اغتيالات سياسية في واشنطن: حقائق وصور خيالية

قبل 35 عاما اغتيل في شارع السفارات وزير خارجية تشيلي

TT

في شهر سبتمبر (أيلول) نفسه الذي كان مقررا فيه اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وقبل خمسة وثلاثين سنة، اغتيل في واشنطن أورلاندو لاتيير، وزير خارجية تشيلي سابقا. وفي الشهر الماضي، بمناسبة ذكرى اغتياله، صدر فيلم أميركي عنه، بالإضافة إلى كتب، وسلسلة محاضرات ومناقشات في الإنترنت. وذلك لأن اغتيال دبلوماسي أجنبي في واشنطن شيء نادر جدا.

وأيضا، مثل محاولة اغتيال السفير السعودي، كان المتآمرون لاتينيين، غير أن حادث سنة 1976 قام به رجال من تشيلي، بينما محاولة هذه السنة كان مقررا أن يقوم بها رجال من المكسيك.

يوم 21 سبتمبر 1976، في دائرة «شيريدان» على شارع ماساجوستيس، الملقب بشارع السفارات (بسبب كثرة السفارات الأجنبية فيه)، انفجرت سيارة كان فيها الدبلوماسي التشيلي السابق والأميركية روني موفيت، مستشارته، وزوجها الأميركي مايكل موفيت. وقتل الدبلوماسي والزوجة وجرح الزوج. وفي وقت لاحق، أدين التشيلي مانويل كونتيراراس وزميله التشيلي بدرو إسبينوزا. وأيضا، الأميركي مايكل تونلي، الذي كان يعمل في وقت سابق مع وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).

في ذلك الوقت، وحتى اليوم، تشير أصابع إلى دور «سي آي إيه» في الاغتيال. وذلك لأن الدبلوماسي التشيلي كان عمل مع رئيس تشيلي اليساري سلفادور ألليندي، الذي قضى عليه انقلاب الجنرال أغسطو بينوشيه، وقتله. وهرب وزير الخارجية لاتيير إلى واشنطن، لكن صار واضحا أن استخبارات بينوشيه (وربما «سي آي إيه») تابعته حتى قضت عليه.

غير أن واشنطن ظلت مسرحا لعمليات اغتيال سياسية كثيرة لمسؤولين أميركيين وأجانب كبار، لكنها كلها في صورة روايات خيالية. ولأن واشنطن هي عاصمة السياسة والإثارة، كتب بعض هذه الروايات سياسيون أميركيون مشهورون؛ منهم السناتور السابق بوب غراهام (ديمقراطي من ولاية فلوريدا)، مؤلف رواية «مفاتيح للمملكة»، وملخصها أن إرهابيين سعوديين تسللوا من السعودية إلى واشنطن، واغتالوا عضوا في الكونغرس.

وأمس، علق السناتور المؤلف على محاولة اغتيال السفير السعودي، وقال إن الناس يجب أن تفصل بين الخيال والواقع. وتندر على أن واشنطن هي «مدينة للتجسس». وأضاف: «لأن واشنطن هي العاصمة الوطنية، هناك هيبة كبيرة تضاف إليها»، وقال إنه استفاد في الرواية من أنه كان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ. وكان عضوا في اللجنة التي حققت في هجوم 11 سبتمبر.

لكن، بالإضافة إلى اغتيال الدبلوماسي التشيلي، وقبل أكثر من نصف قرن، شهدت واشنطن اغتيالا سياسية حقيقية. في عام 1941، عثر على جثة والتر كريفيتسكي، جاسوس الاستخبارات الخارجية الروسية (كي جي بي) الذي كان فر إلى الولايات المتحدة، في فندق بيلفيو في واشنطن.

وفي عام 1954، أطلق النار داخل الكونغرس وطنيون من جزيرة بورتوريكو، مما أسفر عن إصابة خمسة من أعضاء الكونغرس. وكان هؤلاء يطالبون باستقلال جزيرتهم التي كانت، ولا تزال، تابعة للولايات المتحدة، لكنها ليست جزءا منها.

وفي عام 1976، اغتيل الدبلوماسي التشيلي لاتيير.

بالإضافة إلى واشنطن، شهدت عواصم أخرى اغتيالات سياسية.. انتقلت المؤامرات إلى قارات أخرى، مثل اغتيال الاستخبارات الروسية في لندن مذيع القسم البلغاري في إذاعة «بي بي سي» البريطانية بمظلة في مؤخرتها مادة سامة، ومثل محاولة اغتيال، عن طريق تسميم عشائه، لمرشح الرئاسة السابق في أوكرانيا فيكتور يوتشينكو.