نتنياهو: شاليط سيعود خلال أيام مقابل ألف أسير فلسطيني

اتفاق إسرائيلي مع حماس.. والأسرى سيطلقون إلى القاهرة أولا حيث يلتقي شاليط مع ممثلي الجيش الإسرائيلي

صورة أرشيفية لنوعام شاليط والد الأسير الإسرائيلي جلعاد يقف إلى جانب مجسم كرتوني لابنه خلال مظاهرة احتجاج تطالب بالافراج عنه خارج مكتب رئيس الوزراء في القدس (رويترز)
TT

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن الجندي الأسير لدى حماس سيصل إلى عائلته في غضون أيام قليلة، بعد أن تم التوقيع النهائي على صفقة تبادل أسرى مع حماس ظهر أمس، بوساطة مصرية. وقالت مصادر مطلعة إن مقابل شاليط سيطلق سراح ألف أسير فلسطيني، بينهم عشرات القادة أمثال مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، وعبد الله البرغوثي، زعيم حركة حماس في الضفة الغربية، وأحمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وكشفت مصادر عسكرية في تل أبيب أن إسرائيل تعهدت، في إطار هذه الصفقة، بأن لا تنفذ أي اغتيالات في صفوف الأسرى المحررين، بسبب نشاطاتهم السابقة. وأوضحت هذه المصادر أن التعهد يعني أن إسرائيل أغلقت ملفات هؤلاء الأسرى. ولكن هذه المصادر هددت في الوقت نفسه: «من يعود منهم إلى النشاط الإرهابي السابق، فإنه سيكون كمن يحمل دمه على كفه».

وحسب مصادر عسكرية، فإن الخطوات القادمة ستتم على النحو التالي: إسرائيل تطلق سراح 300 أسير إلى الضفة الغربية، فتطلق حماس سراح جلعاد شاليط وتسلمه إلى السلطات المصرية في القاهرة. وعندها تطلق إسرائيل سراح 150 أسيرا فلسطينيا آخر، هم الذين سيمنعون من الوجود في الضفة الغربية، فتقوم مصر بتسليم شاليط إلى مسؤولين إسرائيليين عسكريين في القاهرة لينتقلوا به إلى تل أبيب. وبعد تسلم شاليط، تقوم إسرائيل بإطلاق سراح 550 أسيرا كبادرة طيبة إلى القيادة المصرية، بينهم الأسيرات الإناث والأطفال والمرضى.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة التي عقدت بشكل مفاجئ في التاسعة من مساء أمس، «إن الاتفاق هو أفضل ما كان بالإمكان التوصل إليه في الظروف التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، فإذا لم نتمم هذه الصفقة اليوم، لا ندري إذا كنا سنجد من يتوصل معنا إلى صفقة فيما بعد».

ويتضح أن التطور الجديد الذي أدى إلى أن نجاح هذه الصفقة، هو سلسلة تطورات وتغيرات في مواقف إسرائيل وحماس، مرتبطة بالتغيرات الكبيرة في العالم العربي. ففي إسرائيل تم تغيير اثنين من أهم وأخطر المعارضين للصفقة، وهما: يوفال ديسكين، رئيس جهاز المخابرات العامة، ومئير دجان، رئيس جهاز المخابرات الخارجية. فقد أفشلا الصفقة في زمن حكومة إيهود أولمرت، بسبب اعتراضهما على إطلاق سراح أسرى إلى الضفة الغربية، بدعوى أنهم سيعودون إلى ممارسة الإرهاب. كما أن قيادة الجيش الإسرائيلي أبلغت الحكومة بأن كل جهودها لإطلاق سراح شاليط بالقوة العسكرية قد فشلت. ومن جهة ثانية، شعرت إسرائيل بأن القيادة المصرية معنية جدا بهذه الصفقة، وأن فشل الجهود المصرية بالتوصل إلى صفقة من شأنه أن يدهور العلاقات بينها وبين إسرائيل أكثر وأكثر.

وقد حمل هذا الرأي تجاه مصر، وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي يعتبر أكثر المتحمسين. ولذلك، فقد حرص على إصدار بيان اعتذار رسمي باسم وزارته وجيشه إلى مصر، مساء أمس (قبل ساعة من نشر الخبر عن التوصل إلى صفقة شاليط)، على مقتل الجنود المصريين الستة.

وأما في الجانب الفلسطيني، فقد رأى الإسرائيليون مرونة من حماس، منذ تدهور الأوضاع في سوريا. فقد بات هناك خطر بأن لا تستطيع قيادة حماس البقاء في دمشق. وأنها قد تضطر إلى طلب الانتقال إلى مصر. وهذا يتطلب تغييرا في مواقف حماس باتجاه السياسة المصرية.

