ضغوط لاستبعاد روبرت مردوخ وأولاده من مجلس إدارة «نيوز كوربوريشن»

المستثمرون يتلقون استشارة استثمارية تطالبهم بإقصاء 13 مديرا من أصل 15

روبرت مردوخ («نيويورك تايمز»)
TT

مع اندلاع فضيحة التنصت في بريطانيا اضطرت مؤسسة «نيوز إنترناشيونال»، الذراع الإعلامية البريطانية لمؤسسة «نيوز كوربوريشن»، إلى التخلي عن صفقة الاستحواذ على تلفزيون «بي سكاي بي» في أغسطس (آب) الماضي بسبب الضغط الشعبي. ولحق هذه الخطوة قرار إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، التي تقف وراء الفضيحة بعد 168 سنة من الصدور.

والآن يواجه روبرت مردوخ، الرئيس والرئيس التنفيذي لـ«نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك، غضب المساهمين المنتشرين حول العالم، وهذا ما جاء على شكل نصيحة استشارية من قبل إحدى المؤسسات المتخصصة في هذا المجال.

واتهم «مستشارو خدمات الاستثمار» مجلس إدارة مؤسسة مردوخ «بالفشل في التأكيد على استقلاليتها وإظهار عدم القدرة على إبعادها عن النشاطات غير المشروعة». ويطالب هؤلاء بإبعاد 13 من أصل 15 مديرا من مجلس إدارتها، بما في ذلك روبرت مردوخ وولداه جيمس ولاكلان في الاجتماع المزمع عقده في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وقد أصدر «مستشارو خدمات الاستثمار»، الذي يصل عدد عملائهم إلى أكثر من 1700 من المستثمرين في صناديق التقاعد، ومديرو الموجودات في مؤسسة «نيوز كوربوريشن» في الولايات المتحدة ومناطق أخرى من العالم بيانا يدينون فيه القيادة التنفيذية للمؤسسة والمديرين المستقلين، كما ذكرت صحيفة «الغارديان» وصحيفة «واشنطن بوست» أمس.

وقال بيان «مستشارو خدمات الاستثمار» إن المشكلة في قيادة مؤسسة «نيوز كوربوريشن» تمتد إلى عام 2004 عندما قررت المؤسسة نقل مركزها من أستراليا إلى الولايات المتحدة. كما طالبت مؤسسة الخدمات الاستثمارية هذه بأن يصوت المستثمرون ضد التعويضات التي تلقاها مردوخ وأبناؤه.

وكان قد تلقى روبرت مردوخ 12.5 مليون دولار عن عام 2011، أي بزيادة 4.4 مليون دولار عن السنة الماضية على الرغم من فضيحة التنصت والادعاءات بالخرق القانوني الذي كانت نتيجته إغلاق صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». أما التعويض الذي تلقاه ابنه جيمس فقد قرر التبرع به للأعمال الخيرية.

وردت «نيوز كوربوريشن» أمس في بيان قائلة إنها تختلف تماما مع ما جاء في الخدمة الاستشارية التي قدمتها مؤسسة «خدمات الاستثمار»، لكنها تأخذ في عين الاعتبار المشاكل التي تدور حول الاتهامات الموجهة ضد «نيوز أوف ذي وورلد»، وأنها تحاول جاهدة إيجاد تسوية وحل لها، مضيفة أن «تركيز (خدمات الاستثمار) على هذا الجانب (فضيحة التنصت) مضلل ولا يخدم مصلحة المستثمرين».

وجاء إغلاق «نيوز أوف ذي وورلد» واسعة الانتشار بعد 168 سنة من النشر، على خلفية فضيحة التنصت. لكن ما زال إمبراطور الإعلام الأسترالي الأصل مردوخ، رئيس «نيوز كوربوريشن» المؤسسة المدرجة على بورصة نيويورك التي تملك «نيوز إنترناشيونال» الذراع البريطانية لمؤسسة مردوخ، يملك عددا من الصحف الشعبية والرصينة البريطانية، وهي «تايمز» و«صنداي تايمز» و«ذا صن».

أما خسارة مردوخ الأخرى بسبب اندلاع الفضيحة هو تخلي «نيوز إنترناشيونال» عن عرض الاستحواذ الكامل لقناة «بي سكاي بي» الفضائية البريطانية وهي قناة خاصة رائجة بها 10 ملايين مشترك. وكان يملك روبرت مردوخ 39 في المائة من أسهمها، وأراد أن يشتري 61 في المائة من الأسهم الباقية بقيمة 12 مليار دولار للاستحواذ عليها بالكامل، إلا أن ضجة الفضيحة أطاحت بآماله، وهذا ما كان يعارضه الكثير من المؤسسات الإعلامية العاملة في بريطانيا والكثير من السياسيين وأثلج صدر خصومه المعارضين لوضعه الاحتكاري في السوق الإعلامية.

