الفيصل من فيينا: اتفاقية مركز الملك عبد الله ملتزمة بحقوق حرية الفكر والاعتقاد والدين

نقل تحيات خادم الحرمين الشريفين إلى حكومة النمسا وشعبها

الأمير سعود الفيصل (يسار) يصافح نظيرته الإسبانية ترينيداد خيمينيث فيما يقف بينهما وزير الخارجية النمساوي مايكل سبينديليغر خلال حفل التوقيع على إنشاء «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» في العاصمة النمساوية فيينا أمس (إ.ب.أ)
TT

قدم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي شكر وتقدير حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلى حكومة النمسا التي ستحتضن مقر «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات».

كما وجه الشكر إلى مملكة إسبانيا على تعاونها الذي مكن من ترجمة هذه الرؤية النبيلة إلى أرض الواقع، وإلى القيادات والمؤسسات الدينية من مختلف الأديان الذين دعموا هذه الرؤية وارتضوا تحمل المسؤولية لتدشين هذا المركز المعبر بوضوح عن هذه الرؤية النبيلة.

ونقل الأمير سعود الفيصل في كلمة ألقاها عقب التوقيع على اتفاقية إنشاء المركز تحيات خادم الحرمين الشريفين لحكومة وشعب النمسا وجميع الحاضرين لحفل التوقيع.

وأكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أن اتفاقية إنشاء «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» في فيينا هي اتفاقية متعددة الأطراف ومفتوحة أمام الدول الأخرى والمنظمات الدولية للتوقيع بصفة أطراف أو مراقبين.

وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نائب المستشار ووزير الشؤون الأوروبية والدولية النمساوي ميخائيل شبندلغر ووزيرة خارجية إسبانيا ترينيداد خمينيس غارسيا هيريرا، إن اتفاقية إنشاء المركز تستند إلى أهداف ميثاق الأمم المتحدة وإلى الإعلان العالمي لمؤتمر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المنعقد في 18 يوليو (تموز) 2008م وإلى قرار الأمم المتحدة حول تعزيز الحوار والتفاهم والتعاون من أجل السلام بين أتباع الأديان والثقافات المنعقد في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008م.

وأضاف أنه علاوة على ذلك تؤكد الاتفاقية على مبادئ وقيم الحياة والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بدون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

وأكد الفيصل أن الاتفاقية، التي وقعت أمس في فيينا، تلتزم صراحة بالمبادئ الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبخاصة الحق في حرية الفكر والاعتقاد والدين وتتعهد بمكافحة جميع أشكال التمييز على أساس الدين أو المعتقد.

وقال إن المركز يهدف إلى تعزيز العدالة والسلام والتصالح والتصدي لإساءة استخدام الدين من أجل تبرير القمع والعنف والصراع وتعزيز الاحترام والمحافظة على الطابع المقدس لجميع الأماكن المقدسة والرموز الدينية ومواجهة التحديات المعاصرة للمجتمع والحفاظ على البيئة والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية والتعليم الأخلاقي والديني والتخفيف من آثار الفقر.

وأشار إلى أن «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات» سيكون منتدى لممثلي الديانات الرئيسية في العالم والمؤسسات الدينية والحضارية والخبراء الدينيين والتعاون مع منظمات الحوار بين الأديان والحضارات، مؤكدا أن العالم الذي تعاني فيه البشرية من انقسامات وصراعات ناتجة غالبا عن سوء الفهم بحاجة ملحة إلى مؤسسة وسيطة مثل «مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات».

وقال إن التعايش المسؤول في البعدين الديني والروحي لا يشكل أي تهديد وإن الحوار يمكن أن يكون أساسا لاكتشاف أوجه التشابه والتقارب.

من جهته، أشاد نائب المستشار ووزير الشؤون الأوروبية والدولية في جمهورية النمسا ميخائيل شبندلغر بجهود خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ودوره الرائد على الصعيد العالمي لدعم الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات، مضيفا أن ما يحدث في العالم اليوم يؤكد الرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين وصواب دعوته لضرورة إرساء إطار مستدام للحوار وأن المركز هو خطوة إلى الأمام لحفز هذا الحوار.

