صفقة جديدة لمبادلة ضابط إسرائيلي بمحتجزين مصريين.. ومصادر تؤكد عدم علاقتها بـ«شاليط»

مصر تؤكد القيام بدوريات جوية على الحدود مع إسرائيل.. وتل أبيب تبحث عن مقر جديد لسفارتها بالقاهرة

TT

بعد يوم من اعتذار إسرائيل الرسمي عن قتلها لستة جنود تابعين للقوات المصرية داخل حدود سيناء، وهو ما حدث بالتوازي مع إعلان نجاح صفقة تبادل الجندي جلعاد شاليط بمئات الأسرى الفلسطينيين، ترددت أنباء عن وجود صفقة أخرى لمبادلة الضابط الإسرائيلي إيلان جرابيل، الذي تتهمه القاهرة بالتجسس لصالح الموساد بعدد من المصريين المحتجزين بالسجون الإسرائيلية.

وتظهر إسرائيل في الأيام الأخيرة بمظهر من يحاول رأب العلاقات - التي توترت في الآونة الأخيرة - وتحسين الصورة الخارجية أمام جيرانها والعالم، ولكن تصريحات لقائد سلاح الجو المصري أمس تسببت في انزعاج تل أبيب، والتي أكدت مصادرها الدبلوماسية أنها تبحث عن مبنى بديل لسفارتها في العاصمة المصرية، عوضا عن ذلك الذي هاجمه مصريون غاضبون منتصف الشهر قبل الماضي. وبينما دخلت أزمة الجاسوس جرابيل، الذي قبض عليه في القاهرة قبل عدة شهور، منعطفا جديدا بما تناقلته تقارير صحافية حول أن القاهرة بصدد مبادلته بمسجونين مصريين في سجون إسرائيلية، إلا أن مصدرا دبلوماسيا مصريا رفيع المستوى رفض الربط بين قضية إيلان جرابيل واتفاقية تبادل الأسرى التي أبرمت مؤخرا بين حماس وإسرائيل فيما يخص الجندي جلعاد شاليط.

وقال المصدر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «هذه مسألة وهذه مسألة أخرى، والربط بينهما تم في الإعلام فقط وليس له وجود أو سند في الدوائر السياسية».

من جهته، أوضح الخبير الأمني اللواء سامح سيف اليزل، رئيس مركز الجمهورية للدراسات الأمنية والاستراتيجية، أن الولايات المتحدة طلبت الإفراج عن جرابيل كونه يحمل الجنسية الأميركية بالإضافة إلى جنسيته الإسرائيلية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «جرابيل طلب كذلك خلال التحقيق معه إثبات جنسيته الأميركية، هو يعرف جيدا أن ذلك يوفر له مساعدة أكثر في قضيته».

ووفقا لسيف اليزل فإن إثبات جنسية جرابيل الأميركية كفل له حق الرعاية من السفارة الأميركية وحق توكيل محام وحضور الجلسات وتوفير الزيارة، وهو ما لم يكن ليتوفر له مؤخرا بسبب مغادرة طاقم السفارة الإسرائيلية للقاهرة.

وقبل أسبوع، كشف الإعلام الإسرائيلي أن وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، سيزور مصر حاملا ملف الإفراج عن جرابيل على رأس أولوياته، وتناول حينها الإعلام المصري القضية كون الجاسوس أميركيا.. لكن الزيارة تمت دون الإفراج عن جرابيل.

ورغم التقارير التي أكدت على أن بانيتا سيصطحب الجاسوس في رحلة عودته إلى أسرته ووالديه الذين زاروه بمحبسه بأحد السجون المصرية قبل عدة أيام، لكن القاهرة بدا أنها لم تقبل على هذه الخطوة في هذا التوقيت الدقيق، خاصة مع الغضب الشعبي العارم تجاه إسرائيل، وهو الأمر الذي نفاه المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، كما نفى مناقشة الموضوع من الأساس مع وزير الدفاع الأميركي.

وكشفت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن مصر طلبت في مقابل جرابيل عدة طلبات أخرى غير مسألة المبادلة، منها طلبات عسكرية وأمنية أخرى، رفض المصدر الخوض في تفاصيلها لحساسيتها.

ولفت اللواء اليزل إلى أن المفاوضات بشأن جرابيل كانت توقفت لفترة طويلة، في نفس الوقت الذي استمرت فيه التحقيقات والتي تم فيها إضافة تهمة الاشتراك والتحريض على حرق ومهاجمة أقسام الشرطة المصرية خلال الثورة. وكان جرابيل، الذي شارك في الحرب ضد لبنان في يوليو (تموز) 2006، قد اتهم أيضا بالمساهمة في تأجيج الفتنة الطائفية التي شهدتها منطقة إمبابة في مايو (أيار) الماضي.

وفي غضون ذلك، أعلن قائد القوات الجوية المصري الفريق جوي رضا محمود حافظ أمس أن بلاده تقوم بدوريات جوية على الحدود مع إسرائيل دون طلب موافقة الدولة العبرية، رغم أن معاهدة السلام بين البلدين تحد الوجود العسكري المصري في سيناء. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية عن الفريق حافظ قوله إن «سيناء أرضنا.. ولسنا بحاجة لتصريح لزيادة قواتنا على أراضينا»، مضيفا أن «الطائرات المصرية تقوم بدوريات لتأمين كافة الحدود المصرية، ومنها الحدود الشرقية».

ورغم أن معاهدة السلام، الموقعة بين مصر وإسرائيل في عام 1979، لا تسمح بوجود قوات الجيش المصري على أجزاء من سيناء، فإن إسرائيل أشارت في مطلع أغسطس (آب) الماضي إلى أنها أعطت موافقتها لتعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء، بعد تأكدها من استخدام المنطقة لشن هجمات على أراضيها.

وأعربت أوساط إسرائيلية غير رسمية عن قلقها من تصريحات الفريق حافظ، واعتبرتها «بادرة استفزازية جديدة».. لكن الدوائر الحكومية في إسرائيل لم تصدر موقفا رسميا بعد من هذا التصريح بسبب عطلة عيد العرش الطويلة، التي تستمر حتى صباح بعد غد، الأحد.

إلى ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية في تل أبيب، أن إسرائيل قررت التنازل عن مبنى السفارة الحالي في القاهرة، والبحث عن مبنى آخر ذي مواصفات جديدة تناسب احتياجاتها الأمنية. وقالت المصادر إن جهاز الأمن في وزارة الخارجية الإسرائيلية توصل إلى قناعة بأن المقر الحالي، الذي تعرض لهجوم من المتظاهرين المصريين قبل شهرين وحوصر فيه ستة من رجال الأمن الإسرائيليين، لم يعد مناسبا للعمل الدبلوماسي الإسرائيلي في العاصمة المصرية. فهو موجود في عمارة بقلب المدينة ولا توجد فيه استقلالية. وعليه، فإنها تفتش عن مقر مستقل، يمكن لها حمايته في عدة دوائر أمنية، مثل السفارة الإسرائيلية في عمان وعواصم أخرى.