واشنطن تدرس التوجه لمجلس الأمن لمحاسبة إيران

واشنطن تفرض عقوبات على شركة طيران إيرانية نقلت عناصر من الحرس الثوري وحزب الله * البنتاغون: الرد على المحاولة الإيرانية دبلوماسيا وليس عسكريا

TT

أكدت الإدارة الأميركية أمس عزمها الرد بشدة على محاولة اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير ضمن جهود متوازية لعزل إيران ومحاسبتها على هذه الخطة. وفيما تدرس واشنطن إمكانية التوجه إلى مجلس الأمن لمحاسبة إيران، أشار مسؤولون أميركيون لوكالة «أسوشييتد برس» إلى احتمال أن يكون الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ورئيس الاستخبارات على علم بهذه المؤامرة.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن المخطط الإيراني يتطلب ردا دبلوماسيا وليس عسكريا، مقللة من احتمال شن عمل عسكري، في وقت فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شركة «مهان» الإيرانية للطيران واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا إلى واشنطن مؤخرا.

وقال نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تعمل على توحيد الرأي العالمي وراء رد أميركي محتمل. وقال بايدن أمس: «إنه عمل مشين لا بد أن يحاسب الإيرانيون عليه». وأضاف في مقابلة مع قناة «إيه بي سي» الأميركية: «الأمر مشين مخالف لإحدى الركائز الأساسية التي تتعامل بموجبها الدول مع بعضها بعضا وهو حرمة وسلامة دبلوماسييها». وقال بايدن إن الإدارة تعمل على توحيد قوى العالم وراء رد عالمي من خلال إظهار للشركاء الدوليين «ما الذي كان يفكر فيه الإيرانيون بالضبط». واعتبر أن الوحدة الدولية أمر أساسي في المرحلة المقبلة، موضحا أنه «أيا كان الإجراء الذي يتخذ في النهاية سواء عقوبات إضافية - والتي اتخذنا بعضا منها بالفعل - ولم يتم استبعاد أي احتمال.. لن يكون الوضع هو أن الولايات المتحدة تقف وحدها في مواجهة إيران».

وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة بدأت أمس إطلاع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بشكل فردي على اتهاماتها بضلوع إيران في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. ومن المقرر أن تجري السفيرة الأميركية سوزان رايس اجتماعات مع مبعوثي الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، كلٌ على حدة. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسعى لاستصدار إدانة من مجلس الأمن أو فعل آخر على خلفية المخطط المفترض الذي نفته إيران بشدة. وقال دبلوماسي غربي «نتقدم خطوة خطوة».

ولفت مسؤول أميركي مطلع على القضية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الولايات المتحدة تنظر إلى السعودية «لقيادة الرد على الإيرانيين مع دعم دولي». وكان أوباما قد اتصل بالسفير الجبير أمس وأكد له التضامن الأميركي مع السعودية. وأبلغ الرئيس الأميركي بهذا التهديد في يونيو (حزيران) الماضي ووجه السلطات الأميركية للتعامل معه بأهمية عالية.

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: «نتشاور مع أصدقائنا وشركائنا حول العالم حول إمكانية إرسال رسالة واضحة حول وقف مثل هذه الانتهاكات وكيف يمكن إرسال رسالة قوية إلى إيران وزيادة عزلتها». وفي مقابلة لها مع وكالة «أسوشييتد برس»، قالت كلينتون «هذا في الواقع، في رأي كثير من الدبلوماسيين والمسؤولين الحكوميين، يعتبر تجاوزا للحدود وينبغي محاسبة إيران على ذلك». وأضافت «لا أحد يستطيع أن يختلق فكرة أنهم حاولوا إغراء عصابة مخدرات مكسيكية بالمال لقتل السفير السعودي، أليس كذلك؟» وقالت كلينتون إن هذا المخطط «يؤدي إلى إمكانية ردود فعل دولية من شأنها أن تزيد من عزلة إيران». وأفادت مصادر دبلوماسية أميركية لـ«الشرق الأوسط» بأن واشنطن تدرس مقترحات عدة من بينها عقوبات جديدة ضد إيران بالإضافة إلى الضغط على دول عدة لاتخاذ إجراءات أحادية ضد إيران وعزلها. وتشدد واشنطن في الوقت نفسه على نجاح العملية الأميركية في إفشال هذه الخطة. وقال مسؤول من البيت الأبيض لـ«الشرق الأوسط» إن هذا «تحقيق ناجح من قواتنا الأمنية ويبرهن على نجاح عملياتها الدقيقة». وأضاف المسؤول «هذا انتهاك للقانون الدولي قامت به إيران ويجب محاسبتها عليه».