وحققت السلطات الأميركية في أغسطس الماضي في ادعاءات تفيد بإمكانية اختراق عاملين لرسائل نصية هاتفية خاصة بضحايا أو أفراد أسر هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وكانت صحيفتا «وول ستريت جورنال» و«واشنطن بوست» فضلا عن شبكة «سي إن إن» الإخبارية قد ذكرت أن مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) بدأ تحقيقا في سلوك العاملين في تلك المجموعة أو المرتبطين بهم حول إمكانية قيامهم بالتنصت على مكالمات هاتفية على صلة بهجمات 11 سبتمبر.

لكن قالت شرطة نيويورك أيضا إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لم يجد أي دليل على مخالفات من هذا النوع. إلا أن «وول ستريت جورنال» قالت آنذاك إن الـ«ف بي آي» تواصل التحقيق ووسعته ليشمل مخالفات أخرى للقانون قد تكون المجموعة ارتكبتها وخصوصا فرع الإعلانات الأميركي الذي يتهمه أحد المنافسين بممارسة قرصنة معلوماتية.

وقال خبراء في القانون إنه من المحتمل جدا أن يواجه روبرت مردوخ دعاوى قانونية في المحاكم الأميركية بسبب ما حدث في بريطانيا. وقال هؤلاء إن «نيوز كوربوريشن» قد تواجه محاكمات جنائية تحت قانون يعود إلى عام 1977 ويخص ممارسات في دول أجنبية، والذي يسمح بمحاكمات تنفيذيين قدموا رشى لأجانب من أجل الحصول على عقود تجارية. وصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» متهمة بدفع مبالغ مالية لرجال الشرطة البريطانية، وهذا ما قد يفسر حسب القانون الأميركي بأنه خرق لقوانين الرشى في الولايات المتحدة الأميركية. ولهذا فإن وزارة العدل الأميركية هي المسؤولة عن هذا الجانب، ويرجع لها أن تقرر إذا كان ذلك يعتبر جنحة. أما لجنة الأوراق المالية والصرف الأميركية فهي مخولة بتحديد ما إذا كان هناك أي خروقات مالية قامت بها مؤسسة «نيوز كوربوريشن».

المدعي الفيدرالي الأميركي السابق دان كوثري قال في وقتها إن المقلق بالنسبة لمردوخ هو معرفته بقوانين الفساد المعمول بها في الولايات المتحدة، وهذا ما يفسر قراره بإغلاق الصحيفة بهذه السرعة.

وقال دان كوثري في تصريحات أوردتها وكالة «أسوشييتد برس»: «هذا ما فكرت به عندما أعلن عن إغلاق الصحيفة». وكان يقصد بالدفعات المالية لرجال الشرطة التي اتهمت فيها مؤسسات مردوخ وقراره إغلاق الصحيفة، مضيفا أنه «قد يكون قد تلقى استشارات قانونية نصحته بأن يحد من الضرر. القانون الأميركي الذي يخص الرشى يعتبر عريضا جدا وقد يطال ما قامت به مؤسسة مردوخ في بريطانيا، وإن وزارة العدل الأميركية صارمة في تنفيذها أي خروقات من هذا القبيل».

ويرى دان كوثري ومجموعة أخرى من خبراء القانون أنه من الصعب جدا على لجنة الأوراق المالية والصرف عدم فتحها تحقيقا بخصوص الاتهامات التي تواجهها «نيوز أوف ذي وورلد». ويعتقد كوثري أن لجنة الأوراق المالية والصرف ستقوم بالتأكيد في النظر في الموضوع كون «نيوز كوربوريشن» شركة مدرجة في البورصة، وقال ستيوارت ديمينغ، محامٍ في واشنطن ومتخصص في قضايا الفساد والرشى، مضيفا في تصريحات للوكالة بأن «واشنطن قد تنتظر حتى ترى ما ستقوم به لندن». ويعتقد أن لجنة الأوراق المالية والصرف «ستنظر إلى الحسابات، وإذا كان هناك دفعات تتنافى مع حسابات الشركة والتدقيق، وهل كان هناك محاولات احتيالية لإخفائها. إذا أثبت ذلك فإن هناك أرضية قانونية لتقديم الشركة للمحاكمة».

وأضاف ديمينغ متفقا مع ما قاله دان كوثري، أن القانون الأميركي «واسع ويمكن تفسيره بأشكال مختلفة، ولهذا فإنه إذا كان هناك دفعات للشرطة من أجل الحصول على معلومات فإن ذلك يعتبر خرقا للقانون، لأن المعلومات تساعد الشركة على الحصول على أموال إضافية».