد، لكن بصورة عامة أنا أرى أن هناك توجها للتعامل مع هذه الملفات بجدية. صحيح هناك عقبات ومشكلات، لكنني أكرر بأننا بحاجة إلى الوقت والعمل المثابر والصبر، والعملية قيها تحدّ، ومجلس النواب، وحسب ما حققه في الفترة الماضية، قادر على ترسيخ الديمقراطية ومبادئ الدستور في العراق، لكن على العلاقة بين السلطات أن تتضح بشكل كامل.

* تحدثتم عن الخرق الدستوري الذي ترتكبه الحكومة أو رئيسها (المالكي)، بشأن الوضع الأمني وعدم إطلاع البرلمان على هذا الملف، هل تعتقدون أن هذا هو الخرق الدستوري الوحيد الذي يرتكبه رئيس مجلس الوزراء أو الحكومة؟

- رئيس مجلس الوزراء يعتقد أن الفترة مضطربة وتحتاج إلى خصوصية وسرية في التعامل مع الأوضاع الأمنية، ونحن نختلف معه في هذه النقطة، ونعتقد أنه لا بد من اطلاع أعضاء المجلس على الملفات الأمنية حتى ولو في جلسات مغلقة. التشاور مع مجلس النواب لرسم السياسة العامة للحكومة غائب تقريبا، الأمر يحتاج إلى نوع من التشاور بين السلطات الثلاث لرسم الملامح العامة لسياسة الدولة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية والأمنية والاقتصادية والعلاقات الخارجية، وهذا الأمر يحتاج إلى التعاون بين المجلس والوزارات المعنية.

* لكن الحكومة نفسها مختلفة في أمور كثيرة، ولنأخذ ميناء المبارك الكويتي مثالا.

- نعم، الحكومة تختلف مع بعضها في أمور كثيرة، خذ قضية ميناء مبارك الكويتي مثالا، فبعض أطراف الحكومة تقول إن بناء هذا الميناء مضر للموانئ العراقية، والبعض الآخر يقول إن بناءه غير مضر، والحكومة لم تعط رأيا محددا ومجلس النواب ينتظر. هناك عدم وضوح في وجهات النظر ببعض الملفات. نعم، هناك مخالفات دستورية تحصل بين فترة وأخرى نتيجة تفضيل سياسة الكتلة على ما هو موجود في الدستور، وفي بعض الأحيان يكون الدستور غير واضح، وفيه مواد تقبل التأويلات، فجهة معينة تفسر مواد بالدستور بطريقة تختلف عن تفسير جهة أخرى، وعندما نسأل المحكمة الاتحادية بقضية محددة فهي وبتركيبتها الحالية غير قادرة على إعطاء رأي حاسم، لأنها «المحكمة الاتحادية» تتأثر بالضغوط السياسية.

* هناك مشاريع قوانين معلقة ولم يتم تشريعها في الدورات السابقة للبرلمان، وأنتم في هذه الدورة ورثتم تركة صعبة تتمثل في مشاريع قانون النفط والغاز، وقانون الأحزاب، ومشروع المجلس الاتحادي، ترى كيف ستتعاملون مع هذه المشاريع؟

- الآن هناك نوع من بحث الأمور بدقة ووضوح، وأنا أعتقد أن المناكفة السياسية التي كانت منذ إعلان نتائج الانتخابات وحتى اليوم شخصت مكامن الخلل والمشكلات في إدارة الدولة، الآن الجهود منصبة على معالجة هذه المشكلات، في السابق كانت الأمور عائمة وغير واضحة، لكننا اليوم نقول إن البلد غير متوازن، القوات الأمنية، الشرطة والجيش غير متوازنة، هناك تفرد من جهات نافذة في بعض القرارات، هناك مراكز قوى تتحكم بها المذهبية والحزبية والمناطقية، هذه المراكز لن تسمح ببناء دولة متوازنة. وفيما يتعلق بالقوانين التي نوهت بها فهي قوانين مهمة، ويجري العمل على احتواء المشكلات التي تواجهها، ففيما يتعلق بقانون النفط والغاز فقد تأخر كثيرا عند الحكومة، وأنا اتصلت برئيس مجلس الوزراء، وقلت له اتفقوا في المجلس على مشروع القانون وابعثوه لنا، فقال نحن غير قادرين على ذلك، بسبب وجود خلافات شديدة داخل مجلس الوزراء، لهذا أوعزت إلى لجنة النفط داخل البرلمان لإعداد قانون النفط والغاز، وتم إنجازه وأجرينا نصف قراءة له، وفي النصف الثاني، خرجت كتلة كاملة من القاعة، حيث قالت كتلة التحالف الوطني: نحن نرفض هذا المقترح، في هذه الأثناء أرسلت الحكومة، خلال أسبوع، مسودة قانون يختلف عن مقترحنا، لكنه دفع بالعجلة قليلا، ومجلس النواب الآن لديه كامل الصلاحية لأن يعدل ما يشاء على مسودة القانون، ويمكن أن ندمج المقترح الأولي مع مسودة القانون لنخرج بصيغة يمكن أن نتفق عليها خلال أشهر، هذا مثال على بعض الأمور التي يمكن لمجلس النواب القيام بها، وسابقا كانت غائبة، لدينا أيضا قانون مجلس الخدمة الاتحادي، الذي شرع قانونه منذ سنتين، وهو بحاجة إلى ترشيح أسماء ليصوت عليها أعضاء البرلمان، ونتيجة الخلافات السياسية، فإن مجلس الوزراء غير قادر على ترشيح الأسماء، وقد أرسلت رسالة إلى رئيس مجلس الوزراء، وقلت له إذا لم ترشحوا الأسماء خلال شهر، فسوف نجري تعديلا على القانون، ونرشح الأسماء من البرلمان، ووعدني بحسم الموضوع. أعتقد أن مجلس النواب أثبت أنه فاعل في أن يكون قويا ويقوم بدوره الكامل ليغير مسار البلد.

