استياء حتى في حماس من استثناء الأسماء الأبرز في صفقة شاليط

ابنة سعدات لـ«الشرق الأوسط»: عدم الإفراج عن أبي ومروان البرغوثي وقادة آخرين في القسام شكل صدمة

عبلة جرادات، زوجة الأمين العام للجبهة الشعبية، تعبر أمام وسائل الإعلام في منزلها برام الله عن استيائها من إسقاط اسم زوجها من قائمة المفرج عنهم، أمس (أ.ف.ب)
TT

لم ينغص فرحة الفلسطينيين بإتمام صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل، سوى استثنائها بعض أهم وأبرز الأسماء التي طالما كان تحرريهم حلما يراود أهاليهم وفصائلهم وعموم الفلسطينيين.

ويمكن القول إن إعلان عدم شمول الصفقة كلا من القيادي البارز في فتح، مروان البرغوثي، وأمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات، وأبرز معتقلي قادة عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، على الإطلاق، عبد الله البرغوثي، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة، وعباس السيد، وآخرين، ترك ما يشبه الصدمة عند جموع الفلسطينيين، حتى في حماس نفسها أيضا.

وفي بداية الأمر، لم يصدق الفلسطينيون أن الصفقة ستبقي هؤلاء خلفها، وإن كانوا طبعا لم يقللوا من أهميتها، وظل كثيرون بما فيهم عائلات هؤلاء، يمنون النفس بأخبار جديدة ومؤكدة، حتى حسم الأمر، رئيس الشاباك الإسرائيلي يورام كوهين، الذي أكد أنهم غير مشمولين ثم تبعه القيادي في حماس عزت الرشق الذي أنهى المسألة قائلا إنهم فعلا غير مشمولين.

وقالت إباء سعدات، ابنة سعدات الذي يقبع في سجنه منذ 2002، «عدم الإفراج عن أبي ومروان وآخرين بارزين في حماس شكل صدمة، رغم أننا كنا نتوقع عدم موافقة إسرائيل على ذلك». وأضافت لـ«الشرق الأوسط»، «نعتقد أنه كان يجب التركيز أكثر على ضرورة الإفراج عنهم».

وأكدت إباء أن والدها ما زال يخوض إضرابا عن الطعام منذ 16 يوما، مبدية ثقة كبيرة بانتصاره، وخروجه ذات يوم. وتابعت «رغم أن الصفقة الحالية لم تشمله، لكن كلنا أمل وثقة بأن أبواب السجون لن تغلق عليه وعلى رفاقه وإخوته».

وأكدت مصادر فلسطينية في غزة لـ«الشرق الأوسط»، وجود صدمة حتى داخل قطاع واسع من حماس باستبعاد أسماء بحجم حسن سلامة والبرغوثي والسيد وحامد. وقالت المصادر «ألغيت كلمات لبعض قادة حماس، ومؤتمر صحافي لكتائب القسام وأولوية الناصر صلاح الدين الجناح العسكري للجان الشعبية، بعد إعلان عدم شمول الصفقة أبرز أسرى حماس وقادة بحجم البرغوثي وسعدات». وأضافت المصادر «الاستياء رغم الفرحة الكبيرة كان باديا على الوجوه».

ورغم ترحيب وزير الأسرى في السلطة الفلسطينية، عيسى قراقع، بالصفقة التي قال إنها إنجاز كبير لكل فلسطيني، فإنه عبر عن الأسف «لأن الاتفاق لم يشمل إطلاق سراح مروان البرغوثي وأحمد سعدات وعدد من كبار القادة في حماس».

وأضاف قائلا «للأسف الشديد كان يفترض أن يتم التركيز أكثر خلال المفاوضات التي جرت للتوصل إلى الصفقة على المعنى السياسي والرمزي والوطني الذي تمثله هذه القيادات مثل البرغوثي وسعدات وهما نائبان في المجلس التشريعي الفلسطيني».

