سوريا تفرج عن رجل دين لبناني معارض لحزب الله بعد فشل إثباتها تجسسه لإسرائيل

نجل مشيمش لـ «الشرق الأوسط»: حالته الصحية سيئة بعد أن ذاق كل أنواع التعذيب

TT

أفرجت السلطات السورية أول من أمس عن رجل الدين الشيعي الشيخ حسن مشيمش (47 عاما)، المعارض لحزب الله، بعد مضي أكثر من عام على توقيفه على الجانب السوري من الحدود اللبنانية - السورية بتهمة العمالة لإسرائيل والقيام بأنشطة تجسس لصالحها على الأراضي السورية. ويأتي الإفراج عن مشيمش بعد مرور أقل من شهرين على إعلان القضاء السوري «عدم اختصاصه» بمحاكمته بتهمة التعامل مع إسرائيل، إلا أن استئناف النائب العام السوري لقرار القضاء أدى إلى عدم إطلاق سراح مشيمش فورا.

وكانت عائلة الشيخ مشيمش تلقّت اتصالا منه مساء أول من أمس أعلم خلاله زوجته بأنه موجود لدى فرع المعلومات في مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ورأت، في بيان أصدرته، أن «تسليمه من قبل السلطات السورية إلى السلطات اللبنانية تطورٌ إيجابي سوف تعمل على متابعته وعلى وضع الرأي العام اللبناني في صورته».

وفي هذا السياق، أشار رضا مشيمش، نجل الشيخ مشيمش، لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه التقى والده صباح أمس في مقر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، حيث يخضع والده لاستجواب حول ظروف اعتقاله ويستفسرون عما حصل معه طيلة الأشهر الفائتة، و«سيعود إلينا قريبا».

ولم تتضح بعد ظروف إفراج السلطات السورية عن مشيمش، الذي وصل إلى لبنان من دون سابق إنذار لعائلته، وقال نجله: «فجأة علمنا أن والدي بات في لبنان، وحالته الصحية سيئة جدا»، لافتا إلى أنه «يتم التعاطي معه باحترام وأن أحدا لم يتعرض له في لبنان بخلاف ما كان الحال عليه لدى توقيفه في سوريا، حيث تعرض لكل أنواع التعذيب والإهانات».

وتحمل العائلة وأصدقاء مشيمش، الذي يمارس دوره الديني كإمام بلدة كفرصير الشيعية، جنوب لبنان، على غياب الدولة عن متابعة ملفه منذ توقيفه وعدم نفيها لكل ما تم التداول به من اتهامات بالعمالة والتجسس لصالح إسرائيل. وكان نجله أشار بعد توقيفه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قضية والده مسيسة وليست أمنية»، مشيرا بأصابع الاتهام إلى دور «لحزب الله» في توقيف والده، المعروف بمواقفه النقدية تجاه حزب الله.

وكان مشيمش قد أوقف في السابع من يوليو (تموز) 2010 خلال توجهه وزوجته إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك العمرة، واعترى الغموض عملية توقيفه من دون الإفصاح عن الأسباب الحقيقية لذلك. ويتحدر مشيمش من عائلة جنوبية قدمت الكثير من الشهداء في صفوف حزب الله، عند انطلاق مشروعه، لكنه ابتعد عنه في وقت لاحق وباتت له مواقفه المعارضة والنقدية تجاهه.

وفي 21 أغسطس (آب) الماضي، قرر قاضي الإحالة الأولى في دمشق فؤاد علوش «فسخ قرار قاضي التحقيق في دمشق وتقرير إعلان عدم اختصاص القضاء السوري للنظر في هذه القضية بما أسند للمدعى عليه حسن سعيد مشيمش (جرم الخيانة ومعاونة العدو) وإطلاق سراحه فورا ما لم يكن موقوفا أو مطلوبا توقيفه لداع آخر». وأشار علوش في نص القرار إلى أنه «لم يتبين من وقائع القضية وأدلتها المسرودة أي دليل يرقى إلى حد الكفاية يؤيد أن له إقامة دائمة أو مؤقتة في سوريا وأن الأفعال التي قام بها المدعى عليه المذكور بفرض ثبوتها وأنها تشكل بحقه جرما جزائيا معاقبا عليه بأحكام قانون العقوبات السوري النافذ فإنه لم يقع أي فعل منها في سوريا». واعتبر أن هذه الأفعال «لم تستهدف الدولة السورية أو أمنها أو جيشها أو كيانها السياسي»، مستنتجا أن «الجهات القضائية في سوريا غير مختصة للنظر بالجرم المسند للمدعى عليه المذكور، سيما أن جرم الخيانة يستلزم لقيام أركانه أن يكون الفاعل سوريا أو أجنبيا له محل إقامة في سوريا وهذا لم يتوفر في هذه القضية».

ولم يتبع قرار القضاء السوري الإفراج الفوري عن مشيمش نتيجة مبادرة النيابة العامة السورية إلى الاستئناف، مما دفع عائلته وأصدقاءه إلى إصدار بيان اعتبروا فيه أن مشيمش «خلال توقيفه لم يدفع فقط ثمن إخفائه قسريا طيلة أشهر سبقت اعتراف السلطات السورية بوجوده لديها، ولكنه دفع أيضا ثمن إهمال الدولة اللبنانية، عبر حكومتين متعاقبتين، عن متابعة قضية مواطن لبناني موقوف في دولة أجنبية، ودفع أيضا ثمن الافتراءات التي تبرعت بعض الأحزاب وبعض المنابر الإعلامية ببثها وتشييعها».