شيطان التفاصيل يدخل في عملية حسم العدد المطلوب للمدربين الأميركيين في العراق

وزير سابق لـ «الشرق الأوسط» : أميركا ليست جمعية خيرية

TT

تناقضت على نحو واضح طوال اليومين الماضيين التصريحات التي أدلى بها كل من الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي بشأن العدد المطلوب بقاؤه في العراق من المدربين والفنيين بعد الانسحاب الأميركي المقرر نهاية العام الحالي بموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن عام 2008. ففيما أكد المالكي في مقابلة صحافية له أن الأميركيين طلبوا أن يبقى 3400 من قواتهم في العراق بعد الانسحاب بصفة مدربين وفنيين معتبرا أن هذا الرقم كبير، فإن طالباني أكد في تصريحات متزامنة مع تصريحات المالكي أن العدد الذي تم الاتفاق عليه مع الجانب الأميركي هو 5000 مدرب.

إلى ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي وعضو لجنة الأمن والدفاع فيه حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ليس من حق لا رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء التحكم بمصير العراق من خلال بقاء جندي أو مدرب أميركي وبالعدد الذي يقررونه رغم وجود تناقضات فيما ذكروه من أرقام». وأضاف أن «البرلمان العراقي هو صاحب السلطة العليا في تقرير مصير مثل هذه المسائل الحساسة وأن البرلمان سبق أن صادق على اتفاقية مع المحتل الأميركي تنتهي نهاية هذا العام وبعدها لن يسمح لأحد بأن يبقى أي عدد من الأميركيين على أرض العراق». وأضاف المطلك أن «لجنة الأمن والدفاع لا تعرف حتى الآن كم العدد الذي يريدون بقاءه لأنه لم يعرض عليها وعلى حد علمنا لم يناقش هو الآخر داخل اجتماع قادة الكتل وهو أمر غير صحيح إذ من غير الممكن أن يعقدوا اجتماعا لمناقشة قضية واحدة ومصيرية ولم يتفقوا على عدد معين بحيث تتضارب التصريحات بين رئيسي الجمهورية والوزراء مما يدل على أن هناك عدم تنسيق وهناك أيضا اجتهادات لكل طرف وهذه من أخطر المسائل التي لا بد من وضع نهاية لها».

على صعيد متصل كشف رئيس كتلة العراقية البيضاء في البرلمان العراقي ووزير شؤون العشائر السابق جمال البطيخ الذي حضر اجتماع قادة الكتل السياسية في قصر السلام برعاية الرئيس طالباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قادة الكتل السياسية الذين اجتمعوا في مقر رئيس الجمهورية لم يتطرقوا إلى العدد المطلوب بقاؤه من المدربين»، مشيرا إلى أن «رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان والقيادي في دولة القانون حسن السنيد أبلغ أعضاء البرلمان في جلسة رسمية أن أقصى ما نحتاجه من مدربين وفنيين لا يزيد عن 200 شخص». وأوضح البطيخ أن «الأميركيين لمسوا أنهم لم يعودوا مرحبا بهم في العراق لأن العراقيين لم يلمسوا شيئا من الوعود الأميركية طوال السنوات الثماني الماضية».

وأشار إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية ليست جمعية خيرية بحيث قطعت كل هذه الأميال وأنفقت كل هذه الأموال وخسرت آلاف الجنود لكي تخرج من العراق من دون حصيلة وذلك فإنهم بنوا قواعد خاصة لهم حتى الآن ليس بمستطاع أرفع مسؤول عراقي الوصول إليها»، معتبرا كل ما يجري الحديث عنه هو «من باب التمنيات ليس أكثر».