* هذا إذا كانت هناك حكومة شراكة وطنية حقيقية، هل تعتقدون أن مثل هذه الشراكة موجودة؟

- لا، الآن هناك خلافات سياسية، كتل تعتقد أنها مشاركة لكنها لا تمتلك الشراكة، لديها وزراء لكنها لا تشارك في صناعة القرار، فسياسة الدولة لا يضعها مجلس الوزراء، بل إن هناك مطبخا آخر يرتب الأمور وتأتي جاهزة وتمضي القرارات بطريقة الأغلبية أو باستغلال ظروف معينة. الشراكة تقتضي أن يكون الكل موجودين في كل مراكز القرار، وأن يكون لهم صوت في هذا القرار وممثلون في الجهات التي تتخذ القرارات، مثل المؤسسات الأمنية، الجيش والشرطة، في السياسة الاقتصادية والنفط ومراكز الاستشارة، حتى يكون مطبخ القرارات السياسية مطبخا رسميا مصدره نتائج الانتخابات، وأن لا تكون هناك حكومة سرية في العراق تدير الأمور، بل أن يدار العراق من قبل حكومة منتخبة جاءت عن طريق الانتخابات وفازت وحازت على أصوات الشعب، ولديها أرقام محددة، وهذه الأرقام يجب أن تحترم.

* هل هناك حكومة سرية في العراق؟

- أنا قلت كي لا تكون هناك حكومة سرية، لكن بالتأكيد القرارات لا تتخذ من قبل مجلس الوزراء وفي المؤسسات الرسمية.

* بمناسبة حديثكم عن الانتخابات والأرقام واحترامها، هل تعتقدون أن القائمة العراقية هي الخاسر الأكبر في العملية السياسية؟

- نعم، «العراقية» هي أكبر الخاسرين بسبب قرارات قضائية وتدخلات دولية أسهمت في تشكيل الحكومة العراقية. العراق قابل للتدخلات، وكانت هناك إملاءات تأتي من الخارج، وفي اعتقادي، فإن هذه التدخلات ضعفت حاليا، حيث بدأت القوة العراقية الذاتية تتشكل، لكنها لم تكتمل بعد.

* وكيف تفسرون بيان الدكتور إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية، الأخير الذي قال فيه إنه لن يكون شاهد زور على الأوضاع في العراق، وتخليه عن المجلس الوطني للسياسات العليا؟

- الدكتور إياد علاوي كان يأمل أن تجري الأمور على عكس الاتجاه السائد اليوم، لتحقيق الاستقرار وتنفيذ الإصلاحات عميقة في الوضع العراقي، لكن الخلافات السياسية لم تتح بتحقيق هذه الإصلاحات، لوجود عدم ثقة كبيرة بين القوى السياسية الفاعلة، ومجلس السياسات كان يجب أن يكون هو المطبخ السياسي الذي ينتج القرارات ويوجه الدولة إلى مساراتها الصحيحة، وكان الدكتور علاوي هو الأكثر مناسبا لرئاسة هذا المجلس اعتمادا على خبرته وتجربته السياسية، وكان من الممكن أن يؤدي دورا إيجابيا كبيرا، لكن تم القفز على هذا الاستحقاق.