في ضوء ذلك، أبدت كل من حماس وإسرائيل مرونة في الموقف. فتراجعت إسرائيل عن شروطها بالامتناع عن إطلاق سراح الأسرى ذوي المؤبدات وعن طرد كل الأسرى خارج الضفة الغربية وعن امتناع عن إطلاق سراح أسرى من فلسطينيي القدس الشرقية أو فلسطينيي 48 وسكان هضبة الجولان السورية المحتلة، الذين تعتبرهم مواطنين إسرائيليين لا يحق لحماس تمثيلهم. وتراجعت حماس عن شرطها عدم طرد أي أسير. وتراجعت عن بعض الأسرى أيضا.

وتم التوصل إلى الصفقة يوم الثلاثاء الماضي. فدعا نتنياهو طاقم وزرائه الثمانية، الذين يقودون الحكومة الإسرائيلية في القضايا الاستراتيجية لاجتماع. واستغرق الاجتماع سبع ساعات. وفي اليوم التالي اجتمع المجلس الوزاري الأمني المصغر لثماني ساعات متواصلة. وأقر الصفقة بغالبية ساحقة. وفي يوم الخميس الماضي وقع المفاوض الرئيس باسم إسرائيل، دافيد ميدان، المبعوث الشخصي لنتنياهو ورئيس الجناح العسكري لحركة حماس، أحمد الجعبري، على الصفقة بالأحرف الأولى. ويوم أمس وقعا على الصفقة بنصها الكامل.

وقد استدعى نتنياهو والد الجندي الأسير، نوعم شاليط، وأبلغه أمس بالبشرى قائلا: «لقد وعدتك بأن أعيد لك ابنك سليما ومعافى. وها أنذا أنفذ وعدي». وحرص نتنياهو على ترديد هذه المقولة أمام الحكومة، ليحقق مكسبا سياسيا وشخصيا له.

وقد اجتمعت الحكومة إسرائيلية، أمس، لجلسة استغرقت حتى منتصف الليل لإقرار الصفقة رسميا. وأعلن أمامها جميع قادة الأجهزة الأمنية موافقتهم على هذه الصفقة. وحاضر أمام الحكومة مبعوث نتنياهو، ميدان، مؤكدا أنه لا يجوز رفض هذه الصفقة، لأن هذه فرصة وحيدة لإطلاق سراح شاليط.

وبعد نشر أسماء الأسرى، تحتاج إسرائيل إلى 48 ساعة من دون إجازات (هناك عيد المظلة الذي يبدأ مساء اليوم ويستمر حتى مساء الخميس، وهناك السبت)، مما يعني أن الصفقة لن تنفذ قبل يوم الاثنين القادم. ويتوقع أن تعترض عائلات ممن فقدت أحد أبنائها في عمليات يتحمل مسؤوليتها بعض الأسرى، فتتوجه إلى المحكمة العليا إسرائيلية لمنع تنفيذها. ولكن الخبراء يؤكدون أن هذه المحكمة سترد الدعوى ولن تعطل الصفقة، كما حصل في صفقات سابقة.

الى ذلك قال أبو مجاهد، الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية، أحد الفصائل المشاركة في أسر شاليط، إن الفصائل الفلسطينية الآسرة للجندي شاليط، اتفقت مع إسرائيل، على إتمام صفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل، على أن تطلق سراح شاليط مقابل نحو ألف أسير فلسطيني.

وقال أبو مجاهد لـ«الشرق الأوسط»: «وافقنا على إتمام صفقة التبادل، وفق شروط المقاومة برعاية مصرية»، وأضاف: «هذا اتفاق مبدئي، وآلية تطبيقه ستحتاج بعض الوقت».

وكشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط» عن أن الاتفاق تم على إطلاق سراح غالبية الأسماء التي طلبتها حماس والفصائل، وقالت المصادر: «غالبية الأسماء وافقت عليها إسرائيل».

واجتمعت الحكومة الإسرائيلية في وقت متأخر، أمس، للمصادقة على الصفقة، وأعلنت قبل نصف ساعة من حماس أن الصفقة أنجزت، وقال مصدر حكومي إسرائيلي كبير: «فتحت نافذة الحرية لشاليط». وأكد رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، الصفقة في مؤتمر صحافي.

وجاءت الصفقة في وقت يخوض فيه الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، إضرابا مفتوحا عن الطعام، وهددوا بتحويله إلى عصيان مدني إذا لم تستجب إدارة السجون لمطالبهم.

وأكد متحدث من الجناح العسكري لحركة حماس، أمس، التوصل لاتفاق مع إسرائيل بشأن صفقة لمبادلة أسرى فلسطينيين بالجندي جلعاد شاليط.

وقال المتحدث أبو عبيدة لـ«رويترز» إن حماس تعكف على إتمام الترتيبات الفنية لإتمام الصفقة خلال أيام.