فيلق القدس.. خليفة «الحرس الإمبراطوري الإيراني»

يضم نخبة من قوات الجيش وواشنطن تعتبره منظمة إرهابية * تقرير هجمات سبتمبر: «زواج متعة» مع «القاعدة»

خامنئي
TT

اشتهر «فيلق القدس الإيراني» بمهمة تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية وهو وحدة النخبة لحرس الثورة الإسلامية الإيرانية ومكلف بالعمليات خارج الحدود الإيرانية، ويأخذ أوامره مباشرة من المرشد الأعلى للثورة الإسلامية.

وكان يشار إلى الفيلق في بعض الأحيان بأنه خليفة «الحرس الإمبراطوري الإيراني» إذ يعد نخبة قوات الجيش الإيراني، وتصفه الولايات المتحدة الأميركية بالمنظمة الإرهابية التي تساند الفصائل الإرهابية في العراق ولبنان وأفغانستان.

تكون «فيلق القدس الإيراني» إبان حرب الخليج الأولى في ثمانينات القرن الماضي كوحدة عمليات خاصة تابعة لحرس الثورة الإيرانية الإسلامية، وبعد الحرب واصل الفيلق مساندته للأكراد ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وساعدوا الأكراد في محاربة القوات العسكرية العراقية.

وتوسعت عمليات فيلق القدس في المنطقة إذ ساند أحمد شاه مسعود خلال الحرب السوفياتية على أفغانستان عام 1988 وبعد الحرب ساندوه في حربه ضد طالبان.

وتطور مركز الفيلق بعد ذلك لقوات خاصة رئيسية مسؤولة عن تنفيذ عمليات خارجية وأصبح الفيلق يشكل تهديدا غامضا ومميتا على القوات، الأميركية بالعراق بعد الغزو الأميركي عام 2003 وذلك لقيامه بمهاجمة القوات الأميركية بالعراق، وذلك وفقا لتصريحات مسؤولين من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مساعدة الجماعات الشيعية المسلحة في العراق في تخطيط الغارة على القوات الأميركية في مدينة كربلاء عام 2007، وفي أواخر عام 2006 ألقت القوات الأميركية القبض على أربعة إيرانيين، كان اثنان من كباري ضباط الفيلق في شمال العراق وهما العميد محسن الشيرازي والعقيد أحمد دفاري وفقا للبنتاغون تم اتهامهما بأنهما كانا متورطين في توصيل أسلحة مرتجلة من إيران إلى العراق.

وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت في عدد سابق إلى أن علاقة إيران أو الحرس الثوري والاستخبارات بتنظيم القاعدة أشبه بحديث عن زواج متعة أو مصلحة مؤقتة بين اتجاهين آيديولوجيين متناقضين من الصعب نظريا تصديق إمكانية حدوثه.

وبعد الاعتداء الذي جرى في الخبر في السعودية عام 1996 وقتل فيه 19 أميركيا، بدأت تطفو على السطح دلائل جديدة على العلاقات بين تنظيم القاعدة وفيلق القدس وهو ما أشار إليه واضعو تقرير هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة، الذين أشاروا إلى أن الخلافات الشيعية السنية لم تكن حاجزا أمام التعاون في أعمال إرهابية.

وبعد هجمات 11 سبتمبر أصبحت هذه العلاقات أكثر وضوحا، بعد أن وجد مئات من عناصر تنظيم القاعدة وعائلاتهم ملاذا آمنا في إيران.

وفي فبراير (شباط) 2007 اتهم الرئيس الأميركي السابق جورج بوش علنيا «فيلق القدس التابع للحكومة الإيرانية بأنه يتزود بقنابل مرتجلة تؤذي قواتنا بالعراق».

