استمرار المعارك في مسقط رأس القذافي سرت.. وإجراءات لتشديد الحصار على بني وليد

قيادي في المجلس الانتقالي لـ «الشرق الأوسط»: أتباع العقيد الهارب خسروا سرت ويسيطرون على شارع دبي فقط

ثوار ليبيون يطلقون صواريخ على قوات للقذافي في مدينة سرت (إ.ب.أ)
TT

تجددت أمس، الاشتباكات العنيفة بين الثوار وكتائب العقيد الليبي الهارب معمر القذافي في الجبهة الشرقية لمدينة سرت، وأسفرت، حسب المصادر، عن سقوط ما لا يقل عن ثلاثة قتلى وأكثر من 11 جريحا، بينما تواصل القتال على محاور عدة للسيطرة على المدينة التي تشهد مقاومة شرسة من أنصار العقيد الليبي، رغم الحصار الذي استمر لأكثر من شهر، وهجمات الثوار بمساعدة القصف المركز لطائرات حلف الناتو.

وقال قياديون في المجلس الانتقالي الليبي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن مدينة سرت التي تعد مسقط رأس القذافي، لم يبق فيها سوى شوارع محدودة تحت سيطرة قوات القذافي وسط المدينة، وإن الثوار تمكنوا من بسط سيطرتهم على نحو 95 في المائة من المدينة، بينما أكد قيادي بالمجلس الوطني الانتقالي، أن المستشار مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس، يستعد لزيارة المدينة بعد تحريرها بالكامل «خلال الساعات المقبلة». وقال خير الله محمود، القيادي بالمجلس الانتقالي، إن قوات القذافي داخل سرت أصبحت بين فكي كماشة الثوار، ولم يبق إلا ساعات قليلة على تحرير المدينة، موضحا أن سيطرة القذافي في سرت تكمن في شارع واحد يسمى دبي، مشيرا إلى أن رئيس المجلس الوطني الانتقالي يستعد لزيارة سرت فور إخباره بالسيطرة التامة على المدينة. من جهته، اعتبر صالح عبد العزيز القطعاني، عضو مجلس الحكماء التابع للمجلس الانتقالي، والعائد من سرت أمس، بعد زيارة استغرقت أياما، الأساليب التي يخدع بها القذافي أهالي سرت، شبه معروفة للكثير من الليبيين هناك، ولكن ما زال لها أثر بين من وصفهم بضعاف النفوس، موضحا أن القذافي قام بتسليم الموالين له المزارع والأراضي والأموال ليضمن ولاءهم «لهذا فهؤلاء ضعاف النفوس يشعرون وكأنهم في معمعة ونعيم، لذلك فهم لا يريدون تحرير سرت، بل يقومون بمسانده القذافي ضد الثوار».

وأكد القطعاني، أنه تحدث إلى الكثير من السكان هناك، فوجدهم «ملوثين بأفكار القذافي»، مشيرا إلى أنه بعد عرض بعض مقاطع الفيديو والصور التي تصور انتهاكات كتائب القذافي ومرتزقته على الأهالي، عادوا إلى عقولهم و«أدركوا ما يحدث على أرض الواقع»، موضحا أن «الأهالي فوجئوا بما رأوه وعلقوا بأنهم لم تصلهم أي أخبار من خارج المدينة عن الفظائع التي وقعت في المدن الليبية الأخرى».

وأضاف القطعاني، أن مرتزقة القذافي في سرت، يقومون بتغطية وجوه الأهالي ووضعهم في مقدمة قواتهم، حتى إذا أطلق الثوار النار أصيب الأهالي دون خسائر في قوات القذافي، مشيرا إلى أن قناصة القذافي يتمركزون على أسطح المنازل والمباني المرتفعة، كما أنهم يسيطرون على الكثير من المنازل.

وأشار القطعاني، إلى أنه عرض على السكان الخروج من سرت حفاظا على أرواحهم وحتى يمكن للثوار تحرير باقي المدينة، مؤكدا أن البعض استجاب لذلك.

وفي سياق متصل، قال الدكتور يونس بريك، رئيس جمعية ليبيا الدولية لحقوق الإنسان، والعائد من سرت أمس، إنه زار معظم أحياء سرت ولم يبق إلا شارع دبي تحت سيطرة أنصار القذافي، لافتا إلى أن الكتائب لا تترك أحدا يخرج من منزله وإلا وتضربه بالقذائف.

