علاقة ساسة إيران بالإرهاب.. كالتصاق الإيراني بسجادته

عكرت شعيرة الحج واحتضنت «القاعدة» بين ظهرانيها.. واعتدت على الدبلوماسيين السعوديين

TT

وصف مراقبون سياسيون علاقة ساسة إيران بالإرهاب بأنها «كالتصاق الإيراني بسجادته»، فتاريخها، بحسب متابعين، مليء بالسجالات والمماحكات مع الإرهاب، واصفين إيران بالبيت الآمن الذي احتضن الإرهاب وآوى أزلامه.

سيف العدل، سليمان بوغيث، وزمرة من إرهابيي «القاعدة»، الذي اختلوا مع شياطينهم في طهران، كانوا العلامة الفارقة لتحالف إيران مع الإرهاب، حيث ما برحت إيران تعتبر نفسها الملاذ الآمن الذي وجدت فيه «القاعدة» ضالتها، وبات المشهد الإيراني يتحالف مع ألد أعدائه بغية تحقيق أهدافه الاستراتيجية حتى ولو رام هدفه عبر شلالات من الدماء.

لم يرق للحاضنة الإيرانية الاكتفاء بتربية «أثاليل» تنظيم القاعدة، بل شكلت وزرعت فرق الموت على امتداد خرائط جيرانها، فباتت سياسة التصفيات الجسدية، وتصدير الثورة، هدفا استراتيجيا، لا مناص منه، وتعمدت إيران منذ الثورة الخمينية قبل ثلاثة عقود ونيف من الزمن، أن تزكم أنوف جيرانها، عبر ما عرف سياسيا بـ«تصدير الثورة» خارج طهران، حيث فرغت وزارة ماليتها، وجندت شآبيب شرها، ورمت بهم في حضرة جيرانها، مرتكبة «الخطيئة الكبرى» إزاء التدخل الصارخ بدعم الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس في فلسطين، لتمرير مخططاتها الاستراتيجية في المنطقة.

ولأنه «لا عطر بعد عروس»، فقد تسنمت إيران زمام الإرهاب شكلا ومضمونا، فعمدت من خلال احتضانها ثلة خرجت على المواثيق والأعراف الدولية في طهران، لأن تضمن لنفسها الاحتفاظ كذلك بأوراق أمنية استراتيجية، تخرجها من جعبتها في الوقت المناسب، كيفما شاءت وأينما شاءت، ولتتخذ من جانب آخر، سياسة المال أداة فاعلة في تحريك «أوراق النرد» التي تريد، مع «حزب الله»، وكيلها الشرعي في لبنان، ومع حماس التي «رهبنة» أذرعها، لتوسع نفوذها بعد ذلك عبر دعم النظار السوري الذي انسلخ بعدئذ عن الحاضنة العربية عن بكرة أبيه. وقد أدت التهم التي أعلنتها وزارة العدل الأميركية يوم الثلاثاء إلى إحياء ذكريات مخطط آخر لقتل دبلوماسيين سعوديين قبل عقدين. ففي عام 1990، سافر ثلاثة دبلوماسيين سعوديين إلى تايلاند وتم قتلهم بالرصاص في بانكوك في اليوم نفسه. وقبل عام من ذلك، قتل رجل أعمال سعودي في بانكوك.

وتم التأكد من أن جماعة شيعية في بيروت متصلة بإيران مسؤولة عن مقتل رجل الأعمال. وذكر مسؤولون أميركيون وتايلانديون أن قتل الدبلوماسيين جاء نتيجة وجود نزاع سعودي مع حزب الله. كما تم اتهام إيران بالتخطيط لسلسلة من الهجمات الإرهابية ضد أهداف دبلوماسية وسياسية في العقد الذي تلا ذلك، بما في ذلك تفجيرات عام 1992 للسفارة الإسرائيلية في بيونس آيرس وتفجير شاحنة عام 1996 في الظهران بالمملكة العربية السعودية أدت إلى مقتل 17 جنديا أميركيا في مجمع أبراج الخبر السكنية. وفي السنوات الأخيرة، رغم ذلك، اتجهت إيران إلى المعارك التقليدية، حيث قامت بتزويد المتمردين بأسلحة ومتفجرات لقتال القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.

