واشنطن: إحباط مخطط إيراني لاغتيال السفير السعودي لدى أميركا

وزير العدل الأميركي: عملاء إيرانيون اشتركوا مع عصابة مخدرات مكسيكية لتنفيذ الهجوم الإرهابي > السفارة السعودية تشكر الحكومة الأميركية وتصف المؤامرة بالدنيئة

السفير السعودي عادل الجبير (رويترز)
TT

أعلن وزير العدل الأميركي إيريك هولدر أمس إن إيرانيا محتجزا اعترف بالضلوع في مؤامرة لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، وقدم معلومات عن ضلوع جهات في الحكومة الإيرانية.

وأعلن هولدر في مؤتمر صحافي أن منصور عرببسيار وغلام شاكوري متهمان بالمشاركة في هذه المؤامرة «بقيادة عناصر في الحكومة الإيرانية».

وأوضحت وزارة العدل، في بيان، أن منصور عرببسيار، الذي يحمل الجنسيتين الأميركية والإيرانية اعتقل في 29 سبتمبر (أيلول) في مطار كيندي في نيويورك، وسيمثل أمام قاض في مانهاتن، الثلاثاء، وهو يواجه عقوبة السجن مدى الحياة.

في المقابل، لم يتم اعتقال غلام شاكوري، وهو عضو في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي يشتبه بأنه خطط لاعتداءات في الخارج وتتهمه وزارة الخزانة بتقديم دعم مادي لطالبان ومنظمات إرهابية أخرى، بحسب الوزارة.

وأضافت الوزارة أن الإيرانيين ملاحقان، خصوصا بتهمة «التآمر لقتل مسؤول أجنبي» و«استخدام سلاح دمار شامل (متفجرات)» و«التآمر بهدف ارتكاب عمل إرهابي دولي». وقال هولدر إن «الشكوى الجنائية التي تم الكشف عنها أمس تكشف مؤامرة دامية تقودها فصائل في الحكومة الإيرانية لاغتيال سفير أجنبي على الأراضي الأميركية بواسطة متفجرات». وأضافت الوزارة أن «الطبيعة المخيفة لما حاولت الحكومة الإيرانية القيام به تحمل ما يدعو إلى القلق، سنجري اتصالات مع حلفائنا ومع دول في كل مكان في العالم لإبلاغهم بما تم إحباطه».

وأعلن مسؤول في البيت الأبيض، أمس، أنه تم إبلاغ الرئيس الأميركي باراك أوباما منذ يونيو (حزيران) بوجود مخطط تقف إيران وراءه لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة. وقال تومي فيتور، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إنه «تم إبلاغ الرئيس بهذا الموضوع في يونيو فطلب من إدارته تقديم كل الدعم اللازم لهذا التحقيق. إن إفشال هذا المخطط يشكل نجاحا كبيرا لقوات الأمن وأجهزة الاستخبارات» الأميركية.

وعندما سئل وزير العدل الأميركي عن كيفية تحميل إيران المسؤولية عن المخطط المزعوم لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، قال إنه يتوقع من «البيت الأبيض أن يتصرف، وكذلك من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، وذلك خلال الساعات القليلة المقبلة».

من جهته، قال السفير أسامة نقلي مدير الدائرة الإعلامية بوزارة الخارجية السعودية، إن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، هاتف السفير عادل الجبير بشأن محاولة الاغتيال، مفيدا بأن الموضوع رهن التحقيقات من قبل السلطات الأميركية، ومتابعة من قبل السلطات السعودية.

كما ذكر نقلي أن الأمير سعود الفيصل أجرى اتصالا هاتفيا بوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بخصوص محاولة الاغتيال التي تعرض لها السفير السعودي بواشنطن، مؤكدا أن سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأميركية ستصدر بيانا حول الحادثة.

إلى ذلك نقلت «رويترز» عن مسؤول سعودي قوله إن المؤامرة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي في واشنطن لن تمر بسهولة متوقعا اتخاذ إجراءات، وقال كانت هناك دائما مشكلات بين السعودية وإيران لكن حدوث مؤامرة في الولايات المتحدة عنصر جديد.

وقد أعربت السفارة السعودية في واشنطن في بيان لها نشرته عبر موقعها الإلكتروني، عن تقديرها لحكومة الولايات المتحدة التي ساهمت في منع وقوع العمل الإجرامي الذي استهدف السفير عادل الجبير، ووصفت المؤامرة الإيرانية التي كانت تسعى لاغتيال الجبير بـ«الدنيئة».

وجاء في بيان السفارة المقتضب ما نصه «إن سفارة المملكة العربية السعودية تعرب عن تقديرها للمسؤولين في وكالات حكومة الولايات المتحدة لمنع وقوع عمل إجرامي من الحدوث. والذي يشكل انتهاكا للقواعد والمعايير الدولية والاتفاقيات وليس فيه اتفاق مع المبادئ الإنسانية».

وفي أول رد فعل إيراني رفض مستشار قريب من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أمس الاتهامات الأميركية حول ضلوع إيران في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن متحدثا عن «سيناريو مفبرك».

وقال علي أكبر جوانفكر المستشار الإعلامي للرئيس الإيراني «إنه سيناريو مفبرك لتحويل انتباه الرأي العام الأميركي عن المشكلات الداخلية في الولايات المتحدة».