أما وزيرة خارجية إسبانيا ترينيداد خمينيس فقالت إن المركز يعد ثمرة جهود جبارة بذلها خادم الحرمين الشريفين وتمت بالتنسيق مع إسبانيا منذ عام 2008، معتبرة المركز بمثابة عمل يصب في نفس توجهات سياسة إسبانيا الخارجية.

وأضافت أن خادم الحرمين الشريفين دعا بوضوح إلى جعل الحوار أداة فعالة لحل الخلافات وأن إنشاء المركز يعد فرصة ثمينة لجميع مكونات المجتمع الروحية والدينية والثقافية لتعزيز التقارب بينها واعتبار أنه لا بديل عن حوار مفتوح بين الحضارات.

وقالت الوزيرة الإسبانية إن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن الحوار الديني والروحي.

وكان الفيصل قد قال في كلمته، إن جميع الديانات الأساسية تشترك في قيم جوهرية تدعو للتقدم والعدالة الاجتماعية والتسامح وحفظ الكرامة البشرية وإن الهدف الأساسي لجميع الديانات يتركز في الدعوة للخير والتصدي للشر في الحياة.

وأضاف أنه إدراكا منه لأهمية هذه الأهداف النبيلة، أطلق خادم الحرمين الشريفين نداءه المخلص لكل دول وشعوب العالم لنشر الحوار بين أتباع مختلف الديانات والثقافات التي تشكل تراث البشرية جمعاء.

وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أنه على الصعيد الإسلامي عقد خادم الحرمين الشريفين القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة في ديسمبر (كانون الأول) 2005م، ثم انعقد مؤتمر آخر للحوار بين علماء الإسلام بمختلف مذاهبهم ومدارسهم أيضا في مكة المكرمة في مايو (أيار) 2008م، وقد أكد كلا المؤتمرين على سماحة ووسطية الدين الإسلامي الحنيف وبراءته من الأفكار المشوهة القائمة على الكراهية والتطرف التي يحاول البعض إلصاقها به ظلما وبهتانا.

وأوضح وزير الخارجية السعودي، أنه تلا ذلك على الصعيد العالمي انعقاد المؤتمر العالمي للحوار في مدريد في يوليو 2008م وافتتحه خادم الحرمين الشريفين، وملك إسبانيا، بمشاركة ممثلين عن مختلف الديانات والثقافات الذين دعوا إلى إنشاء إطار مؤسساتي للحوار العالمي، مؤكدين على حفظ الكرامة الإنسانية ونشر حقوق الإنسان ودعم السلام والوفاء بالعهود واحترام تراث الشعوب وحقهم في الحرية والأمن وتقرير المصير.

وقال: «إنه تم بعد ذلك انعقاد اجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2008م بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات، ليعكس التأييد الدولي الواسع لهذه المبادرة نتيجة لإدراك جميع المجتمعات بوجود حاجة ملحة لنشر قيم الحوار والتسامح بين الجماعات الدينية والثقافية».

وأكد الأمير سعود الفيصل أنه «نتيجة لهذه الجهود التراكمية النبيلة نجد أنفسنا هنا في فيينا التي ستحتضن (مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات)»، مبديا استعداد المملكة للمساهمة في التمويل ووضع كل ثقلها السياسي والمعنوي تأييدا ودعما للمركز دون التأثير بأي شكل على استقلالية المركز وممارسته لعمله بعيدا عن أي تدخلات سياسية.

كما أكد أنه لا يمكن لعالمنا النجاة بدون بلورة منظومة أخلاقية عالمية، مضيفا: «هنا تؤدي الأديان دورا أساسيا لا غنى عنه، ولا يوجد سلام عالمي بدون وجود سلام ديني».

وفي ختام كلمته، أعاد الأمير سعود الفيصل للأذهان ما قاله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «النجاح يعتمد على التركيز على العوامل المشتركة التي توحدنا، خاصة الإيمان بالله والقيم النبيلة والمبادئ الأخلاقية التي تمثل جوهر الدين».