المستوطنون يهددون بإسقاط نتنياهو.. والرباعية تطالبه بتجميد الاستيطان

رغم قراره شرعنة البناء في البؤر الاستيطانية حكوميا

TT

في الوقت الذي تدعو فيه اللجنة الرباعية الدولية إسرائيل إلى «تجميد صامت (سري) للبناء الاستيطاني»، كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن خطة حكومية لمنح شرعيتها لعدد كبير من البؤر الاستيطانية مقابل هدم عدد من هذه البؤر. لكن المستوطنين رفضوا «الهدم المقابل» وشنوا حملة لشرعنة جميع هذه البؤر وهددوا بإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو في حال هدم أي بيت إضافي في المستوطنات.

وكانت مصادر سياسية في إسرائيل قد كشفت النقاب عن أن اللجنة الرباعية تسعى لعقد قمة بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن) الذي يواصل جولته في دول أميركا اللاتينية سعيا للدعم لطلب العضوية والاعتراف، تمهيدا لاستئناف المفاوضات حول التسوية الدائمة على أساس خطاب الرئيس باراك أوباما، في مايو (أيار) الماضي، الذي أشار إلى أن الدولة الفلسطينية يجب أن تقوم على أساس حدود 1967 مع تعديلات طفيفة. وبما أن الفلسطينيين يصرون على أن لا تستأنف المفاوضات إلا بعد تجميد البناء الاستيطاني، فقد اقترحت الرباعية الاتفاق على «تجميد صامت»، أي غير معلن رسميا.

لكن الحكومة الإسرائيلية رفضت هذا الطلب وأرفقت رفضها بالتأكيد على أنها تنوي منح شرعيتها حتى للأبنية التي أقامها المستوطنون من دون ترخيص، فيما يعرف بالبؤر الاستيطانية حتى يلتف على قرار لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية بهذا الخصوص. وينص قرار المحكمة على هدم جميع الأبنية التي أقيمت منذ عام 1998 في البؤر الاستيطانية، خصوصا تلك المقامة على أراض فلسطينية خاصة.

وكشفت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن نتنياهو أصدر تعليمات لوزير القضاء يعقوب نئمان بتشكيل طاقم حقوقيين للبحث عن طرق لترخيص للبيوت التي أمرت المحكمة بهدمها، على الرغم من أن هذه البيوت والبؤر التي أقيمت حولها، تعتبر حتى حسب القانون الإسرائيلي غير شرعية. وقالت الصحيفة إن تعليمات نتنياهو جاءت في أعقاب ضغوط شديدة يمارسها المستوطنون وأنصارهم الكثيرون في الحكومة اليمينية. فقد دعا المستوطنون نتنياهو وبشكل واضح، إلى التمرد على قرارات محكمة العدل العليا وإلغاء قرارات هدم البيوت الاستيطانية في تلك البؤر خلال الشهور الستة القادمة وإيجاد صيغة قانونية تتيح الإبقاء على البؤر ومنحها الشرعية. وهدد المستوطنون بالانطلاق إلى حملة شعبية ومقاومة أي محاولة لهدم أبنية في هذه البؤر، حتى لو أدى الأمر لإسقاط حكومته.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التهديد كان قد جرى في فبراير (شباط) الماضي. ففي حينه عقد نتنياهو اجتماعا طارئا مع وزير دفاعه إيهود باراك، ونائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الاستراتيجية، موشي يعالون، ووزير الدولة بيني بيغين، والمستشار القضائي للحكومة، يهودا فاينشتاين، وكبار المسؤولين في النيابة، بهدف إيجاد تسوية تمنع هدم البؤر الاستيطانية. فأوضح المستشار أنه لا مجال لشرعنة البؤر المقامة على أراض فلسطينية خاصة، ولكنه أعرب عن اعتقاده بإمكانية شرعنة البناء الاستيطاني «غير المرخص» في حال إقامة البؤرة الاستيطانية في أراضي الضفة الغربية التي يتم تصنيفها كـ«أراضي دولة إسرائيل». وفي حينه قدم سكرتير الحكومة تسيفي هاوزر ومستشار وزير الأمن لشؤون الاستيطان إيتان بروشي تصريحات إلى المحكمة العليا، تتضمن جداول زمنية لهدم البؤر الاستيطانية. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي تم فعلا هدم ثلاثة منازل في البؤرة الاستيطانية «مغرون». فكانت هذه بمثابة إشارة للمستوطنين بأن الحكومة تنوي تنفيذ مخطط الهدم، وعندها بدأت ممارسة الضغوط على أعضاء الكنيست والوزراء ورئيس الحكومة.

وعلم أن عددا من الوزراء وأعضاء الكنيست قاموا في الأيام الأخيرة بجولة في البؤر الاستيطانية. ولمح وزير العلوم، دانييل هيرشكوفيتش، وهو من حزب المستوطنين المعروف باسم «البيت اليهودي»، إلى أنه لن يبقى في الحكومة إذا لم يتم التوصل إلى حل يرضي المستوطنين. وتوجه 38 وزيرا وعضو كنيست من 5 كتل إلى نتنياهو برسالة طالبوا فيها بتغيير القواعد التي وضعت، والتي تتضمن هدم كل منزل أقيم على أرض فلسطينية خاصة. وعبرت وزيرة الرياضة، ليمور ليفنات، ووزراء آخرون من حزب الليكود، عن رأي مماثل. وكذلك النائب حايم كاتس، الذي يعتبر الشخصية الأكبر شعبية في الليكود بعد نتنياهو. وقد وعدهم نتنياهو، في جلسة لكتلة الليكود، أمس، بمواصلة جهوده القانونية والبحث عن حلول قضائية لتسوية البناء على الأراضي الفلسطينية الخاصة.

تجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الحلول تعتبر معقدة من الناحية القضائية، وتلزم بإجراء تغيير في عدة قوانين إسرائيلية وكذلك في الأنظمة والإجراءات المتبعة لسلطات الاحتلال في الضفة الغربية. فقد كانت حكومات إسرائيل السابقة قد أصدرت في الماضي أوامر بالاستيلاء على أراض بمساحات واسعة بذرائع أمنية بغرض بناء مستوطنات، ولكن في عام 1979 ألغت المحكمة العليا هذه الإجراءات. ويدعي المستوطنون أنه يمكن إيجاد حلول، بينها البناء على أراضي «الغائبين»، بشكل مماثل لما يحصل داخل الخط الأخضر، وإجراء فحوص دقيقة للوثائق التي يحملها الفلسطينيون للدلالة على ملكية الأرض، أو ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية على أصحاب الأراضي الفلسطينيين لإجبارهم على بيع أراضيهم أو قبول تعويض عن مصادرتها.