ووصف زياد أبو عين وكيل وزارة الأسرى في السلطة صفقة التبادل، بأنها ستكون مثل فاجعة لكل الفلسطينيين إذا لم تشمل البرغوثي وسعدات والآخرين رغم الفرحة بالإفراج عن أي معتقل من السجون الإسرائيلية.

وتحولت المسألة إلى جدال أخذ مساحات واسعة على صفحات التواصل الاجتماعي، «فيس بوك» و«تويتر» والمنتديات الأخرى.

وبينما كانت المسألة محل صدمة فلسطينية، تحولت إلى مباهاة في إسرائيل. فقال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينيتس إن صفقة التبادل التي تم التوصل إليها تختلف عما تم عرضه في الماضي.. إن القتلة البارزين والنشطاء الكبار لمنظمات الإرهاب ليسوا مشمولين في الصفقة كما أن معظم المخربين الذين سيفرج عنهم لن يعودوا إلى الضفة الغربية بل سيتوجهون إلى قطاع غزة وإلى جهات خارجية أخرى.

وهذا ما قاد إلى توقيع إسرائيل على الصفقة، بحسب ما قال مستشار رئيس الوزراء لشؤون الأمن القومي يعقوب عميدرور، الذي أوضح «أن الركيزة الأساسية التي سمحت بإنهاء المفاوضات حول قضية جلعاد شاليط كان إدراك حماس واستيعابها حقيقة وجود خطوط حمراء لن تتجاوزها إسرائيل تحت أي ظرف».

وكتب المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، رون بن يشاي، أن «إسرائيل حققت إنجازا من جهة المخاطر الأمنية التي تنطوي عليها الصفقة، حيث لن يسمح للأسرى الذين يمكن أن يعيدوا بناء البنى التحتية لحركة حماس في الضفة الغربية بالعودة إلى الضفة».

غير أن هذا «التبجح» الإسرائيلي لا يعكس كل الحقيقة، وقال أبو مجاهد الناطق باسم اللجان الشعبية إحدى الفصائل الآسرة لشاليط، «الصفقة تستجيب لغالبية الأسماء، لم نستطع الفوز بها جميعا، لكنها صفقة مشرفة تشمل أسرى القدس و1948 ومن الجولان، وجميع الأسيرات وأصحاب أحكام عالية ومؤبدات، كانت إسرائيل تعتبرهم خطوطا حمراء».

وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كانوا يتحدثون عن 50 اسما ممنوع البحث في مصيرهم فتقلص هذا العدد كثيرا، هذا اختراق كبير». وأردف قائلا «كسرنا نحن أيضا الخطوط الحمراء الإسرائيلية». وتعهد أبو مجاهد بأن لا يكون شاليط الأخير، وقال: «هذا عهد لأسرانا أن لا تبقوا في السجون، وسنبيضها، شاليط لن يكون الأخير».

ورغم مرارة ترك كثيرين، بينهم مسؤولون بارزون في فتح وحماس والشعبية والجهاد، فإن الفلسطينيين خرجوا للاحتفال في شوارع غزة والضفة، واختصر نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، عبد الرحيم ملوح، المسألة بقوله إنه «لا يمكن تصور إطلاق سراح جميع الأسرى دفعة واحدة». وأضاف في بيان «في ضوء ما رشح من أنباء عن عدم شمول الصفقة بعض الأسماء، وبمعزل عن أية ملاحظات على الصفقة، فإنه لا يمكن تصور أنه سيفرج عن جميع الأسرى الفلسطينيين دفعة واحدة مقابل أسير إسرائيلي واحد، لذا يجب العمل من أجل دعم قضيتهم، ومن أجل تدويلها باعتبارهم أسرى حرب وأسرى حرية، وأن يتم تحريرهم وفق القرارات الدولية، فكل أسير يجري تحريره من الأسر هو خدمة للقضية الوطنية».