التداعيات السياسية لأزمة ماسبيرو تربك الحكومة.. والجيش ينفي إطلاق النار على المتظاهرين

المجلس العسكري الحاكم رفض استقالة وزير بالحكومة المصرية.. وبلاغ ضد وزير الإعلام بسبب «تحريض التلفزيون الرسمي على العنف»

TT

تواصلت التداعيات السياسية لأحداث ماسبيرو في مصر بعد أن سقط فيها 27 قتيلا و360 جريحا مساء الأحد الماضي إثر مواجهات دامية بين قوات الأمن المصري ومتظاهرين مسيحيين، وألقت الأزمة بظلالها أمس على الحكومة، وتسببت في حالة من الارتباك، وقرر المجلس العسكري الحاكم رفض استقالة الوزير بالحكومة حازم الببلاوي الذي يشغل أيضا منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، في وقت تقدمت فيه منظمات حقوقية محلية ببلاغات للجهات القضائية ضد وزير الإعلام أسامة هيكل بسبب «تحريض التلفزيون الرسمي على العنف»، وقررت السلطات أمس حبس 28 من المتهمين المسلمين والمسيحيين في أحداث ماسبيرو على ذمة التحقيقات.

وقالت مصادر مصرية في مجلس الوزراء إن الدكتور الببلاوي تقدم باستقالته احتجاجا على طريقة معالجة الحكومة أزمة ماسبيرو، كما قال رئيس مجلس الوزراء عصام شرف إن الحكومة تضع استقالتها في مثل هذه الظروف تحت إمرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، مضيفا أن «ذلك إجراء متبع لا يعني الاستقالة».

وقال الببلاوي أمس أن المجلس الاعلى للقوات المسلحه رفض استقالته وانه في حيرة من أمره.

يأتي هذا في الوقت الذي تطالب فيه قوى سياسية باستقالة شرف، وترددت أنباء عن تكليف المرشح الرئاسي المحتمل الدكتور محمد البرادعي لرئاسة مجلس الوزراء، وكان البرادعي قد عاد قادما من لندن بعد أن قطع زيارته لبريطانيا لمتابعة تداعيات أحداث ماسبيرو.

من جهة أخرى، تقدمت «مؤسسة الهلالي للحريات»، ببلاغ إلى النائب العام ضد أسامة هيكل، وزير الإعلام المصري بصفته «بسبب قيام الإعلام المصري بالتحريض ضد الأقباط في أحداث ماسبيرو»، وأوضح البلاغ أن التلفزيون المصري وإذاعة «راديو مصر» قاما ببث «دعاية مجرمة قانونيا هدفها إيقاع الفتن وخروج أعداد من المواطنين للاعتداء على الأقباط في مناطق متفرقة من وسط القاهرة عقب تفريق مسيرة المسيحيين بالقوة العسكرية، وهو ما زاد من أعداد الضحايا والجرحى بعد إشاعة مناخ من الكراهية والعنف ضد الأقباط في مصر».

لكن هيكل قرر تشكيل لجنة إعلامية محايدة من الخبراء من خارج اتحاد الإذاعة والتلفزيون لتقييم التغطية الإعلامية في تلك الأحداث، وقال هيكل في تصريحات له إن هذه اللجنة ستقوم باستعراض الشروط كافة سواء من قبل قناة «النيل للأخبار» أو «القناة الأولي»، مشيرا إلى أنه إذا ثبت من تقييم اللجنة الإعلامية المحايدة أن هناك أخطاء وقعت خلال التغطية فإنه لن يتردد في تقديم الاعتذار للجميع.

وحسب ما أعلنت وزارة الصحة، ارتفع عدد حالات الوفاة إلى 27 حالة، وووصلت حالات الإصابة إلى 360 حالة. وكان آلاف الأقباط قد خرجوا في مسيرة حاشدة في ساعة مبكرة من صباح أمس من أمام المستشفى القبطي بالقاهرة لتشييع ضحايا أحداث ماسبيرو، ذلك بعد أن طلب أهالي الضحايا تشريح الجثث للوقوف على أسباب الوفاة، وتوجه المئات منهم لميدان التحرير لتأبين الناشط مينا دانيال الذي لقي حتفه في الأحداث يوم الأحد، بحسب وصيته، لكن مشيعي الجنازة تعرضوا لهجوم من مجهولين بالحجارة والزجاجات الفارغة عند منطقة غمرة أثناء عودتهم من مقر الكاتدرائية إلى ميدان رمسيس.

وفي تصريحات له أمس، نفى اللواء إسماعيل عتمان، مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة عضو المجلس العسكري الحاكم في مصر، أن يكون جنود الجيش أطلقوا النار على مظاهرة الأقباط في منطقة ماسبيرو يوم الأحد الماضي، وأكد عتمان أن الجنود الذين تعاملوا مع المتظاهرين لم يكونوا مسلحين بذخيرة حية.

وقررت النيابة العسكرية أمس حبس 28 من المتهمين المسلمين والمسيحيين في الأحداث لمدة خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات. وأشار مصدر مسؤول إلى أن مباشرة القضاء العسكري التحقيقات مع المتهمين المدنيين في تلك الأحداث يعد اختصاصا أصيلا للقضاء العسكري في ضوء ما شهدته الأحداث من تعديات على القوات المسلحة وعناصرها الموجودة بمنطقة ماسبيرو، موضحا أن المتهمين المقبوض عليهم شاركوا في أعمال تخريب واعتداءات على أفراد من القوات المسلحة وإحراق ممتلكات تخص الجيش المصري.

في سياق متصل، انتقلت لجنة لتقصي الحقائق في وقائع أحداث ماسبيرو، شكلها وزير العدل المصري، برئاسة المستشار عمر مروان، للاستماع إلى أقوال شهود العيان وكل من له صلة بأحداث ماسبيرو، والاطلاع على نتائج المعاينات التي جرت وتجميع كل المعلومات والتسجيلات المتعلقة بتلك الواقعة وذلك لتقديم تقريرها في أسرع وقت ممكن.

وحذر حزب «المصريون الأحرار» في بيان له المجلس العسكري من استمرار التعامل مع الأحداث باستخدام القوة، قائلا إن ذلك سوف يؤدي إلى زعزعة الثقة التي أولاها له الشعب المصري، وطالبه بتحمل مسؤوليته تجاه حماية وتأمين المؤسسات والمنشآت المسيحية، معتبرا أن أحداث ماسبيرو أسقطت وثيقة المجلس العسكري التي وقع عليها الحزب ضمن 13 حزبا، كخطوة تمهيدية لنقل الحكم إلى المدنيين.

وأرجع حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان سبب الاحتقان الحالي إلى عدم تقنين وضع الكنائس غير المرخصة التي قال في بيان له إن النظام السابق غرسها كوسيلة للابتزاز وزرع الفتن داخل المجتمع المصري.