الأمير سعود الفيصل: لن نرضخ للضغوط.. وسنحاسب إيران على أي إجراء تتخذه ضدنا

وزير الخارجية السعودي لـ«الشرق الأوسط»: إذا أرادت إيران الزعامة فلتحاول.. وهذه شروطها

الأمير سعود الفيصل في المؤتمر الصحافي الذي عقده في فيينا أمس (رويترز)
TT

أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، أن بلاده ستحاسب إيران على أي تحركات عدوانية، ووصف المؤامرة لقتل سفير المملكة العربية السعودية في واشنطن بأنها «خسيسة». واتهم الأمير سعود الفيصل طهران بالسعي للنفوذ في الخارج من خلال «القتل وإحداث الفوضى». وأضاف «لن نرضخ لهذا الضغط (الإيراني) وسنحاسبهم على أي إجراء يتخذونه ضدنا».

وفي تصريحات في فيينا، حيث يبحث فتح مركز للحوار بين الأديان، قال وزير الخارجية السعودي «أي إجراء يتخذونه ضدنا سيقابله رد فعل محسوب من السعودية.. هذه ليست المرة الأولى التي يشتبه فيها بقيام إيران بأعمال مشابهة»، وندد بالمحاولات الإيرانية لمحاولة التدخل في شؤون الدول العربية.

ولدى سؤاله عن الإجراءات الملموسة التي قد تتخذها السعودية ضد إيران أجاب «لننتظر ونرَ».

وقال الأمير سعود الفيصل خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده ونظيراه النمساوي ميخائيل اشبندلنغر والإسبانية ترينداد غارسيا هيريرا عقب توقعيهم وثيقة تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لحوار الأديان والثقافات بالعاصمة النمساوية فيينا، إن «الدسائس والمؤامرات لن تؤدي إلى نتيجة، خاصة مع المملكة العربية السعودية»، معلنا أن بلاده تُحمل إيران مسؤولية ما تكشف عن خطة لاغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، معددا أن إيران هي التي خططت وأن إيران هي التي مولت وما ذلك إلا رغبة منها في زيادة المشاكل بين الدول وخلق زعزعة في العلاقات»، مضيفا «إيران تحاول ممارسة ضغوط وسياسات استفزازية لن ترضخ لها المملكة التي سيكون لها رد فعل محسوب ومقدر»، مبديا أسفه لاتباع إيران لسياسات لن تقودها إلا لطريق مسدود بعيدا عن مسار وضوابط القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار، قائلا: «يؤلمنا ذلك، فإيران دولة جارة وإيران دولة مسلمة ولم نتوقع أن تقوم بعمل كهذا».

وفي تصريح خص به «الشرق الأوسط»، عقب المؤتمر الصحافي قلل وزير الخارجية السعودي من شأن ما يقال من أن إيران تسعى وبشدة لمنافسة المملكة العربية السعودية في زعامة المنطقة بقوله «فلتحاول إيران، ولو تبغي (ترغب)، تفوت خليها تفوت.. لكن على القائد أن يراعي مصالح من يرعاهم وليس مصلحته وحده».

وردا على سؤال في المؤتمر الصحافي بشأن إن كانت المملكة ستستدعي سفيرها من طهران؟ أجاب: لننتظر ونرَ حتى تقرر المملكة، مواصلا أن المعلومات الواردة تدين إيران، منددا بما وصفه محاولات إيران التدخل في الشؤون العربية، موضحا أن «هذا الحادث ليس هو الأول من نوعه لتدخل إيراني في الشؤون العربية إذ ألقت الكويت القبض من قبل على عملاء إيرانيين كما تدخلت إيران في لبنان والعراق ودول أخرى».

وتعليقا على القول بأن تكوين مركز للحوار يعد ثمرة من ثمار «الربيع العربي» وما تشهده بعض الدول العربية من أحداث وتحركات، دعا وزير الخارجية السعودي لعدم الإسراع بإطلاق الأحكام جزافا وترك الأمور حتى تتضح، متمنيا أن يصبح الحال في مصر وتونس أحسن مما كان عليه في السابق، متسائلا: كيف يصف البعض ما يشهدونه بأنه فوضى بناءة، مستنكرا أن تكون الفوضى بناءة.

في سياق آخر، شدد الأمير سعود الفيصل على أهمية الدور الذي من المقرر أن يقوم به مركز الملك عبد الله في تسهيل وتوفير فرص لحوار شامل ومكثف يجمع بين الأديان كافة، معلنا استعداد بلاده لسد أي ثغرات مادية تعترض مسيرة المركز. واستغرب في رد على سؤال أن تقوم المملكة وحدها بتوفير كل المتطلبات المالية للمركز حتى عام 2014 بقوله «إن تمويل المركز سيتم مشاركة وفق بند حدد في ميثاق تأسيسه، وإن ما قدمته السعودية من دعم مادي يجيء من منطلق إيمانها بأهمية الحوار الذي لا بديل عنه»، مشيرا إلى أن الدعم المالي السعودي يتم دون أي تدخلات سياسية وإنما بقصد أن يوفر المركز فرصا واسعة تعضد من التسامح وتقلل من الكراهية والتطرف وسوء استغلال الدين ووسائل التقنية الحديثة في العنف والشطط والتطرف».

وأكد الأمير سعود الفيصل أن المملكة لا ترى للحوار بديلا، مشيرا إلى أن بلاده تعمل ضد الكراهية والتطرف، وأن الإسلام دين تسامح.

من جانبهما أبدى الوزيران النمساوي والإسبانية سعادتهما للجهد الذي بذلته المملكة العربية لتأسيس مركز للحوار بين الديانات والثقافات، وأكدا على أهمية تكوين مرفق كهذا وفق أسس توطد لحق المساواة والمشاركة الجماعية بين أطرافه كافة بما يحقق شفافية في التعامل والتعاون.

هذا ويجيء تأسيس مركز عالمي لحوار الأديان نتيجة للمبادرة التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود من مكة المكرمة في 4 يونيو (حزيران) 2008 للحوار بين مختلف الأديان بهدف التفاهم والحد من التطرف والعداء وللعمل من أجل أن يحل الحوار والتسامح والتواصل والعدالة محل الخصام والكراهية والحقد والظلم.

وكانت فكرة المبادرة قد شهدت قبولا دوليا غير مسبوق توثق في اجتماعات عقد آخرها بمدينة جنيف السويسرية، سبقه اجتماع بالعاصمة النمساوية، فيما شهدت مدينة مدريد العاصمة الإسبانية في 19 يوليو (تموز) 2008 أول اجتماع كامل الأطراف، ومن ثم حصدت المبادرة مزيدا من الزخم العالمي على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر (أيلول) 2008 بحضور الملك عبد الله الذي دعا لتكوين جبهة موحدة ضد الإرهاب وتعزيز التسامح الديني.