«مستشار الوزير» يزعزع أركان وزارة الدفاع البريطانية

جدل في بريطانيا حول صديق وزير الدفاع

ليام فوكس خلال مغادرته مقر وزارة الدفاع، باتجاه البرلمان، لإلقاء بيان حول قضية مستشاره، أول من أمس (أ.ب)
TT

بدأ أمس استجواب آدم ويريتي صديق وزير الدفاع البريطاني، والذي كان يزعم أنه مستشار له، من طرف المحققين، في إطار التحقيقات التي فتحت لمتابعة مدى استفادة ويريتي من الصداقة التي تربطه بليام فوكس، وإذا ما كانت لهذه العلاقة أي تأثيرات أو مساس بالأمن القومي البريطاني. ويعتقد المتابعون أن حياة الوزير المهنية أصبحت على كف عفريت وهي مرتبطة الآن بنتيجة التحقيقات التي من المنتظر أن تظهر إذا ما كان ويريتي استفاد ماليا من علاقته بفوكس أم لا.

وكان فوكس محور جدل في الأوساط الإعلامية والسياسية البريطانية خلال الأيام القليلة الماضية بسبب علاقته مع ويريتي، الذي رغم أنه ليس ضمن فريق المسؤولين التابع لفوكس أو العاملين رسميا معه، فإنه وزع بطاقات مكتوبة بحروف بارزة تصفه بأنه «مستشار» للوزير.

ويواجه آدم ويريتي استجوابا حول مصادر دخله وطبيعة تعاملاته مع الصناعة الدفاعية بعد أن أعلن مسؤولون في الحكومة البريطانية عن عدم علمهم بمصادر عيش الصديق المقرب من وزير الدفاع.

ولم تدم سعادة وزير الدفاع البريطاني طويلا الذي أعلن في ليبيا خلال زيارته الأخيرة عن نجاح القوات البريطانية في أداء مهامها بتميز، فقد ووجه بضغوط كبيرة فور عودته إلى بريطانيا، حول المعلومات التي كشفت أن ويريتي البالغ من العمر 34 عاما قد زاره عدة مرات في مباني وزارة الدفاع.

ورغم تأكيدات وزير الدفاع البريطاني بأن ويريني لم يستفد من صداقتهما، فإن صحيفة «التلغراف» وفي مقال بقلم جايمس كيركوب وهولي وات قالت إن الاتصالات المستمرة التي كانت بين ويريتي والدكتور فوكس، أوصلت إلى استنتاج بأن «المستشار» الذي «نصب نفسه بنفسه» قد حقق أرباحا مالية من صداقته القريبة من الوزير.

لكن فوكس بقي مصرا على عدم استفادة صديقه ماديا من علاقتهما، ولا إثباتات رسمية على كلام فوكس غير تأكيد ويريتي الشخصي له، حسب ما صرح به مساعدو الوزير. كما جاء في «التلغراف».

ولكن هذه التأكيدات تتناقض مع ما أكدته الأخبار من أنه وفي شهر يونيو (حزيران) من السنة الماضية قدم ويريتي صديقه الوزير إلى رجل أعمال مقيم في دبي كان يريد أن يبيع تقنية اتصالات لوزارة الدفاع.

ونشرت «التلغراف» مساء أمس على موقعها أن رجل الأعمال في دبي والذي كان قد التقى بفوكس ووريتي السنة الماضية قال إن هذا الأخير كان قد طلب منه أن ينفي أن اجتماع دبي قد تم السنة الماضية.

وبقيت عمليات صديق فوكس المالية غير معروفة على الإطلاق حتى بين زملائه الوزراء.

وعلى الرغم من اعتذار وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس الذي وجهه للشعب البريطاني الأحد الماضي حول إمكانية أن تكون صلاته بمستشار غير رسمي قد تمثل تهديدا للأمن القومي، واعترافه بارتكاب «بعض الأخطاء في علاقته بآدم ويريتي» شريكه السابق في السكن، فإنه أكد في نفس الوقت أنه لا يعتقد أن أي نوع من المخالفات قد حدث. وأنه غير عازم على الاستقالة.

