الأمم المتحدة تؤكد وجود ممارسات تعذيب «منظمة» في أفغانستان

استندت إلى حوارات أجريت على مدار العام الماضي مع أكثر من 300 معتقل

TT

كشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة أول من أمس عن تعذيب المعتقلين في المواقع التي يديرها جهاز المخابرات الأفغاني والشرطة الوطنية الأفغانية عن طريق تعليقهم من المعصمين والضرب بالأسلاك المطاطية والكهربائية، وفي بعض الحالات اللف الموجع للأعضاء التناسلية حتى يفقد السجناء الوعي. ويعد هذا التقرير، الذي استند إلى حوارات أجريت على مدار السنة الماضية مع أكثر من 300 معتقل، بمثابة الإطلالة الأكثر شمولا على نظام الاعتقال في أفغانستان والقضية التي ظلت تشغل اهتمام مسؤولين غربيين وجماعات حقوق الإنسان على مدار فترة طويلة من الزمن. ويرسم التقرير صورة مؤلمة لهذه الانتهاكات، مستشهدا بأدلة على وجود «تعذيب منظم» خلال عمليات الاستجواب من جانب مسؤولي المخابرات والشرطة الأفغانية. وأكد التقرير أن شخصيات غربية وأميركية تدعم هذه السياسات وتقوم بتدريب المسؤولين الأفغان وتدفع الأموال للوزارات الأفغانية التي تدير مراكز الاحتجاز.

ولم يذكر التقرير إذا ما كان المسؤولون الأميركيون على علم بهذه الانتهاكات أم لا، ولكن انتشار عمليات التعذيب على نطاق واسع في إطار نظام الاعتقال المدعوم بالمدربين الأميركيين والأموال الأميركية يثير تساؤلات جدية وخطيرة حول تواطؤ محتمل لمسؤولين أميركيين، وعما إذا كان هؤلاء المسؤولون قد استفادوا من المعلومات التي تم الحصول عليها من المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب.

وقال مسؤول أميركي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «أنا لا أعرف أي شخص على علم بحدوث هذه الانتهاكات المزعومة». وفي الواقع، لم يتم بذل المجهود الكافي للتدقيق وإمعان النظر في ممارسات قوات الأمن الأفغانية في مراكز الاعتقال، حيث كانت هناك ضغوط لنقل أكبر قدر ممكن من المسؤولية إلى الأفغان والحد من التدخل الأميركي.

وتتطلع الولايات المتحدة إلى إنهاء عقد من الحرب هنا بشكل تدريجي، ولكن هذا التقرير يهدد بتعقيد الجهود الرامية إلى نقل المزيد من مسؤوليات الاعتقال إلى الأفغان، ومن الممكن أيضا أن يمهد الطريق أمام تمرير إجراءات قانونية أميركية تجبر الولايات المتحدة على عدم دفع أية مبالغ مالية إلى أي وحدة أفغانية تشارك في مثل هذه الانتهاكات.

من جانبها، نفت الحكومة الأفغانية الادعاءات الواردة في التقرير، واعترفت بوجود «نواقص» في هذا البلد الذي مزقته الحروب والذي يواجه العديد من التفجيرات الانتحارية وغيرها من أشكال الإرهاب. وبعد رؤية مسودة التقرير في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أوقف الجنرال جون ألان، قائد حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، نقل المشتبه فيهم إلى 16 مركزا من مراكز الاعتقال التي تقوم بتعذيب المعتقلين.

ومنذ ذلك الحين، شرع ألان في تنفيذ خطة لتقصي الحقائق في تلك المواقع وتوفير التدريب على أحدث تقنيات الاستجوابات ومراقبة ممارسات الحكومة الأفغانية. ووفقا لمسؤولين أميركيين، تشارك السفارة الأميركية الآن وبقوة في وضع برنامج طويل الأجل لمراكز الاعتقال الأفغانية. وأصدر مسؤولون في حلف شمال الأطلسي بيانا قالوا فيه إنهم كانوا يعملون مع الأمم المتحدة والحكومة الأفغانية من أجل «تحسين عمليات الاعتقال» و«وضع ضمانات». وفي حديثهم مع الباحثين التابعين للأمم المتحدة، قال ما يقرب من نصف عدد المعتقلين إنهم تعرضوا للتعذيب. وقال التقرير إن معاملة الشرطة للمعتقلين كانت أقل حدة إلى حد ما. وقال التقرير إنه قد تم تسجيل الانتهاكات في 47 موقعا في 24 ولاية من بين ولايات البلاد الأربع والثلاثين. ويشتبه أن يكون معظم الذين أجريت معهم المقابلات على علاقة بالمتمردين الذين يقومون بشن الهجمات على كل من الأفغان وحلفائهم الغربيين.

ومن بين الـ324 شخصا المحتجزين لأسباب أمنية، تم تسليم أكثر من 89 شخصا لجهاز المخابرات الأفغاني أو الشرطة الأفغانية من قبل القوات العسكرية الدولية، وتم تعذيب الرجال في 19 حالة فور تسليمهم للسلطات الأفغانية.

* ساهم في كتابة التقرير إريك شميت من واشنطن

* خدمة «نيويورك تايمز»