كلينتون: «الربيع العربي» وصل إلى منطقة صعبة تفصل بين الديكتاتورية والديمقراطية

قالت إن واشنطن ستواصل ضغطها لرحيل حاكمي سوريا واليمن ولضمان تجنب الفوضى في مصر

هيلاري كلينتون (أ.ف.ب)
TT

قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن «الربيع العربي» وصل إلى منطقة صعبة غير محددة المعالم تفصل بين الديكتاتورية والديمقراطية، وإن بعض التغييرات يجب أن تحدث ببطء.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في ضغطها على حكام لترك السلطة في سوريا واليمن، ولضمان تجنب الفوضى في مصر. ولكنها حذرت من التوقعات المفرطة في التفاؤل عن سرعة انفصال كل دولة عن الماضي. وقالت متسائلة في مقابلة مع «أسوشييتد برس» عن التغيير المحتمل في النظام الحاكم داخل سوريا: «ما هي المدة؟ ومتى؟ لا يمكنني تنبؤ ذلك». وفيما يتعلق بسوريا، أعربت عن دعمها للمعارضة الناشئة ضد النظام الحاكم، ولكنها قالت إن المتظاهرين السنة بالأساس «أمامهم الكثير من العمل داخليا» كي يصبحوا حركة معارضة وطنية حقيقية تعبر أيضا عن طموحات الأقلية السورية.

وقالت: «ما زالت الكثير من المجموعات داخل سوريا لا تقبل فكرة أن حياتهم من دون الأسد ستكون أفضل منها مع الأسد». وأضافت: «هناك الكثير من الأقليات تشعر بالقلق الشديد». وشجعت المعسكر المناوئ للأسد للمحافظة على عدم اللجوء إلى العنف والتواصل مع الأقليات السورية، وأعربت عن تفاؤلها من أن المد يتحول ضد الحكومة السورية.

وأشارت إلى اغتيال القيادي المعارض الكردي مشعل تمو الأسبوع الماضي. ومنذ ذلك الحين يدعو ابن تمو الأكراد إلى الانضمام للانتفاضة ضد نظام الأسد، وتوقعت كلينتون تحولا مماثلا من جانب الدروز والمسيحيين ورجال الأعمال ومجموعات أخرى ظلت مترددة في الانضمام للثورة.

وقالت إن مقتل تمو «يبدو أنه يمثل شرارة تتجه إلى إحدى المجموعات التي ظلت حتى الآن على الهامش. ومع استمرار ذلك، أعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الدعم للتغيير». ولكن لا يمكن للولايات المتحدة تسريع الوتيرة، حيث قالت كلينتون: «لا يمكن تسريع ذلك من الخارج. الرسالة الوحيدة التي تأتي بشكل واضح من كل المرتبطين بالمعارضة أنهم لا يريدون تدخلا أجنبيا».

وأشارت كلينتون إلى أن الولايات المتحدة تواجه فترة انتظار مماثلة مع اليمن، حيث يحاول مسؤولون أميركيون وعرب وأوروبيون إقناع الرئيس علي عبد الله صالح بترك السلطة.

وتقول كلينتون إن صالح «كما هو واضح ليس مستعدا للرحيل، وإن المتظاهرين ليسوا مستعدين للرحيل وتنظيم القاعدة يحاول الاستفادة من ذلك». وأضافت أن الرسالة الأميركية إلى اليمن كانت «بغض النظر عن المكان الذي تأتي منه ومَن أنت، تحتاج إلى بداية جديدة وتحتاج إلى زعيم جديد. وبعد ذلك تحتاج إلى عملية عادلة لاختيار الزعيم المقبل، ويمكننا مساعدتك على القيام بذلك»، محذرة من أن ذلك «سيستغرق بعض الوقت».

وأعربت كلينتون عن قلقها إزاء موت 26 مصريا في أسوأ أعمال عنف منذ سقوط مبارك في فبراير (شباط)، وقالت إن الطبيعة الطائفية للاضطرابات تثير القلق. وقالت إنه يجب على الجيش الحاكم أن يركز على دفع الديمقراطية المصرية إلى الأمام وإعادة بناء الاستقرار. وقالت إن الولايات المتحدة تحافظ على «قناة اتصال مستمرة» مفتوحة مع السلطات المصرية، التي عليها «البحث فيما حدث واتخاذ إجراءات لمنع تكرار حدوث ذلك».

وكانت كلينتون قد تحدثت في وقت سابق من يوم الثلاثاء مع وزير الخارجية المصري محمد عمرو، وقالت إنها حثت حكومته على التحقيق في أعمال العنف ودور الإعلام الحكومي في «إذكاء النيران». وقالت إن الحكومة المصرية يجب أن توفر حماية للمسيحيين الأقباط من التمييز الديني وحق بناء الكنائس.

وأقرت كلينتون بأن الحكومة المصرية، في «منطقة جديدة»، «وفي بعض الأحيان لا يعرفون ماذا سيحدث لاحقا لأن ذلك شيئا لم يشتركوا فيه». وفي مثل هذا الوضع، نقول إنه كأميركيين «علينا المحافظة على صوتنا وسط هذا المزيج».

وقالت كلينتون: «عندما نتحدث عن الانتخابات، وعندما نتحدث عن بناء حكومة ديمقراطية، لا يقتصر الأمر على إجراء انتخابات؛ بل نأمل أن يعودوا لحماية التجمع السلمي وحرية العبادة والحقوق الأساسية التي تمثل القيم الديمقراطية».

