أوروبا تفتح الطريق لضم صربيا ومونتينيغرو.. وصعوبات أمام تركيا

بوادر أزمة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي العام المقبل

المفوض ستيفان فولي خلال عرضه التقرير السنوي حول توسيع الاتحاد الأوروبي، في بروكسل أمس (رويترز)
TT

بينما أوصى الاتحاد الأوروبي، أمس، بتمكين صربيا من الترشح لعضويته، وبفتح المفاوضات مع مونتينيغرو، تحدث عن «شعور بالإحباط وعدم إحراز أي تقدم» في مساعي تركيا للانضمام.

وبعد التوصية التي قدمتها المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد، تكون صربيا قد اجتازت أمس العقبة الأولى أمام مسعاها الانضمام إلى الاتحاد، إذ حصلت على التوصية بمنحها وضع بلد مرشح للانضمام. وإذا أقر زعماء الاتحاد الأوروبي التوصية فسيشكل مقترح المفوض المعني بتوسعة الاتحاد الأوروبي ستيفان فولي خطوة أولى أساسية نحو الانضمام إلى النادي الأوروبي، الذي وافق هذا العام على ضم كرواتيا، حيث من المقرر أن تنضم في عام 2013.

وفي تقريرها السنوي عن التقدم الذي تحرزه الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد، قالت المفوضية الأوروبية إن «صربيا مستعدة لأن تصبح بلدا مرشحا»، غير أنها أضافت أنها «ستكون مستعدة لبدء مفاوضات الانضمام ما إن يتم إحراز مزيد من التقدم». وحثت المفوضية على إحراز تقدم في المحادثات مع كوسوفو التي بدأت في مارس (آذار) الماضي ولكنها متوقفة الآن بسبب قلاقل على الحدود مع شمال كوسوفو.

وفي تلك الأثناء دعت المفوضية لفتح محادثات الانضمام إلى الاتحاد مع مونتينيغرو، في خطوة أخرى على درب مسعاها الانضمام إلى الاتحاد. وأثنى المفوض فولي على مونتينيغرو لما أحرزته من تقدم على صعيد مكافحة الفساد والجريمة المنظمة، وقال إنه سيوصي أن يوافق زعماء الاتحاد على فتح محادثات العضوية معها. وقال فولي إن مونتينيغرو أحرزت «تقدما جيدا» في العمل على استيفاء معايير العضوية. لكنه أضاف أنه ما زال يجب مواصلة الجهود على صعيد مكافحة الجريمة والفساد وضمان أن يلبي اقتصادها المعايير الأوروبية.

أما بخصوص تركيا فقد ذكر ستيفان فولي المفوض الأوروبي المكلف ملف التوسيع، أمس، لدى عرضه التقرير السنوي لتقييم تقدم الدول المرشحة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي: «هناك إحباط لدى الجانبين» لأن المفاوضات بين بروكسل وأنقرة «لم تحرز أي تقدم خلال عام». وأضاف: «حان الوقت لإعطاء دفع جديد» للعملية التي أطلقت في 2005 في أجواء من الانفتاح والتفاؤل، والتي لم تحرز أي تقدم خلال الأشهر الـ12 الماضية، ما أثار استياء أنقرة.

لكن التقرير يقول إن العملية ستكون طويلة ومعقدة. وإذ أشاد التقرير بـ«التقدم الملحوظ» الذي حققته تركيا في احترام بعض المعايير التي حددتها بروكسل، فإنه لم يتم إحراز أي تقدم حول نقاط التعطيل الرئيسية. وجاء في التقرير: «ليس هناك تقدم حول تطبيع العلاقات الثنائية»، ولا حول الاتحاد الجمركي المبرم مع الاتحاد الأوروبي رغم «الدعوات المتكررة» التي وجهتها بروكسل.

يذكر أن المفاوضات بين القبارصة اليونانيين والقبارصة الأتراك التي أطلقت في عام 2008 بإشراف الأمم المتحدة لم تتوصل حتى الآن إلى نتيجة رغم مطالبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بتسوية بحلول نهاية عام 2011.

وتصاعدت حدة التوتر بين الجانبين في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد إرسال سفينة تركية لاستكشاف حقول الغاز قبالة السواحل القبرصية بمواكبة سفن عسكرية. واستخدمت تركيا لهجة حادة جدا بخصوص هذا الملف وهددت بـ«تجميد علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي خلال تولي قبرص الرئاسة الدورية للاتحاد» في النصف الثاني من العام المقبل. وقال أردوغان: «لا يمكننا التحاور مع الإدارة القبرصية اليونانية».

وإحراز تقدم في الملف القبرصي قد يسمح بتحريك قسم من فصول التفاوض الـ22 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا التي تبقى مجمدة منذ 2006. وحتى الآن فتح 13 فقط من فصول التفاوض الـ35 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بينما لم يتم إغلاق سوى فصل واحد. ويدعو تقرير التقييم أنقرة إلى بذل «جهود إضافية لضمان الحقوق الأساسية»، حتى وإن كانت الانتخابات التشريعية الأخيرة في يونيو (حزيران) الماضي «حرة ونزيهة».

وهذا الوضع يناسب بعض الدول مثل فرنسا أو ألمانيا المترددة في ضم هذا البلد الذي يعد 78 مليون نسمة، إلى الاتحاد الأوروبي. وعلى العكس يبدو أن بريطانيا والسويد وإيطاليا أكثرا استعدادا لقبول انضمام هذا البلد القريب من آسيا والشرق الأوسط في آن واحد.

وقال الوزير التركي المكلف الشؤون الأوروبية ايغيمان باغيش في حديث نشرته أمس صحيفة «لا ليبر بيلجيك» إن «بعض الدول الأعضاء أثرت على سير المفاوضات». وأضاف: «نتوقع إنصافا وصدقا». وفي تركيا يدعم 48% فقط من الأتراك الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مقابل 73% في 2003، بحسب استطلاع أخير أجراه «جرمان مارشال فاندز». وبات عدد الأتراك أكبر في اعتبار أن الدول المجاورة في الشرق الأوسط أهم للاقتصاد والأمن معا، من أوروبا أو الولايات المتحدة.

وفي هذا الإطار يحاول الاتحاد الأوروبي إيجاد سبل للالتفاف على المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات من خلال تسوية كل مشكلة على حدة، مثل نظام تأشيرات الدخول التي تقول أنقرة إنه «ظالم»، وترسيخ العلاقات الاقتصادية مع دولة ناشئة تشهد نموا (8.9% في 2010).