* وهل انتهى هذا الموضوع، أعني المجلس الوطني للسياسات العليا؟

- لا، الموضوع لا يزال قائما ولم يحسم حتى اليوم، حيث قرئ قراءة أولى في مجلس النواب، وتمت الموافقة عليه من حيث المبدأ، وشككت أطراف أخرى في فقرات، باعتبارها مخالفة للدستور، وهناك حوار حولها وأنا أدخلت القانون مرتين في جدول أعمال البرلمان، لكنه سحب بطلب من «العراقية» لاعتقادها أن الأمور ليست ناضجة بعد، وأنها تحتاج إلى المزيد من الحوار مع القوى السياسية، وسيأتي للمناقشة وسيتحقق ونأمل أن يتضمن من الصلاحيات ما يتيح للدكتور علاوي العمل، أو أي شخص آخر من «العراقية»، وهو ضروري في ظل وضع عراقي متحول، خاصة أنه تم الاتفاق عليه خلال اجتماع لقادة الكتل السياسية العراقية ولزعماء البلد. لكن الأمور لن تستمر هكذا، وإذا جرى القفز على استحقاقات «العراقية»، فهناك خيارات سلمية ودستورية كثيرة، منها الانتخابات المبكرة، لكن بصورة عامة أرى أن الأمور تتجه للتحسن من خلال الحوار مع التحالف الوطني.

* حصلت اجتماعات وحوارات كثيرة ومهمة منذ إعلان نتائج الانتخابات، ومن ثم اتفاقات أربيل، حسب مبادرة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، التي نتج عنها تشكيل الحكومة الحالية، ثم مبادرة رئيس الجمهورية جلال طالباني، وتنتج عن هذه الاجتماعات قرارات يتم القفز عليها عندما يحين موعد تنفيذها، ومعروف من يقفز على القرارات، وكانت هذه اللعبة بلا نهاية، وسوف تستمر إلى الأبد.

- هذه مشكلة بعض القوى السياسية التي لا تلتزم بالاتفاقات، وأهمها اتفاقية أربيل، التي جاءت نتيجة جهود سبعة أشهر من المفاوضات، ونفذ جانب قليل منها، لكن الجانب الأهم الذي يتعلق بإعادة التوازن إلى البلد وتحقيق إصلاحات حقيقية من خلال تشريع قوانين في البرلمان والقضاء والحكومة وصلاحيات القائد العام للقوات المسلحة والنظام الداخلي لمجلس الوزراء، وفي الجانب الأمني، هذه أمور مهمة تحقق الشراكة في القرار ومعرفة الصلاحيات؛ أين نذهب وأين ننتهي، هذه الأمور غير واضحة الآن وتم القفز عليها بسبب عدم وجود الثقة، هذه الأمور كانت أكثر شدة في السابق، ولكن القوى السياسية وبعض القادة ما زالوا لا يثقون ببعضهم، ويعتقدون أن كتلة سياسية إذا مكنت من وزارة فسوف تستغل هذه الوزارة لمصالحها وتضرب سلطات ونفوذ الآخرين، وهذه الأمور لا بد أن تعالج وأن تخضع الأمور لقوانين وليس لإرادات كيفية تعتمد على الصفقات والاتفاقات بقدر اعتمادها على نصوص دستورية وقوانين ملزمة وقضاء مستقل يكون حكما وفيصلا في كل الأمور، قضاء يقول كلمته بغض النظر عمن سيكون المتضرر ومن المستفيد بهذا الأمر الآن مفقود في العراق، لدينا مشكلة في القضاء. نتمنى وجود قضاء مستقل وبشخصيات قوية وقوانين حاسمة وقضاة يصوت عليهم مجلس النواب، مثل قضاة التمييز ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية، ويتمتعون باستقلالية كاملة، وأن يقوم الادعاء العام بدوره الحقيقي ويحاسب الأجهزة الأمنية ويدافع عن حقوق الناس ويكشف التعذيب في السجون، هذه الأمور ما زالت مقيدة بسبب أن القاضي يخشى محاسبة مسؤول في الدولة، كونه معينا بالوكالة أو نتيجة رغبة سياسية، أو لم يحظ بثقة مجلس النواب هذه الدوامة يجب أن تنتهي بتشريعات مهمة وبصلاحيات محددة وبفصل بين السلطات وبقوة برلمانية تشرع وتحاسب، وبحكومة تكون فاعلة بالتنسيق بين السلطات ولكن بحدود تعرف إذا تجاوزتها بأنها ستحاسب وبوجود سلطة تحاسب الحكومة دستوريا، هذا يعني أن يكون القانون أقوى من الجميع، وهذا مفقود في العراق.

* أليس غريبا أن يبقى العراق حتى اليوم بلا وزارات أمنية؟

- هناك خلل كبير في الملف الأمني، جميع قادة الفرق العسكرية تم تعيينهم بالوكالة، كل الدرجات الخاصة والمستشارين معينون بالوكالة، جميع وكلاء الوزارات موجودون بالوكالة.

