أوباما: حقائق محاولة إيران اغتيال السفير السعودي ليست محل جدال

خادم الحرمين يتلقى اتصالا من الرئيس الأميركي.. والبيت الأبيض: القائدان شددا على رد دولي متحد لمحاسبة المسؤولين عن هذه التصرفات

عقد مجلس الشيوخ جلسة استماع لمناقشة احتمال فرض عقوبات اقتصادية إضافية على إيران في ضوء المؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن ويظهر (من اليسار) وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ويندي شيرمان ووكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية ديفيد كوهين، ومساعد وزير التجارة ديفيد ميلز (أ.ف.ب)
TT

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، أن الحقائق بشأن الإعلان الأميركي عن محاولة عناصر من الحكومة الإيرانية اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ليست موضع جدال.

وصرح في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ-باك «الآن أصبحت هذه الحقائق مطروحة للجميع لكي يروها». وأضاف «لم نكن لنعلن عن تلك القضية لو لم نكن نعلم تماما كيف ندعم جميع المزاعم التي يشتمل عليها الاتهام» مضيفا أنه لا جدال مطلقا بشأن ما حدث.

وقال إن حكومته اتصلت بحلفائها وعرضت عليهم الحقائق بعد اكتشاف المخطط المفترض. وأضاف «نعتقد أنه بعد أن قام الناس بتحليل (تلك الحقائق) فلن يكون هناك جدال أن ذلك هو ما حدث في الحقيقة». وتابع «إن هذا ليس مجرد تصعيد خطير بل هذا جزء من نمط سلوكي خطير ومتهور من قبل الحكومة الإيرانية».

وأكد أوباما أن أفرادا في الحكومة الإيرانية كانوا على علم بالمؤامرة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن وينبغي محاسبتهم. وأضاف «نحن نعتقد أنه حتى إذا لم تكن هناك معرفة تفصيلية على أعلى المستويات فلا بد من المحاسبة». وقال «من المهم أن تقدم إيران إجابة للمجتمع الدولي: لماذا يقوم أي شخص في حكومتها بمثل هذه الأعمال؟».

وقال الرئيس إنه سيترك أمر الكشف عن تفاصيل المخطط الإرهابي المفترض لوزير العدل إيريك هولدر الذي تقدم باتهامات ضد رجلين يشتبه بأنهما وراء التخطيط لعملية القتل هذا الأسبوع.

وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تلقى اتصالا هاتفيا من أوباما مساء أول من أمس قالت وكالة الأنباء السعودية إنه تم خلاله استعراض أحداث المحاولة الآثمة لاغتيال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة وإدانة هذه المؤامرة ومن يقف وراءها. كما جرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تطويرها وآخر المستجدات في المنطقة.

وأفاد بيان من البيت الأبيض أمس أن «الرئيس أوباما تحدث مع العاهل السعودي حول إفشال المؤامرة الإيرانية لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن»، مضيفا أن «الرئيس والملك اتفقا على أن هذه الخطوة تمثل انتهاكا فاضحا للقوانين الدولية الأساسية والأخلاقيات الدولية». وأكد البيان أن القائدين «شددا على الالتزام المشترك للولايات المتحدة والسعودية للحصول على رد دولي متحد لمحاسبة المسؤولين عن هذه التصرفات». وأضاف البيان أن «الرئيس أوباما والعاهل السعودي أكدا الشراكة القوية بين الولايات المتحدة والسعودية». وهناك تركيز أميركي على نجاح السلطات الأميركية في إفشال المخطط الذي تمت متابعته منذ الصيف الماضي. وقال البيان إن خادم الحرمين وأوباما «أشادا بعمل الأجهزة الاستخباراتية والأمنية التي أدت إلى إفشال هذا المخطط».

إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة أنها أجرت «اتصالات مباشرة مع إيران» بشأن مخطط اغتيال السفير عادل الجبير.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند للصحافيين ردا على سؤال حول ما إذا كان قد جرى أي اتصال بين الحكومتين «لقد أجرينا اتصالا مع إيران»، مضيفة أن ذلك تم الأربعاء ولم يجر في إيران.

وقالت فيكتوريا نولاند في مؤتمر صحافي «أجرينا اتصالا مباشرا مع إيران بشأن هذه القضية ولسنا مستعدين في الوقت الحالي للخوض في مسألة من تحدث إلى من وأين.. ولكن فقط لنؤكد أننا أجرينا اتصالا مباشرا مع إيران».

من جانبها قالت زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، إن على الولايات المتحدة أن توضح لحلفائها في العالم أن عليهم المساعدة على زيادة عزلة إيران كشرط لاحتفاظها بعلاقات جيدة مع واشنطن. وأضافت بيلوسي «ما علينا أن نفعله كبلد هو أن نكون صرحاء للغاية مع حلفائنا حول العالم وأن نقول إن إقامة علاقات جيدة معنا تعني اتخاذ موقف حاسم بشأن تطوير إيران سلاحا نوويا».

وصرحت بيلوسي للصحافيين بأنه تم إطلاعها على المخطط الإيراني المفترض لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير ووصفته بأنه «مؤشر آخر» على أن الجمهورية الإسلامية تمثل «تهديدا عالميا».

