مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: ليس مستبعدا أن نكون أول من يعترف بالمجلس الوطني.. عندما ينضج

فرنسا تعتبر اغتيال تمو علامة «ضعف وعصبية» للنظام الذي يمكن أن يكون قد ارتكب بذلك «غلطة سياسية من الوزن الكبير»

أهالي الصورة في درعا يتظاهرون ردا على مظاهرة التأييد (أوغاريت)
TT

يدور حاليا نقاش داخل الدوائر الفرنسية حول ما يتعين القيام به لمساعدة المعارضة السورية التي تطالب بإسقاط نظام تعتبره باريس «فاقدا للشرعية» وسبق لها أن دعت إلى رحيله في رسالة ثلاثية وقعها الرئيسان ساركوزي وأوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وكشفت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» أن المعارضة، وتحديدا المجلس الوطني السوري، أبلغ المسؤولين الفرنسيين أنه «لا يطلب في الوقت الحاضر الاعتراف به»، وأنه «ليس جاهزا بعد لمثل هذه الخطوة»، إذ إنه بصدد تنظيم صفوفه ومحاولة ضم معارضين وتيارات إضافية إليه، الأمر الذي يستجيب لرغبة السلطات الفرنسية. وتعتبر باريس أن المجلس الوطني السوري يشكل حتى الآن «أفضل إطار» يمكنه أن يجمع صفوف المعارضة، علما أن باريس «منفتحة» على كل تياراتها بمن فيها تلك التي ما زالت تمانع حتى الآن قبول الانضمام إلى المجلس.

وترى المصادر المشار إليها أن «كل الخيارات مفتوحة» فرنسيا. غير أنها في المقابل تؤكد أن «لا قرار حتى الآن» بالإقدام على مثل هذه الخطوة، بل المطلوب إعطاء الوقت الكافي للمجلس الوطني كي يستكمل اتصالاته ويبلور برنامجه السياسي ويحدد خياراته التي ما زالت حتى الآن «متأرجحة» بصدد العديد من المواضيع مثل كيفية توفير الحماية للمدنيين من غير أن يعني ذلك تدخلا خارجيا وكيفية التوفيق بين شطري المعارضة في الداخل والخارج... وبانتظار «نضوج» المعارضة، فإن المصادر الفرنسية تؤكد أنها «جاهزة» لمساعدتها، ومن ضمن ما تسعى إليه محاولة التوفيق بين تياراتها. وكان لافتا أن باريس تستقبل تباعا وأحيانا في الوقت عينه الكثير من المعارضين من الداخل والخارج. وفي اليومين الأخيرين يوجد وفدان من المعارضة السورية أحدهما يقوده ميشال كيلو والآخر من معارضة الخارج ومن ضمنه المحامي هيثم المالح ومنذر ماخوس وعبد الرزاق عيد وآخرون. ولا تستبعد باريس أن تكون أول من سيعترف بالمجلس الوطني، علما أنها تفضل أن تكون الخطوة جماعية أوروبيا وأميركيا وعربيا ليكون تأثيرها أقوى. وفي حال أقدمت عليها، فسيعني ذلك سحب السفراء وإغلاق السفارات وقطع العلاقات القائمة والتحول إلى المجلس الوطني. لكنها الآن لا تريد «حرق المراحل» بانتظار أن يكون المجلس المكون قد انتهى من ترتيب أوضاعه.

وتمر باريس حاليا في مرحلة «مراقبة» ما تقوم به المعارضة والمجلس الوطني، في الوقت الذي تستمر فيه بتقييم ما وصل إليه الوضع في سوريا. واللافت أنها ترى في اغتيال مشعل تامو، الناشط الكردي، عضو المجلس الوطني السوري، علامة «ضعف وعصبية» للنظام الذي يمكن أن يكون قد ارتكب بذلك «غلطة سياسية من الوزن الكبير». وعلى الرغم من استمرار النظام، وفق الرؤية الفرنسية، بالإمساك بالأجهزة الأمنية ومحدودية الانشقاقات العسكرية، فإن فرنسا ترى أن النظام «لن يستطيع مجددا الإمساك بالأمور وكأن شيئا لم يكن، بل إنه إلى أفول وفي النهاية سيسقط». وتتوقف المصادر الفرنسية عند الصعوبات الاقتصادية التي بدأت تظهر والناتجة عن العقوبات المالية والاقتصادية التي أقرتها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبلدان أخرى مثل كندا وأستراليا وسويسرا.. لتؤكد أن باريس مستمرة في دفع الاتحاد الأوروبي إلى المزيد من العقوبات. وتراهن فرنسا على الانشقاقات التي بدأت تظهر داخل البورجوازية التجارية والتي من شأنها إضعاف نظام الرئيس الأسد وإبعاد من كانوا يرون فيه ضمانة لمصالحهم. غير أنه تحول الآن إلى مصدر «إزعاج» لهم. أما على الصعيد الدولي، فإن المصادر الفرنسية تتوقف عند العزلة المتزايدة للنظام على الرغم من فشل الغربيين في تمرير مشروع قرار يدين عنف السلطة ويلوح بمحاسبتها وباتخاذ التدابير «المناسبة». وهي تتوكأ في ذلك على الانتقادات العنيفة الصادرة عن موسكو وبكين وهما اللتان استخدمتا حق النقض في مجلس الأمن ضد مشروع القرار الغربي.