كما أدانت حكومة الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما قوات الفيلق في شهر أبريل (نيسان) الماضي بأنها تساعد في الجرائم الوحشية التي يمارسها النظام السوري برئاسة بشار الأسد ضد شعبه المطالب بالحرية في موجة الربيع العربي التي تجتاح بعض البلاد العربية منذ بداية العام الحالي. ونشرت الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي في 24 يونيو (حزيران) الماضي قائمة الولايات المتحدة للإرهاب، وضمت قاسم السليماني القائد الحالي لفيلق القدس إلى جانب شركات سورية تمول نظام الأسد والعميد محمد علي الجفري، ونائب قائد قوات استخبارات الحرس الثوري حسن طيب. وتم كذلك إدراج فيلق القدس ضمن لائحة الأشخاص والهيئات التي فرض الاتحاد الأوروبي عليها عقوبات واتهمه الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدة تقنية إلى أجهزة الأمن السورية، إضافة إلى معدات لمساعدتها على قمع حركات الاحتجاج، وسبق أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على سوريا شملت تجميد ممتلكات وأصول 35 شخصا بينهم الرئيس السوري بشار الأسد وحرمانهم من السفر إلى الدول الأوروبية، إضافة إلى 4 كيانات.

كما أشارت تقارير إلى أن فيلق القدس كان يساعد مسلمي البوسنة ضد الصرب أثناء الحروب اليوغسلافية، وبعد الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 قام الفيلق بتمويل حزب الله بملايين الدولارات لإعادة بناء قواته.

وفي عام 1994 اشتبه في أحمد فاهيدي وزير الدفاع الإيراني الحالي وقائد فيلق القدس في هذا الوقت بأنه قام بتنظيم وتمويل عملية مهاجمة جماعة حزب الله لمركز ثقافي يهودي ببيونس أيريس أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا، وبسبب هذه التهمة واجه فاهيدي أمر اعتقال من البوليس الدولي (الإنتربول) عام 2007.

ولا توجد أرقام محددة أو معلنة عن عدد قوات الفيلق إلا أن البعض يرجح أنها تتراوح ما بين 3000 إلى 5000 شخص. وجاء في وثيقة صدرت عن اتحاد العلماء ، الأميركيين في عام 1998 أن المهمة الرئيسية للفيلق هي تنظيم وتدريب وتجهيز وتمويل الحركات الثورية الإسلامية الأجنبية إلى جانب الجماعات المسلحة بحماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان، وأضاف التقرير أن الفيلق ينشئ علاقات مع المنظمات الإسلامية السرية المتشددة حول العالم. ووصف ديفيد ديونزي الضابط السابق بقوات المخابرات بالجيش الأميركي الفيلق بأنه نشط في عدة دول وأنه مقسم إلى ثماني مديريات بمناطق مختلفة، وهي الدول الغربية، والعراق، وتركيا، وشمال أفريقيا، وشبه الجزيرة العربية، وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، ومديريات مشتركة بدول عدة قريبة جغرافيا من بعضها البعض مثل أفغانستان وباكستان والهند، ومديرية أخرى في لبنان والأردن وإسرائيل.

وفي الماضي دعم فيلق القدس إقامة فروع لحزب الله في الأردن وإسرائيل. وتقع مراكز القوى للفيلق في حزب الله بلبنان وإقليم كردستان العراق وكشمير وأفغانستان واليمن انضمت مؤخرا. وأجزم ديونزي في كتابه «هيروشيما أميركا» بأن المقر الرئيسي في العراق انتقل عام 2004 إلى الحدود الإيرانية العراقية ليحكموا المراقبة على العمليات في العراق، وجاء أيضا في كتاب ديونزي أن للفيلق مقرا رئيسيا يقع على إحدى أراضي السفارة الأميركية في إيران قبل أن تجتاح السفارة في عام 1979 فيما عرف بـ«أزمة رهائن إيران».

ونشر سيمور هيرش في7 يوليو (تموز) 2007 مقالة في مجلة «New Yorker» كشف فيها أن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وقع على مرسوم رئاسي يفوض فيه كتيبة العمليات الخاصة بجهاز المخابرات الأميركية بتولي عمليات أولية خارج الحدود من العراق وأفغانستان وصولا إلى إيران ضد فيلق القدس. وركز المرسوم على تقويض الطموح الإيراني في امتلاك السلاح النووي.

وأخيرا وجهت أميركا لفيلق القدس تهمة محاولة اغتيال عادل الجبير السفير السعودي بالولايات المتحدة. وصرح مسؤولون أميركيون بأنهم لا يعرفون من في إيران وراء هذه المحاولة، كما تضمنت المؤامرة تفجير السفارتين السعودية والإسرائيلية بالأرجتين والسفارة الإسرائيلية بواشنطن.