* هل يعني هذا أن العراق دولة بالوكالة؟

- نعم، وهذا صحيح، وشكلنا لجنة في مجلس النواب لعرض جميع الأسماء المعينة بالوكالة على أعضاء البرلمان، ليتم التصويت عليها حتى يستطيعوا العمل بلا خوف أن يتم فصلهم وأن لا يخضعوا للضغوط من قبل من عينهم، فإنهم إذا تم تعيينهم من قبل البرلمان فليس هناك أي قوى تستطيع فصلهم إلا البرلمان نفسه.

* هل منصب وزير الدفاع، وحسب اتفاقية أربيل، للعرب السنة أم لـ«العراقية»؟

- منصب وزير الدفاع لـ«العراقية»، ومع ذلك رشحت القائمة العراقية تسعة أسماء بينهم 3 من الشيعة و6 من السنة، لأنها (العراقية) لا تؤمن بموضوع المحاصصات الطائفية أو المذهبية، ولم تتم الموافقة على أي اسم حتى الآن. ما يهمنا وجود شخص مهني يستطيع أن يعمل ويخدم البلد والناس بغض النظر عن مذهبه، وأن يحترم حقوق الإنسان، بعض الوحدات العسكرية تسجن وتعذب ويموت سجناء خلال التعذيب، وهذه ليست من صلاحيات الجيش الذي كلف بدخول المدن لمساعدة الأجهزة الأمنية. بعض المعتقلين يبقون لأكثر من ثلاث سنين ومن ثم يقتلون، وهناك قضايا مرفوعة بالقضاء ضد ضباط بالجيش العراقي لارتكابهم التعذيب ضد المواطنين.

* بادرتم إلى التقريب بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، وذهبتم إلى أربيل لغرض المصالحة بينهما، إلى أين وصلت جهودكم؟

- ليست مصالحة، بل التقريب بين وجهات النظر، أنا بدأت أشعر بتشنج في الموضوع المذهبي، الذي وصل إلى حد خطير في حادثة جريمة النخيب، وفي ديالى، حيث اقتربت قوات البيشمركة والجيش من المواجهة، وأنا كرئيس للبرلمان وجدت من واجبي التقريب بين الجميع والتحاور بين جميع الأطراف، بدأت برئيس مجلس الوزراء، نوري المالكي والقوى السياسية الفاعلة؛ «العراقية» والتحالف الكردستاني والمجلس الأعلى والتيار الصدري، من أجل أن نزيل هذا الاحتقان والبحث عن المشتركات وحل المشكلات، قبل أن تخرج الأمور من السيطرة.

* وماذا عن زياراتكم للسعودية وتركيا وإيران؟

- هي محاولة لبحث المشكلة الإقليمية، ذهبت إلى السعودية والتقيت جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير نايف بن عبد العزيز، وفي إيران التقيت بجميع المسؤولين، رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان، وأمس (أول من أمس) زرت تركيا، لبحث الاحتقان المذهبي الذي بدا يطفو على السطح، حيث سيكون العراق الأرض التي سيدور عليها هذا الصراع، وهذا مضر بالشعب العراقي، بحثنا مع الإيرانيين، وبصراحة موضوع قطع الأنهار والقصف لأراضي إقليم كردستان قلنا لهم هذا الأمر غير مقبول أبدا، وهم أيضا يؤشرون لوجود مشكلات في العراق وستؤثر عليهم. أما مع أشقائنا في السعودية فما زالت هناك مشكلة، وهناك خلاف مع الحكومة العراقية حول ملفات معينة نتمنى أن يتم حلها. المملكة العربية السعودية دولة مهمة في المنطقة، ونحن نكن كل الاحترام لأشقائنا السعوديين، وليست هناك أي مشكلات بين شعبينا والحمد لله.

* فيما يتعلق بملف العلاقات الخارجية، كيف تنظرون لما يحدث في سوريا؟

- نحن مع إرادة ومطالب الشعب السوري بتحقيق الإصلاحات وإجراء انتخابات وتحقيق الديمقراطية، ونحن في البرلمان ضد العنف ضد المدنيين، وموضوع الحزب الواحد والقائد الملهم انتهى أمره، سوريا متجهة إلى التغيير، ولكن هل تستطيع الحكومة إجراء إصلاحات واحتواء الأمور، أم التغيير الكامل، هذا هو السؤال، ونخشى من الاحتراب الأهلي أو التقسيم، هناك خصوصية بالوضع السوري، ولكننا مع مطالب الشعب السوري وضد استهدافهم.