برلمانيو العراق.. موسم الهجرة إلى «الحج»

إلى جانب امتيازاتهم الدنيوية.. استثناؤهم من ضوابط الحج يجعلهم أقرب من سواهم إلى الآخرة أيضا

TT

على الرغم من بدء الاستعدادات لمناقشة الموازنة السنوية العامة للدولة من قبل البرلمان العراقي، التي تحال إليه من قبل مجلس الوزراء، فإن الحكومة، ولسبب ما، لم ترسل الموازنة إلى البرلمان، كما أن البرلمان، المتلهف أصلا لمناقشتها ومحاججة الحكومة في أبوابها وفصولها وأوجه إنفاقها، غض الطرف، هو الآخر، عن هذه المسألة الأكثر حيوية من كل شيء.. أما السبب الذي يكمن خلف هذه القصة فهو حلول موسم الحج الذي بات «مقدسا» أكثر من اللازم لأعضاء البرلمان العراقي، علمانيين وإسلاميين.

ولأن موسم الحج يتزامن أيضا مع قرب العطلة الشتوية للبرلمان، فإنه لم يعد ممكنا الإلحاح بإرسال الميزانية لمناقشتها إلا بعد عودة الحجيج من النواب، وطبقا للمعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر قريب من هيئة الحج والعمرة، فإن عدد الحجاج من أعضاء البرلمان هم 70 نائبا، من بينهم 33 نائبا من كتلة التحالف الوطني (دولة القانون والائتلاف الوطني)، التي تضم 159 نائبا، و12 نائبا من القائمة العراقية، التي تضم 91 نائبا، و8 من كتلة التحالف الكردستاني التي تضم 54 نائبا، وتتوزع باقي الأعداد على بعض الكتل الصغيرة وتضم علمانيين أيضا.

الأمر اللافت للنظر هنا أنه في الوقت الذي يستعد فيه هؤلاء النواب إلى الذهاب فعلا للديار المقدسة، فإن هناك حصة أخرى لكل أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 325 نائبا، وتشمل أقاربهم من الدرجة الأولى (الأب والأخ والزوج والابن)؛ حيث بمقدور النائب الذي كان قد أدى فريضة الحج سابقا أن يمنح حصته لمن يشاء من هؤلاء الأقارب. وبسبب أن هذا التقليد معمول به منذ عام 2003 وحتى اليوم فإنه وبعد مرور ما يقرب من ثلاث دورات برلمانية في العراق، فإن الأمر الذي سيكون أكثر لفتا للنظر في تاريخ الحياة البرلمانية في العراق هو أن نسبة المواطنين الحجاج من بين العراقيين ستذهب إلى الأسر البرلمانية التي يتمتع أبناؤها بامتيازات دنيوية قل نظيرها تتمثل بحصول النائب على تقاعد برلماني مجزٍ جدا (بحدود 6 آلاف دولار شهريا) حتى لو أدى القسم وانتقل إلى جوار به بينما لا يحصل على أكثر من 120 دولارا شهريا كراتب تقاعدي معظم موظفي العراق من الدرجات البسيطة ممن يخدمون أكثر من 30 عاما، فضلا عن حصولهم على جواز سفر دبلوماسي هم وعوائلهم لدورتين برلمانيتين بعد التقاعد، أي بحدود 12 عاما. وإذا كان هذا هو مستوى الامتيازات الدنيوية التي يحصلون عليها فإن استثناءهم من أي ضوابط للحج يشمل نحو 32 مليون مواطن عراقي يجعلهم الأقرب من سواهم إلى الآخرة أيضا.