وفي موضوع آخر، قالت كلينتون إن الكونغرس يطلب أن تقوم وزارة الخارجية بتخفيض الأموال التي تنفقها على جميع الأعمال، بدءا من العمليات داخل العراق وأفغانستان وصولا إلى آلاف من تأشيرات العمل لتعزيز الشركات الأميركية، مع الاستمرار في القيام بكل المهام التي تقوم بها.

وقالت في مقابلة «أسوشييتد برس»، إنها ستبدأ حملة لتعريف الكثيرين داخل الكونغرس بعمل وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية. كما أكدت على أهمية الوزارة في الاقتصاد الذي يعاني من ركود ومعدلات بطالة، معربة عن عزمها الدفاع عن موقفها ضد تقليل النفقات.

ومن المتوقع أن يؤدي تشريع في مجلس الشيوخ والنواب إلى تخفيض مليارات من الدولارات من ميزانيات مخصصة للوزارة وعمليات خارجية، وأن يشمل ذلك جهود الإغاثة ومنظمات دولية. وتقول كلينتون إن الكونغرس رغم ذلك يتوقع استمرار الوزارة في تولي الكثير من المسؤوليات.

وأضافت خلال المقابلة: «أرادوا منا الاستمرار في القيام بأشياء يتوقع منا القيام بها في العراق وباكستان وأفغانستان، وما نحاول القيام به في اليمن ونحاول القيام به في الصومال ونحاول القيام به في السودان.. إلخ»، ولكنهم لا يريدون إعطاءنا نفس القدر من المال. وفيما ضغطت على مشرعين من أجل الإبقاء على مساعدات خارجية، قالت كلينتون إن الإدارة تتواصل مع إسرائيل، التي لديها مصلحة في المحافظة على المساعدات الأمنية للفلسطينيين، للمساعدة في حث الكونغرس للإبقاء على المساعدات. وقالت: «نتحدث مع الإسرائيليين في كل حالة على حدة».

وقالت كلينتون التي سافرت 600.000 ميل إلى 90 دولة خلال عامين ونصف العام قضتها في منصب وزيرة الخارجية، إنها تواجه تصورا خاطئا مشتركا بأن المساعدات الخارجية تمثل 20 في المائة من ميزانية الحكومة. وفي الواقع فإنها تمثل 1 في المائة من النفقات الفيدرالية.

وتقول: «عبء علينا الاستمرار في الدفاع عن ذلك.. ولكن ستأتيني مكالمة من عضو محافظ بالكونغرس يتساءل (لماذا لا نبذل المزيد في القرن الأفريقي؟ هؤلاء الناس يموتون جوعا). ولذا علينا الاستمرار في الدفاع عن ذلك».

ومن المقرر أن تتحدث كلينتون أمام «النادي الاقتصادي في نيويورك» يوم الجمعة، وقد وصفت مطالب قطاع الأعمال من الوزارة. وتقول: «مبعث الخوف الأهم الذي أسمعه بدءا من (الرئيس التنفيذي لجنرال إلكتريك) جيف إميلت وصولا إلى رجل الأعمال الذي أقابله عرضا في الشارع داخل نيويورك هو (عليكم تقديم المزيد من التأشيرات. أريد القيام ببعض الأعمال مع مورد صيني، وما زال ينتظر منذ ستة أشهر مقابلته من أجل الحصول على تأشيرة)».

ومن المقرر أن تقوم لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب خلال الأسبوع الحالي بدراسة تشريع لتقليل أو حذف نفقات للأمم المتحدة. وتقول كلينتون إنه من قصر النظر استهداف المنظمات الدولية، ولا سيما فيما تسعى الولايات المتحدة للتعرف على المزيد عن إيران وكوريا الشمالية.

وفي الموضوع الأفغاني قالت كلينتون: «يفهم الرئيس كرزاي أنه يجب وجود نوع من التواصل لمعرفة ما إذا كان ثمة فرصة للوصول إلى تسوية مع بعض أجزاء حركة طالبان أو مع جميع الحركة».

ويقول كرزاي: «لا يمكنني العثور على الملا محمد عمر. أين هو؟ ولا يمكنني العثور على مجلس طالبان. أين هو؟ ليست لدي إجابة سوى أن الجانب الآخر لهذه المفاوضات هو باكستان».

وقالت كلينتون إن الإحباط والانفعال يمكن فهمها بعد الاغتيال «الوحشي» الشهر الماضي للزعيم الأفغاني الذي كان يشرف على جهود التواصل من جانب كرزاي. وقالت: «كرزاي وكل العناصر في حكومته يتفهمون أنه من الصعب السعي إلى عملية سلام والتوصل إلى اتفاق محتمل مع حركة طالبان، ولكن يجب القيام بذلك».

وكررت كلينتون هدف إدارة أوباما بأن جهود السلام يجب أن «يترأسها ويديرها الأفغان»، على الرغم من أن التواصل الأميركي المنفصل يظهر كتناقض واضح.

وقالت كلينتون: «إذا قال الأفغان غدا (لا نريد شيئا من هذا، ولم نفكر يوما في أن ذلك سيحدث) لن نستطيع القيام بشيء بدلا منهم».