الدكتور عبد الله البريدي، أستاذ السلوك التنظيمي في جامعة القصيم، قال لـ«الشرق الأوسط»: «إيران تتحكم فيها ذاكرة جمعية دينية متطرفة»، وزاد: «المخطط الإيراني لاستهداف السفير السعودي لدى أميركا يوجب علينا النظر للسلوك الإيراني في عقود الملالي (ما بعد ثورة الخميني) في إطار نهج تحليلي ثقافي سياسي».

وأوضح البريدي: «حين نروم تفعيل ذلك النهج في سياق ذلك المخطط بشكل خاص والسلوك الإيراني بشكل عام، فإنه يمكننا القول إن ذلك السلوك يخضع لذاكرة جمعية حدية، لها رأسان: ذاكرة سلفية شيعية متطرفة، وذاكرة قومية شيفونية بغيضة؛ الأمر الذي ولد نوعا من (الاستعلاء الديني القومي)، وهو استعلاء ينفخ فيه المتطرفون من الملالي السياسيين والدينيين، ليثبتوا دعائم دولتهم الثيوقراطية الاستبدادية العنصرية».

وأضاف أستاذ السلوك التنظيمي: «شهد العالم كله موجة من الجرائم البشعة التي مارسها الملالي بحق الأبرياء في بعض البلاد كالعراق سابقا وسوريا حاليا، وكل ما سبق جعلهم يبررون لأنفسهم اختطاف الجمهورية الإيرانية وتغييبها في سرداب لا يعرف أحد مدخله ولا مخرجه، سوى توجيه الثروة الإيرانية الضخمة نحو أهداف يزعمون أنهم يتلقون معالمها من السماء، ويخدعون بها البسطاء في أماكن متفرقة من عالمنا العربي والإسلامي».

وأشار الدكتور البريدي: «حذرنا قبل عدة أشهر من أن موجة التدخل الإيراني في شؤون الدول الأخرى ستزداد، وذلك لشعور الملالي بأن المنطقة العربية باتت مهيأة - حسب زعمهم - للتدخل والتأثير وإعادة رسم الخارطة وفق ما يشتهون، وذاك أمر يدفعهم إلى دعم وكلائهم المتفرقين في بلاد عديدة، كما أنهم باتوا أكثر تفعيلا للذاكرة الدينية (الغيبية) التي تجعل المشهد مفتوحا لـ(إملاءات سماوية)، وفق عقولهم الدوغمائية».

واستطرد البريدي في القول: «ترتب على هذا السلوك الإيراني نتيجتان مرتان: الأولى داخلية؛ وتتجسد في اغتيال المد التنموي النهضوي، وتفشي الفقر والبطالة في أوساط الشعب الفارسي. والثانية خارجية؛ وتتمثل في تدخلاتها التي لا تليق بالجوار ولا بالأعراف، فضلا عن المواثيق الدولية. وهنا أعيد تأكيدي على وجوب تخلي الإخوة الشيعة في كل مكان عن التشيع الفارسي القومي المتطرف، وعدم اصطفاف البعض في خندق داعم أو حتى ساكت عن النهج الإيراني المتطرف، الذي يطفح به المشهد برمته».

وذهب أستاذ السلوك التنظيمي للقول: «البعد الطائفي - مهما كانت الدواعي في نظر البعض - لا يسوغ أن يتغلب على عقولنا في عملية التقييم والحكم على الأفكار والسلوكيات والأشخاص، فإيران (الملالي) ليست مهيأة ألبتة لأن تقدم أي برامج متحضرة على الإطلاق، ولا هي صادقة في خطاباتها لبعض العرب ولا لغيرهم، بدليل تعاملها العنصري الاستبدادي تجاه كل ما يخرج عن خطها الطائفي القومي العنصري، مع تأكيدي الجازم على أن حديثي السابق لا ينصرف منه شيء إلى الشعب الإيراني، ولا إلى القومية الفارسية التي نعتز بها، ونعدها إحدى القوميات الإنسانية المحترمة ذات الشأن والتاريخ والحضارة، ونحن نكن لها تقديرا واحتراما بالغين».

ولأن دماء معركة القادسية الشهيرة، موغرة في عمق الإمبراطورية الفارسية، ظلت أحقاد ساسة طهران ترمي سدولها على أقدس شعيرة لدى المسلمين وهي شعيرة الحج، التي ما فتئت، وعبر تاريخ طويل، تمس قدسيتها، محاولة في ذلك تجييش «السذج» من حاقديها، لتعكير ما يمكن تعكيره في أيام وصفها الخالق سبحانه بأنه لا رفث فيها ولا فسوق.