وقالت بيلوسي إن برنامج إيران النووي المشتبه به الذي يدعي الغرب أنه يخفي وراءه برنامجا لتطوير سلاح نووي «هو أخطر شيء يحدث في العالم اليوم ويجب وقفه».

وأضافت أن «مجرد أن إيران لديها برنامج نووي هو أمر يجب أن يكون مصدر قلق لكل بلد من بلدان العالم. وبالطبع فإنه مصدر قلق لإسرائيل بسبب قربها من إيران، ولكنها مسألة تهمنا جميعا».

وبينما هناك تنسيق حول الطريقة الأفضل للرد على الخطة التي تم الكشف عنها عصر الثلاثاء الماضي، من غير الواضح بعد الإجراءات المحددة التي سيتم اتخاذها على الصعيد الدولي. وبعدما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة ضد مصالح إيرانية خاصة «طيران مهان»، أكدت مصادر أميركية رسمية مواصلة بحث عقوبات جديدة ضد إيران بالإضافة إلى التنسيق مع الأوروبيين للتصعيد ضد إيران. وأوضح مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوات المطروحة تأتي ضمن إطار القانون الدولي «الذي انتهكته إيران». ومن بين الإجراءات التي قد تتخذ فرض ضغوط على إيران لمحاكمة أو تسليم عضو الحرس الثوري الإيراني غلام شاكوري إلى السلطات القضائية في الولايات المتحدة وإيران. فبموجب معاهدة تابعة للأمم المتحدة التي وقعتها طهران 1978، عليها الالتزام بـ«معاقبة ومحاسبة» أي شخص يتعرض لدبلوماسيي بلد آخر. وهذه نقطة تشدد عليها واشنطن في دفعها لمحاسبة إيران بموجب القانون الدولي.

ومن جهة أخرى، تتصاعد الأصوات الأميركية المطالبة باتخاذ موقف صارم من إيران خلال الفترة المقبلة. واعتبر عضو لجنة القوات المسلحة لدى مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون ماكين أن إيران تشكل «تهديدا» للخليج ويجب مراقبة تصرفات الحكومة الإيرانية. وأضاف ماكين في مقابلة مع قناة «سي بي إس» أن الرئيس الأميركي باراك أوباما فشل في دعم المعارضة الإيرانية مما سمح ببقاء النظام الإيراني الحالي. واعتبر ماكين أن تظاهرات صيف 2009 بعد الانتخابات الرئاسية شكلت «فرصة أضعناها» بسبب «تردد أوباما» في التعامل مع التظاهرات وإعطائها الدعم الكامل. وربط ماكين بين برنامج إيران النووي والمخطط الذي تم إفشاله، قائلا إن «مثل هذه التصرفات اللامسؤولة التي تظهرها إيران قد تعني مشكلة خطيرة حقا» في حال حصلت على أسلحة نووية. وأضاف أنه لا شك أن إيران تسعى إلى «فرض هيمنة فارسية» على المنطقة.

من جهة أخرى قال وكيل وزارة الخزانة الأميركية ديفيد كوهين، أمس، إن واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على البنك المركزي الإيراني لزيادة عزلة إيران ماليا.

وأشار كوهين، المسؤول بالوزارة عن مكافحة تمويل الإرهاب، في إفادة معدة للإدلاء بها أمام لجنة الشؤون المصرفية في مجلس الشيوخ، إلى أن «جهود إدارة الرئيس باراك أوباما لتشديد الضغوط المالية والتجارية على إيران تؤتي ثمارها، لكن يجري أيضا بحث أساليب أخرى لزيادة الضغوط».

وأضاف «يمكنني أن أؤكد للجنة مثلما قال وزير الخزانة (تيموثي) غايتنر في رسالته بتاريخ 29 أغسطس (آب).. كل الخيارات لزيادة الضغوط المالية على إيران مطروحة على الطاولة، بما في ذلك إمكان فرض عقوبات إضافية على البنك المركزي الإيراني».

وتتعرض إيران لعقوبات أميركية ودولية بسبب برنامجها النووي. وتقول إن نشاطها النووي سلمي ويستهدف توليد الكهرباء.

وقالت السلطات الأميركية يوم الثلاثاء إنها كشفت مؤامرة دبرها رجلان على علاقة بأجهزة أمن إيرانية، تتضمن استئجار قاتل محترف لقتل سفير السعودية لدى الولايات المتحدة عادل الجبير بقنبلة تزرع في مطعم. وألقي القبض على أحد الرجلين، وهو منصور أرباب سيار الشهر الماضي، بينما يعتقد أن الرجل الثاني موجود في إيران. ووصف كوهين هذا الأمر بأنه «تذكرة واضحة بأن التهديد العاجل والخطير الذي نواجهه من إيران لا يقتصر على طموحاتها النووية».

وبالرغم من أن المؤسسات المالية الأميركية ممنوعة بالفعل من التعامل مع أي بنك في إيران، بما في ذلك البنك المركزي، فقد قال كوهين إن فرض عقوبات أميركية إضافية على البنك المركزي الإيراني من شأنه أن يزيد عزلة ذلك البنك؛ إذا نالت هذه العقوبات الدعم الدولي.

ومارست الولايات المتحدة ضغوطا شديدة حتى تتوقف الحكومات والشركات عن التعامل مع إيران، وبات من الصعب على إيران القيام بمعاملات تجارية بسبب العقوبات على قطاعها المالي.