حملة إلكترونية تطالب بالإفراج عن المدونة طل الملوحي

المعارضة السورية كرست احتجاجات الثلاثاء الماضي باسمها

المدونة طل الملوحي
TT

«ستبقى مثلا» شعار تضعه الشابة السورية طلّ الملوحي قرب صورة المهاتما غاندي، في بداية مدونتها الخاصة على الإنترنت. المدونة التي تحتوي بعض الآراء السياسية معظمها موجه لنقد إسرائيل وممارساتها الوحشية ضد الفلسطينيين، تسببت بتاريخ 27/ 12/ 2009 باعتقال الشابة التي تبلغ من العمر 19 عاما من قبل جهاز أمن الدولة التابع للنظام السوري، حيث استدعى عناصر من هذا الجهاز طل بنت دوسر الملوحي، لسؤالها عن مقال كانت كتبته ووزعته على الإنترنت، وبعد أيام من استدعائها حضر إلى منزلها عدد من عناصر الجهاز وأخذوا جهاز الحاسوب الخاص بها وكل ما يتعلق بذلك.

وبعد 13 شهرا على اعتقال الفتاة التي تتحدر من مدينة حمص، وكانت تحضر قبل اعتقالها لتقديم فحوص الشهادة الثانوية (البكالوريا)، وتعتبر من المتميزات في دراستها، في 14 فبراير (شباط) 2011، تمت محاكمتها وعوقبت بالسجن لخمس سنوات بتهمة إفشاء معلومات لدولة أجنبية.

المرصد السوري لحقوق الإنسان دافع آنذاك عن طل الملوحي، معتبرا، على لسان رئيسه رامي عبد الرحمن: «كنا نعتقد أن اعتقال (طل الملوحي) جاء على خلفية كتاباتها لبعض المقالات على الشبكة العنكبوتية وعلى المدوّنة التي تشرف عليها. ولكن، مع الأسف، خلال البحث في كتاباتها رأينا أن ما كتبته هو تأييد لفلسطين، ولا نعتقد أن من يؤيد فلسطين يعتقل في سوريا الآن. ولكن من خلال المعلومات التي لدينا تبين أيضا أن هناك بعض التقارير الأمنية التي أتت من الخارج، من بعض السوريين في الخارج الذين يشاهدون شبكة الإنترنت وعلى ما يبدو أنهم على علاقة بالأجهزة الأمنية، قد أدت إلى اعتقال طل الملوحي».

والسؤال المطروح، يضيف عبد الرحمن: «كيف يمكن أن تكتب طل الملوحي ضد السلطة في سوريا، وجدها كان وزيرا سابقا في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد؟»، ويقول: «نحن نأمل، كمرصد سوري لحقوق الإنسان، أن تكف الأجهزة الأمنية عن التضييق على النشطاء في حقوق الإنسان، وعلى المدونين، وأن تطلق حرية الإعلام والصحافة في سوريا».

نتيجة الضغوط التي مارستها منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية، إضافة إلى الحملات المنددة باعتقال أصغر مدونة في العالم، كما وصفها بعض الناشطين، عمد النظام السوري عبر بشرى كنفاني، مديرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية السورية، إلى إصدار تصريح رسمي يتعلق بالقضية يشير إلى أن «طل جندت عن طريق ضابط نمساوي التقت به في القنيطرة، ممن يعملون في قوات حفظ السلام، وتعرف إليها وهي في عمر 15 سنة، وقدم الأخير لها الهدايا ومبالغ مالية، وطلب منها بعد ذلك بفترة أن تسافر إلى القاهرة وأسرتها، حيث أمّن لها بعد انتقالها إلى هنالك في 29 - 9 - 2006 سكنا في حي شعبي بمنطقة حلوان، وتم ذلك بالتنسيق بين الضابط وشخص مصري آخر اسمه أحمد فوزي حبيب، وقام الأخير بافتتاح مقهى إنترنت مع والدها». وقالت إنه «في شهر أغسطس (آب) 2008، جاء الضابط النمساوي لمصر، والتقى بها وأقام معها علاقة، وصورها، ومن ثم قدم القرص الليزري الذي يتضمن صوره الفاضحة معها للسفارة الأميركية في القاهرة، لتقدم بعد ذلك الشابة طل إلى ضابط مخابرات أميركي، طلب منها بدوره معرفة أدق التفاصيل عن عمل السفارة السورية في القاهرة، والتركيز على موظف دبلوماسي فيها يعمل سكرتيرا ثالثا، هو سامر ربوع سيتعرض لاحقا لمحاولة اغتيال».

آثار هذا التصريح في حينه استياء المنظمات الحقوقية الداعمة لقضية طل الملوحي، واعتبرته غير أخلاقي، كما نفى ثائر الناشف، منسق حملة الدفاع عن الشابة السورية ما تردد عن صلة الفتاة بالسكرتيرة الثانية بالسفارة الأميركية في القاهرة، مؤكدا أن الأخيرة نفت نفيا قاطعا أي علاقة لسفارتها ولدولتها بالملوحي. واستغلت السفارة السورية بالقاهرة في شخص سفيرها يوسف الأحمد، حسب قول الناشف، الزيارة التي قامت بها طل إلى السفارة الأميركية في العيد الوطني الأميركي، والرسالة التي وجهتها على مدونتها الإلكترونية إلى الرئيس باراك أوباما أثناء زيارته للقاهرة عام 2009 لتوجيه تهم تتعلق بصلتها الشخصية بالسكرتيرة الثانية في السفارة الأميركية.

وتعتبر طل الملوحي واحدة من ناشطين كثر، قام النظام السوري باعتقالهم وحجز حريتهم، بسبب نشاطهم على الإنترنت، حيث ذكر تقرير أصدرته منظمة «مراسلون بلا حدود»، أن عددا كبيرا من ناشطي الإنترنت السوريين، كانوا خلف القضبان سنة 2009، مما جعل التقرير يصنف سوريا ضمن أكثر 12 دولة «معادية للإنترنت».

يذكر أنه، ومنذ اندلاع الاحتجاجات السورية، لم ينس ناشطون معارضون قضايا المعتقلين السياسيين في سجون النظام السوري، منها قضية طل الملوحي، فكانت تذكر في معظم البيانات والتصريحات، كما رفعت صورها في الكثير من المظاهرات المطالبة برحيل الأسد، حيث طالب المحتجون بإطلاق سراحها فورا. وتجلى اهتمام شباب الثورة في سوريا بقضية الشابة المعتقلة يوم الثلاثاء الماضي، حيث أطلقوا على المظاهرات المطالبة بالحرية ورحيل نظام الأسد «ثلاثاء الوفاء لطل الملوحي».