وكان قد أقر في بيان تلفزيوني بأنه كان من الخطأ السماح بمجال من الضبابية وإمكانية التمييز بين مسؤولياته الرسمية وولائه الشخصي لصديق. وكان فوكس قد أكد أنه لم يقدم لا هو ولا وزارته في أي مرحلة «أي معلومات سرية أو إحاطات للسيد ويريتي أو مساعدته في عمله التجاري ناهيك عن الاستفادة شخصيا من هذا العمل».

وأضاف وزير الدفاع في بيانه «وعلى الرغم من هذا فإنني أقر أنه بالنظر إلى المصالح التجارية للسيد ويريتي المتعلقة بالدفاع واتصالاتي المستمرة معه ربما أعطت انطباعا بحدوث مخالفات وربما أوجدت أيضا لدى أطراف أخرى انطباعا مضللا بأن السيد ويريتي مستشار رسمي وليس مجرد صديق».

وأكد «تعلمت دروسا من هذه التجربة». حسب ما نقلت «رويترز». كما قال فوكس إنه كان من الصواب السماح بأن يأخذ تحقيق داخلي مساره. من جهته جدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أول من أمس ثقته في وزير دفاعه ليام فوكس الذي يتعرض للمساءلة بسبب خلطه بين الصداقة والأعمال. حيث قال متحدث باسم كاميرون إن رئيس الوزراء يعرب عن ثقته الكاملة في ليام فوكس الذي اعتبره «يقوم بمهمته بشكل رائع».

وحسب «الغارديان» فقد سئل الناطق الرسمي باسم ديفيد كامرون عما إذا كانت التحقيقات ستتناول الاجتماعات التي تمت بين فوكس ومسؤولين عسكريين كبار في أفغانستان والتي حضرها ويريتي، وإن كان المسؤولين على علم بأن ويريتي كان صديقا شخصيا لفوكس وليس مستشارا له. وسيجيب التحقيق عن تساؤل بشأن ما إذا كان فوكس قد خالف لوائح وزارة الدفاع بسماحه لصديق بالدخول إلى مباني الوزارة والسفر في رحلات رسمية خارجية. وتقضي اللوائح البريطانية بأن يستوثق الوزراء من عدم وجود تضارب بين واجبات وظيفتهم ومصالحهم الشخصية.

وزادت حدة الانتقادات ضد فوكس عندما ظهرت صورته مع ويريتي في سريلانكا بينما كان الوزير في زيارة رسمية هناك الصيف الماضي.

وهذا ما يتناقض مع تأكيدات فوكس في كلمة أمام مجلس العموم الشهر الماضي بأن ويريتي لم يسافر معه في أي زيارات رسمية للخارج. وفي دفاعه حول هذه النقطة أكد لراديو هيئة الإذاعة البريطانية أن اجتماع سريلانكا الذي حضره هو وويريتي كان تجمعا خاصا نظمه أحد أصدقائه. كما نقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أنه قد ثبت مبدئيا وفي إطار التحقيقات أن المسؤولين في مكتب فوكس كانت لديهم تعليمات بتزويد ويريتي ببرنامج عمل الوزير في عدة مناسبات.

وفي مقال على موقعها الإلكتروني قالت «الإندبندنت» مساء أمس إن اعتذار فوكس ليس كافيا، ولا حتى تأكيداته بأن ويريتي لن يقوم بأي زيارات مستقبلا لمكتبه، والتعهد بأنه لن يحضر أي مؤتمرات يحضرها فوكس، أو عدم اصطحابه لرحلات عمل خارج البلاد، وذكرت الصحيفة أنه إذا لم «يستقل وزير الدفاع فعلى رئيس الوزراء ديفيد كامرون أن يقيله». وينظر إلى فوكس على أنه منافس محتمل على زعامة حزب المحافظين الذي يتزعمه كاميرون.