وأكد بريك أنه شاهد أطفالا مصابين جراء عنف المرتزقة مع الأهالي، كما أكد أن قوات القذافي تمنع خروج الجميع من مساكنهم حتى أنها لا تسمح بخروج الأطفال لأخذ لقاح الأطفال، مشيرا إلى أن الأسر هناك تظل طيلة أيام من دون أغذية ولا أدوية ولا كهرباء.

وأشار بريك الذي كان يرأس حمله إغاثة إلى سرت، إلى أن المرتزقة قاموا بمصادرة جميع خطوط الهواتف الجوالة من الأهالي حتى لا يتمكنوا من التواصل مع المدن الأخرى.

وقالت المصادر الطبية، إن مجموعة من طاقم للمساعدات الطبية، تمكنت من دخول المستشفى الرئيسي المعروف بـ«ابن سينا» والذي كان تحت سيطرة قوات القذافي قبل أن يتمكن الثوار مؤخرا من السيطرة عليه، مشيرة إلى أن المستشفى أصبح في حالة مزرية ويفتقر لأبسط المقومات الطبية اللازمة لإسعاف الجرحى.

ومن جانب آخر، زعم أنصار للقذافي على صلة بقواته المتحصنة بالمدينة، أن القناصة و«فرق المقاومة» أفشلت عمليات عدة للثوار، واعتقلت أحد آمري مجموعة قوات من مصراتة تابعة للمجلس الانتقالي يدعى «أبو أغديدة»، إضافة إلى قيام تلك الفرق بتلغيم مبان سكنية بعد أن سيطر عليها الثوار في قلب المدينة دون ذكر مزيد من التفاصيل. كما لم يثبت من أي طرف محايد صحة الواقعة التي ذكرتها مصادر القذافي في سرت عن اعتقال 18 من القوات البريطانية (وحدة ساس)، التي قالت تلك المصادر إنها هبطت في المدينة بطائرة مروحية، وتم «تطويقهم وأسر 16 عنصرا منهم وأصيب جنديان من المجموعة، فتم تحميلهما رسالة إلى الشعب البريطاني وحكومته وقيادته العسكرية لينقلوا لهم كيف وقعت فرقتهم في الأسر».

وفي بني وليد يتوقع أن يكمل الثوار خطة لفرض حصار كامل على المدينة أشد من الحصار المفروض عليها منذ أكثر من شهر. وقالت المصادر إن فرق من الثوار توجهت إلى مشارف المدينة لإحكام تطويقها من كافة الجهات، خاصة منطقة الجنوب.

وبالنسبة لمناطق أقصى الجنوب الليبي، ما زال الاعتقاد سائدا بما سبق وأعلنه أعضاء في المجلس الانتقالي، من أن القذافي يختبئ لدى قوات تابعة لقبائل الطوارق، حيث اختفى القذافي منذ أن اجتاحت قوات المجلس الوطني الانتقالي طرابلس في 23 أغسطس (آب) الماضي، وأفلت من محاولات للقبض عليه هو واثنين من أبرز أبنائه، المعتصم، الذي يعتقد أنه في سرت، وسيف الإسلام في بني وليد. وقال موسى الكوني، ممثل المجلس الوطني بشأن قبائل الطوارق للبدو الرحل، إن الزعيم المخلوع ربما يتنقل في المنطقة الصحراوية الواسعة في جنوب البلاد على حدود ليبيا والجزائر والنيجر. ونقلت وكالة «رويترز» عن الكوني قوله أمس، إن القذافي «ومؤيديه يمكنهم بسهولة أن يتنقلوا في الصحراء وربما أنه يتنقل عبر الحدود الطويلة والمليئة بالثغرات بين الدول الثلاث». وزاد الكوني موضحا: «ربما يكون مختبئا في منطقة نائية غير مأهولة تحيط بها الجبال في محاولة لإحباط مساعي الإمساك به». وأبلغ الكوني الصحافيين أن من المحتمل أن يحتمي القذافي في هذه المنطقة لأنها محمية بالجبال المحيطة، كما أن جنود القذافي استخدموها كملجأ في السابق.

وقال الكوني أيضا: «هم يمكنهم حتى أن يبنوا مدينة صغيرة أو بلدا صغيرا في هذه المنطقة، من دون أن يتعرف عليهم أحد»، مضيفا أنه يوصي بإرسال طائرات هليكوبتر أو طائرات من دون طيار إلى هذه المنطقة، نافيا أن «الطوارق يساعدون القذافي».