من جهته قال جون بينر رئيس مجلس النواب الأميركي أمس إنه يتعين على إدارة الرئيس باراك أوباما اتخاذ إجراءات ضد إيران «تجعلها تشعر بالألم». وطالب عضو الكونغرس الجمهوري ورئيس لجنة مجلس النواب الأميركي للأمن القومي بيتر كينغ بمحاسبة إيران. واعتبر كينغ في بيان أمس أن المخطط الإيراني يشكل «عملا حربيا» ضد الولايات المتحدة، مضيفا «يجب إبقاء كل الخيارات مطروحة على الطاولة للرد»، بما فيها الخيار العسكري. وقامت وزارة الخارجية الأميركية أمس باستدعاء السفراء المندوبين لدى الولايات المتحدة وأكدت لهم عزم السلطات الأميركية حماية الدبلوماسيين لديها. وقدم مسؤولون أميركيون شرحا للخطة المزعومة بالتفصيل بالإضافة إلى إعطاء الضمانات لحماية الدبلوماسيين. كما التقت كلينتون أمس بالسفيرة السويسرية لدى طهران ليفيا ليو أغوستي لبحث الشأن الإيراني، حيث إن سويسرا راعية المصالح الأميركية في إيران. ومن اللافت أن الولايات المتحدة حاولت عدم التصعيد ضد إيران خلال اعتقال الشابين الأميركيين جوش فاتال وجوش سترود في إيران، للتأكد من سلامتهما. ولكن منذ إطلاقهما نهاية الشهر الماضي أخذت الإدارة الأميركية تصعد ضد النظام الإيراني.

وأصدرت واشنطن أمس تنبيها دوليا إلى رعاياها من تهديد الإرهاب، حيث صعدت حالة الإنذار في البلاد. وأفاد بيان من وزارة الخارجية الأميركية بأن «وزارة الخارجية الأميركية تنبه المواطنين الأميركيين من احتمال عمليات ضد الولايات المتحدة بعد إفشال الخطة المرتبطة بإيران للقيام بهجوم إرهابي كبير في الولايات المتحدة».

من جانبها قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن المخطط الإيراني المفترض لقتل السفير السعودي في واشنطن يتطلب ردا دبلوماسيا وليس عسكريا، مقللة من احتمال شن عمل عسكري. وصرح جون كيربي المتحدث باسم وزارة الدفاع للصحافيين أن «الجيش الأميركي لديه مخاوف منذ فترة طويلة بشأن التأثير السيئ لإيران في المنطقة. ولكن فيما يتعلق بهذه القضية فإنها مسألة قضائية ودبلوماسية». وفرضت وزارة الخزانة الأميركية أمس عقوبات على شركة «مهان» الإيرانية للطيران واتهمتها بنقل أعضاء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله سرا إلى واشنطن. وجاء الإعلان بعد يوم من اتهام واشنطن عددا من عناصر الحرس الثوري بالضلوع في مخطط لقتل السفير السعودي في واشنطن.

وتعتبر الولايات المتحدة أن خطة الاغتيال تشكل محاولة إرهابية ضد مصالح الولايات المتحدة على أراضيها. وعقد أوباما اجتماعا مع مجلس الأمن القومي صباح أول من أمس وتشاور مع مسؤوليه الأمنيين صباح أمس حول الخطوات المقبلة. وقالت السلطات الأميركية إنها كشفت مؤامرة دبرها رجلان مرتبطان بأجهزة أمنية إيرانية لاغتيال السفير السعودي. وألقي القبض على أحدهما في الشهر الماضي بينما يعتقد أن الآخر موجود في إيران الآن. وأعلنت السلطات المكسيكية أنها تعاونت بشكل وثيق مع التحقيقات الأميركية، مؤكدة أنها منعت عرببسيار من دخول البلاد وأعادته إلى نيويورك في طائرة حيث اعتقلته السلطات الأميركية.

وأعلن وزير العدل الأميركي إيريك هولدر أول من أمس اتهام إيرانيين اثنين بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن في إطار «مؤامرة خططت لها ونظمتها وأدارتها» إيران. وقال هولدر في مؤتمر صحافي إن منصور عرببسيار وغلام شاكوري متهمان بالمشاركة في هذه المؤامرة «بقيادة عناصر في الحكومة الإيرانية». وقالت وزارة العدل الأميركية في بيان إن الإيرانيين ملاحقان خصوصا بتهمة «التآمر لقتل مسؤول أجنبي» و«استخدام سلاح دمار شامل (متفجرات) » و«التآمر بهدف ارتكاب عمل إرهابي دولي».

ومن جهتها، وصفت إيران الاتهامات الأميركية لها في مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن بـ«المؤامرة الشيطانية»، وذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة نشرت أول من أمس.

واتهم عدد من كبار مسؤوليها الولايات المتحدة بمحاولة تحويل الانتباه عن مشاكلها الداخلية وزرع الخلاف بين إيران والدول العربية المجاورة لها. وقال رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني إن الاتهامات الأميركية «لعبة صبيانية» لتحويل انتباه الرأي العام الأميركي.