وقال إن الحكومة الإيرانية تنتظر التفاصيل، لكنه لمح إلى أن السلطات الأميركية تحاول إبعاد أنظار المواطنين الأميركيين عن «المشكلات الداخلية عن طريق إقناعهم بوجود تهديد خارجي».

وكانت السلطات الأمنية الأميركية، وعلى رأسها مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) ووكالة محاربة المخدرات (دي إي إيه)، أحبطت مؤامرة شبكة لها صلة بإيران لاغتيال عادل الجبير السفير السعودي في واشنطن، ثم القيام بهجوم على السفارة السعودية، والسفارة الإسرائيلية في واشنطن.

وقال تلفزيون «إيه بي سي»، نقلا عن مسؤولين أميركيين كبار إن الشبكة كانت تنوى القيام بـ«أعمال إرهابية كبيرة داخل الولايات المتحدة».

وقال هؤلاء المسؤولون إن المؤامرة شملت أيضا تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية في بيونس آيرس. وربط هؤلاء بين هذه المؤامرة وهجوم على السفارة الإسرائيلية في بيونس آيرس، اتهمت إيران بأنها كانت وراءه، عام 1992.

وقال المسؤولون إن المتهم الأول في المؤامرة اعترف بأن «مسؤولين كبارا في إيران» وراء المؤامرة، وإن اسم المؤامرة كان «عملية التحالف الأحمر»، وإنها بدأت في مايو (أيار) الماضي عندما اتصل أميركي من أصل إيراني بمسؤول في مكتب مكافحة المخدرات في كوربوس كريستي (ولاية تكساس)، وكان يعتقد أن المسؤول من تجار المخدرات، وله صلة بشبكات تجارة المخدرات المكسيكية، وطلب منه المساعدة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. وكان الإيراني يعتقد أنه يتعامل مع شبكة «زيتاس» المكسيكية لتهريب المخدرات.

وفي الحال، جند مكتب مكافحة المخدرات في هيوستن المحققين لمتابعة المؤامرة، واستعان بمكتب التحقيق الفيدرالي، عندما عرف أن الموضوع ليس فقط عن مخدرات، ولكن، أيضا، عن عمليات إرهابية.

وأمس، قال مسؤولون أميركيون إن الشخص هو منصور عرببسيار، وعمره 56 سنة وكرر أن الأوامر وصلت إليه من «مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة الإيرانية»، بما في ذلك ابن عمه الذي كان عضوا في القوات الإيرانية المسلحة، لكن «لم يكن يرتدي ملابس عسكرية».

وقال مسؤولون أميركيون إن الشخص ربما كان عضوا في قوات القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإنهم سجلوا اجتماعات واتصالات تليفونية بين عرببسيار وابن عمه، وإن بعض الاتصالات كانت من إيران.

وأضاف المسؤولون أن عرببسيار سافر من إيران عن طريق فرانكفورت في ألمانيا إلى المكسيك يوم 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال المرحلة الأخيرة من المؤامرة. لكن، رفضت السلطات المكسيكية إدخاله، ووضعته في طائرة إلى نيويورك، حيث ألقي القبض عليه.

وقال المسؤولون الأميركيون إن الإيراني، وهو يضع خططه، «تجاهل تجاهلا تاما الأضرار الجانبية» في الهجمات بالقنابل التي اشترك في التخطيط لها في واشنطن، وإنه قال للمحقق الأميركي، وكان يعتقد أنه من تجار المخدرات، إن اتصالاته مع الحكومة الإيرانية يمكن أن توفر «أطنانا من الأفيون» لعصابات المخدرات المكسيكية.

إلى ذلك، قال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، روبرت مولر، إن المخطط الإرهابي المزعوم وتورط إيران «يبدو أقرب إلى نص هوليوودي»، مضيفا أن «هذه القضية توضح أننا نعيش في عالم لم تعد فيه الحدود أمرا مهما».

وقال مدعي المقاطعة الجنوبية في نيويورك، إن المخطط حظي بـ«تمويل جيد وخبيث»، مضيفا أن «التفاصيل حول مخطط الاغتيال مرعبة».

وفي محكمة فيدرالية في نيويورك، قدمت وزارة العدل الأميركية أمس تفاصيل تهم الإرهاب إلى عرببسيار وابن عمه، وقالت إن اسم ابن العم هو غلام شاكوري، وإن خمس تهم وجهت إليهما؛ من بينها «مؤامرة لاغتيال مسؤول أجنبي (السفير السعودي)، واستخدام أسلحة دمار شامل». وأشار الادعاء إلى شخص ثالث، قال إنه إيراني، لكنه لم يذكر اسمه.

وجاء في أوراق الادعاء أن عرببسيار اجتمع مرتين مع مسؤولين في وكالة مكافحة المخدرات، وكان يعتقد أنهم تجار مخدرات، وذلك في مدينة رينوسا، في شمال المكسيك، قرب ولاية تكساس، وأنهما تفاوضا حول دفع مليون ونصف مليون دولار لاغتيال السفير السعودي. وفعلا، دفع الإيراني خمسين ألف دولار مقدما لتنفيذ الخطة، ووضع المبلغ في حساب المحقق الأميركي السري.

وقال الادعاء الفيدرالي إن الإيراني يتعاون الآن مع المحققين الأميركيين لكشف مزيد من تفاصيل المؤامرة.