اليمن: غضب رئاسي من مواقف الاتحاد الأوروبي.. ومظاهرات حاشدة في صنعاء

القربي يجتمع بسفراء دول الخليج.. وتفجير أنبوب نفط

جنود يمنيون منشقون يهتفون ضد نظام حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أثناء مظاهرة في صنعاء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

احتشد في العاصمة اليمنية صنعاء ومعظم المحافظات، أمس، مئات الآلاف من اليمنيين في مظاهرات جديدة دعا إليها شباب الثورة، في وقت أثارت فيه المواقف الغربية المعلنة من الأزمة في اليمن ونقل ملف اليمن إلى مجلس الأمن الدولي، غضب الرئاسة اليمنية. وتظاهر مئات الآلاف في «شارع الستين» بصنعاء وهتفوا مخاطبين المجتمع الدولي بشأن ثورتهم وطالبوا الدول الغربية بالعمل على إيقاف «جرائم الرئيس صالح»، على حد تعبيرهم، كما رفعت شعارات تشير إلى مقتل 900 شخص وجرح أكثر من 20 ألفا آخرين منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام في فبراير (شباط) الماضي، كما طالب المتظاهرون بإيقاف العمليات العسكرية التي تجري في تعز وأرحب ونهم وغيرها من المناطق اليمنية. وجاءت هذه المظاهرات في وقت فتحت فيه الرئاسة اليمنية النار على دبلوماسيين غربيين بسبب تصريحاتهم ومواقفهم التي تطالب الرئيس علي عبد الله صالح بالتنحي عن السلطة، وقال مصدر مسؤول في مكتب رئاسة الجمهورية إن تصريحات بعض السفراء والدبلوماسيين التي أطلقوها، اليومين الماضيين، نتجت عن «سوء فهم السفراء والدبلوماسيين وعدم إدراكهم حقيقة الأزمة الراهنة» التي يشهدها اليمن وأن تلك التصريحات «يجانبها الكثير من الدقة والصواب». وأضاف المصدر الرئاسي اليمني أن «إصرارهم الدائم على توقيع فخامة الأخ رئيس الجمهورية على المبادرة الخليجية لا يعني إلا أن هناك تجاهلا لحقيقة موقف فخامة الأخ رئيس الجمهورية الذي فوض نائبه بقرار جمهوري على الحوار والتوقيع والاتفاق على آلية مزمنة وعلى المبادرة الخليجية بما يضمن ترسيخ النهج الديمقراطي ويحقق مبدأ التداول السلمي للسلطة». ودعت الرئاسة اليمنية أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» إلى التحاور مع نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي بـ«أسلوب هادئ ومسؤول لإيجاد صيغة مناسبة للحل والتوافق حول المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها بعيدا عن التصعيد والضجيج وبعيدا عن الأخذ والرد حول مسألة توقيع فخامة الأخ رئيس الجمهورية على المبادرة كون الأمر قد حسم بتفويض نائب رئيس الجمهورية». وقال المصدر إن المظاهرات التي تدعو إليها المعارضة ليست سلمية وإن الأحداث «أثبتت أن ميليشيات مسلحة تابعة لأولاد الأحمر والتجمع اليمني للإصلاح وعلي محسن هم من يندسون خلال تلك المظاهرات ويقومون بأعمال القتل وممارسة العنف والفوضى واحتلال المؤسسات والمنشآت الحكومية وإقامة المتاريس وتكديس الأسلحة علاوة على القيام بالاختطافات واحتلال الشوارع ودفع المجاميع المسلحة ونشرها في الشوارع والأحياء السكنية في العاصمة». وفي إشارة واضحة إلى أن موقف الاتحاد الأوروبي الأخير بدعوته صالح إلى التوقيع على المبادرة الخليجية والتنحي، أثار غضب صنعاء، فقد دعا المصدر الرئاسي اليمني «الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى النظر بحيادية مطلقة تجاه كل تلك الأعمال والممارسات الإرهابية والتخريبية المغلفة بدعاوى السلمية وكيف تحول من يسمون أنفسهم بحماة المظاهرات السلمية والاعتصامات إلى عنصر رئيسي في إقلاق السكينة العامة والسلم الاجتماعي وأنه يجب التمييز بين ما هو سلمي وما يقوم به هؤلاء من أعمال خارجة عن النظام والقانون»، وأكد أن مثل هذه المواقف الغربية «تشجع تلك العناصر المتشددة والخارجة عن النظام والقانون على المزيد من العنف ونشر الفوضى والتخريب والإرهاب». وأثارت مناقشة مجلس الأمن الدولي لملف اليمن، قلق صنعاء، فقد التقى وزير الخارجية اليمني، الدكتور أبو بكر القربي، أمس، في صنعاء بسفراء دول مجلس التعاون الخليجي المعتمدين لدى بلاده، وقالت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إنه «جرى خلال اللقاء بحث أوجه التعاون المشترك بين اليمن ودول الخليج وآخر مستجدات الأوضاع الراهنة على الساحة الوطنية»، وكذا استعراض الوزير لـ«نتائج الزيارة الأخيرة التي قام بها لأبوظبي، الرئيس الحالي لمجلس التعاون الخليجي والتي تم فيها تمسك الحكومة اليمنية بالمبادرة الخليجية والاستعداد للتوقيع عليها وفقا لتفويض فخامة الرئيس لنائبه والتأكيد على أهمية الدور الخليجي للوصول إلى حل سياسي للأزمة وفقا لبنود المبادرة الخليجية وبناء على الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية».

