قناة «نسمة» تعتذر للتونسيين عن بث الفيلم الإيراني الذي أثار غضب الإسلاميين

بعد تسببها في أكبر صدام بين العلمانيين والإسلاميين منذ الثورة

TT

اعتذرت قناة «نسمة» التلفزيونية التونسية عن بثها فيلم «برسيبوليس» الفرنسي - الإيراني الذي أثار احتجاجات واسعة في صفوف الإسلاميين في تونس لتضمنه لقطات تصور الله سبحانه وتعالى، أمس، معتبرة بثها الفيلم «خطأ».

وفي ما يبدو أنه مسعى لامتصاص موجة غضب عارمة في البلاد، قال نبيل القروي مدير قناة «نسمة» التلفزيونية في تصريحات لإذاعة «المنستير» التونسية: «باسم قناة (نسمة)، أعتذر لدى التونسيين بسبب بث اللقطات التي تجسد الله.. كان خطأ أن نبث هذه اللقطات تحديدا.. ونحن مسلمون مثل أغلب التونسيين».

وأوضح مدير القناة أن «المسؤول عن خلية المشاهدة لم ينوه في تقريره عن الفيلم أنه يتضمن مشهدا فيه تجسيد للذات الإلهية؛ الشيء الذي لا أسمح به تماما باعتباري مسلما يحترم مقدساته الدينية، ولا أسمح لنفسي بمشاهدة لقطة مماثلة مع عائلتي»، وأضاف قائلا: «ما جعلني لا أتابع تقرير المشاهدة هو أن الفيلم سبق أن عرض في بعض القاعات السينمائية التونسية ولم يخلف أية ردود فعل»، مبينا في هذا السياق أنه لم يقصد «الإساءة للمسلمين ببرمجته يوم الجمعة بالذات؛ بل فقط لأن هذا اليوم صادف موعد بث البرنامج الأسبوعي الحواري».

وقال في السياق ذاته: «لقد تابعت باستغراب التأويلات التي نتجت عن عرض الفيلم ومن بينها الزعم بأننا نهدف من خلال بثه للإساءة للإسلاميين في تونس، لا سيما حركة النهضة، وهو ما لا يمت للواقع بصلة؛ حيث تثبت إحصائياتنا الداخلية أن هذا الحزب يتصدر قائمة الأحزاب الحاضرة في البرامج الحوارية التي تعرضها قناة (نسمة)»، حسب قناة «تونس أفريقيا للأنباء». وأثار عرض فيلم رسوم متحركة يصور الله سبحانه وتعالى، غضب مئات الإسلاميين الذين حاولوا اقتحام مقر القناة بالعاصمة ثم اشتبكوا مع قوات الشرطة في منطقة الجبل الأحمر بالعاصمة يوم الأحد الماضي في أكبر صدام بين العلمانية والتيار الإسلامي في البلاد منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) الماضي، حسب «رويترز».

من ناحية أخرى، قال مصدر قضائي أمس إن النيابة العمومية فتحت تحقيقا قضائيا ضد القناة التلفزيونية بسبب بث الفيلم الذي أثار احتجاجات الإسلاميين في البلاد وزاد المخاوف قبل أيام قليلة من إجراء أول انتخابات حرة. وتقدم محامون ومواطنون بدعوى ضد القناة بسبب بثها الفيلم.

وقال جمال العرفاوي المكلف من القناة بالتحدث للصحافيين تعليقا على الدعوى القضائية: «لقد كان من الأفضل لو ذهبوا للقضاء منذ البداية»، مشددا على أن القضاء هو الحكم بين الجميع.

وكانت فرنسا قد نددت أول من أمس بمحاولة الهجوم على القناة؛ حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن «السلطات الفرنسية تأسف وتدين استخدام العنف من قبل متظاهرين ضد مقر شبكة تلفزيون (نسمة)»، وأضاف أن «فرنسا تعرب عن ارتياحها لأن عمل العنف هذا أثار استنكارا واسعا من حركات سياسية تونسية ومن السلطات الانتقالية»، مذكرا بأن فرنسا متمسكة «بحرية التعبير والتعددية وحرية الصحافة في تونس».

وتتصاعد حدة التوتر في تونس قبل انتخابات تجري يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاختيار جمعية تأسيسية، ويتنافس فيها الإسلاميون مع العلمانيين الذين يقولون إن قيمهم الليبرالية معرضة للخطر.