كما أكد موفد الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر، الثلاثاء، أن الوضع الأمني في هذا البلد تدهور «بشكل مأساوي»، وذلك فيما تتوالى النداءات لإصدار قرار من مجلس الأمن الدولي حول الأزمة اليمنية. وقال بن عمر للصحافيين إثر اجتماع لمجلس الأمن بحث الوضع في اليمن إن «الوضع الأمني تدهور بشكل مأساوي» وخصوصا أن خمس أو ست محافظات لم تعد تحت سيطرة الحكومة. وتقدمت بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى في مجلس الأمن بمشروع قرار يتوقع أن يعرض على الدول الأعضاء في الأيام المقبلة. وقال السفير الألماني لدى الأمم المتحدة بيتر فيتيغ «نريد أن يكون المجلس نشطا وأن يطلب من الرئيس صالح التوقيع والقبول بمرحلة انتقالية اقترحها مجلس التعاون الخليجي». وأضاف أمام الصحافيين «آن الأوان للتحرك». وكان مجلس الأمن تبنى إعلانا الشهر الماضي يدعم مبادرة مجلس التعاون الخليجي. لكن تبني قرار سيكون له وزن سياسي أكبر لإقناع الرئيس صالح.

وفي السياق ذاته، قال برنامج الأغذية العالمي، أمس الأربعاء، إنه يجري تكثيف الجهود لتوفير الغذاء لـ5.3 مليون شخص يواجهون الجوع في اليمن الذي يمزقه النزاع. وذكرت جوزيت شيران المديرة التنفيذية للبرنامج التابع للأمم المتحدة ومقره روما في بيان: «أدى ارتفاع أسعار الغذاء وعدم الاستقرار السياسي إلى جعل ملايين الأشخاص في اليمن يواجهون الجوع والخطر». وأوضح برنامج الأغذية العالمي أن أسعار الغذاء ارتفعت «بشكل مأساوي» منذ بداية العام، حيث تضاعف سعر الخبز في الستة أشهر الماضية، ليدفع بعدد أكبر من الأفراد إلى مستنقع الجوع وعدم الأمن الغذائي. وقال البرنامج إن نقص الغذاء مرتفع على وجه التحديد في محافظات ريمة وعمران وحجة وإب.

وأضاف البرنامج: «وحتى قبل الأزمة كان أكثر من 50 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية بشكل مزمن وأكثر من 13 في المائة يعانون من سوء التغذية بشكل حاد». وقال برنامج الأغذية العالمي إنه يساعد أيضا ما يربو على 70 ألف شخص فروا من منازلهم بسبب القتال الجاري في الجنوب ونحو نصف مليون شردوا في الشمال نتيجة للصراع الذي استمر سبع سنوات في محافظة صعدة بين المتمردين الشيعة والقوات الحكومية. وأكدت المسؤولة عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري اموس من جهتها أن النزاع الذي يضاف إلى الفقر والجفاف في اليمن يتسبب بوضع «صراع يومي من أجل البقاء بالنسبة لملايين الأشخاص». وأضافت اموس في بيان «كل مساء يذهب ثلث اليمنيين إلى الفراش وهم يتضورون جوعا. وفي بعض الأماكن من البلاد يعاني طفل من ثلاثة من سوء التغذية التي تعد من النسب الأكثر ارتفاعا لسوء التغذية في العالم». وأكدت «أن المستشفيات والعيادات مكتظة ولا تعمل والحصول على مياه الشرب أصبح أكثر صعوبة».

وفي السياق الأمني، قالت صحيفة «26 سبتمبر» الحكومية إنه تم تفجير أنبوب للنفط في محافظة مأرب مرتين خلال أقل من 12 ساعة، وقالت الصحيفة «أقدمت عناصر تخريبية مسلحة من أحزاب (اللقاء المشترك ) على تفجير الأنبوب الذي ينقل النفط الخام من محافظة مأرب إلى ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة للتصدير وذلك في منطقة الزور بمديرية صرواح بعد أن كانت قد فجرته مساء أمس في منطقة الحزم بصرواح». غير أن مصادر محلية قالت إن التفجير قامت به مجموعة قبلية على خلفية خلاف بينها وبين الحكومة في صنعاء.

وتدعم الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي مشروع اتفاق توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي يقضي بتقديم صالح لاستقالته ونقل السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي قبل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة في البلاد. ورفض صالح أكثر من مرة التوقيع على المبادرة التي تمنحه ضمانات من الملاحقة القضائية.